تتطلع تركيا إلى استضافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارة رسمية قريباً، وذلك بناءً على دعوة وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وتأتي هذه الدعوة في إطار سعي أنقرة للحفاظ على قنوات الحوار المفتوحة مع موسكو، خاصةً في ظل التطورات الإقليمية والدولية الراهنة. وتعتبر زيارة بوتين إلى تركيا ذات أهمية بالغة لمناقشة قضايا ثنائية وإقليمية متعددة، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمن الإقليمي.
أكد مصدر تركي لم يُفصح عن هويته لوكالة “نوفوستي” الروسية أن التحضيرات جارية لتحديد موعد الزيارة، وأن الجانب التركي يأمل في إتمامها في أقرب وقت ممكن. وكان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قد ذكر سابقاً أن الرئيس بوتين لديه دعوة قائمة لزيارة تركيا، وأن التنظيم سيعتمد على الظروف المناسبة. هذا التأكيد المتبادل يعكس رغبة الطرفين في مواصلة التعاون والحوار.
أهمية زيارة بوتين إلى تركيا في سياق العلاقات الثنائية
تتمتع تركيا وروسيا بعلاقات معقدة ومتعددة الأوجه، تشمل التعاون الاقتصادي والعسكري والطاقوي. على الرغم من وجود خلافات حول بعض القضايا الإقليمية، مثل سوريا وأوكرانيا، إلا أن البلدين حافظا على قنوات اتصال مفتوحة. وتعتبر تركيا شريكًا تجاريًا مهمًا لروسيا، خاصة في مجالات الطاقة والسياحة.
التعاون الاقتصادي والتجاري
تشهد التجارة بين البلدين نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت حجم التبادل التجاري 62 مليار دولار في عام 2022، وفقًا لبيانات وزارة التجارة التركية. تهدف تركيا وروسيا إلى زيادة هذا الحجم إلى 100 مليار دولار في المستقبل القريب. وتشمل أبرز الصادرات التركية إلى روسيا المنتجات الغذائية والمنسوجات والمواد الإنشائية، بينما تصدر روسيا إلى تركيا الطاقة والمعادن.
القضايا الإقليمية المطروحة
من المتوقع أن تتناول محادثات الرئيسين أردوغان وبوتين مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، بما في ذلك الوضع في أوكرانيا وسوريا وليبيا. تلعب تركيا دورًا مهمًا في جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وتسعى إلى إيجاد حل سلمي للأزمة. وفي سوريا، تتبنى تركيا موقفًا مختلفًا عن روسيا، حيث تدعم فصائل المعارضة وتعارض سياسات النظام السوري. وتشكل هذه الاختلافات تحديًا للعلاقات الثنائية، ولكن الحوار المستمر يساعد على إدارة هذه الخلافات.
توقعات حول جدول أعمال الزيارة ومناقشة الأزمة الأوكرانية
بالإضافة إلى العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، من المرجح أن تركز المحادثات على مبادرة الحبوب التي توسطت فيها تركيا والأمم المتحدة. تهدف هذه المبادرة إلى السماح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وتخفيف الأزمة الغذائية العالمية. ومع ذلك، علقت روسيا مشاركتها في المبادرة في عدة مناسبات، مما أثار مخاوف بشأن استمرارها. من المتوقع أن يناقش الرئيسان أردوغان وبوتين سبل إحياء المبادرة وضمان استمرار تدفق الحبوب.
تأتي هذه الزيارة في وقت حرج بالنسبة للعلاقات بين روسيا والدول الغربية، حيث تفرض العديد من الدول عقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. تحاول تركيا الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع كل من روسيا والغرب، وتجنب الانحياز إلى أي طرف. وتعتبر أنقرة أن الحوار مع موسكو ضروري للحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومنع تصعيد الأزمة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تشمل المناقشات التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك مشروع خط أنابيب “السيل التركي” الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا. تعتبر تركيا مركزًا إقليميًا مهمًا للطاقة، وتسعى إلى تعزيز دورها في هذا المجال.
من الجدير بالذكر أن تركيا تشهد حاليًا استعدادات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي من المقرر أن تجرى في مايو 2023. وقد تؤثر نتائج هذه الانتخابات على سياسة تركيا الخارجية وعلاقاتها مع روسيا.
في الختام، تعتبر زيارة بوتين إلى تركيا خطوة مهمة في سياق العلاقات الثنائية والجهود الإقليمية. من المتوقع أن تتناول المحادثات مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمن الإقليمي والأزمة الأوكرانية. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات والعقبات التي تواجه العلاقات بين البلدين، ويتوقف مستقبل هذا التعاون على قدرة الطرفين على إيجاد حلول لهذه التحديات. من المهم متابعة التطورات المتعلقة بموعد الزيارة وجدول أعمالها، بالإضافة إلى نتائج الانتخابات التركية وتأثيرها المحتمل على السياسة التركية تجاه روسيا.