تشهد صناعة المجوهرات الذهبية في الإمارات حالة من التماسك والاندماج المتزايد، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة. هذا التحول يضع ضغوطًا كبيرة على العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تواجه صعوبات في تحمل التكاليف المتزايدة للإيجارات والتشغيل. وقد أكد صاغة مجوهرات في دبي أن هذا الوضع يدفع نحو إعادة هيكلة القطاع.
يأتي هذا التوجه في وقت تشهد فيه دبي، المركز التجاري الرئيسي للمنطقة، زخمًا اقتصاديًا ملحوظًا، لكنه يصاحبه ارتفاع في تكاليف ممارسة الأعمال. وتشير التقديرات إلى أن قيمة الأصول في قطاع المجوهرات الإماراتي تتجاوز المليار درهم، مما يجعل أي تغييرات هيكلية ذات تأثير كبير على السوق.
عمليات الدمج والاندماج في سوق المجوهرات الذهبية
أشار شاندو سيرويا، مالك مجوهرات سيرويا، إلى أن عمليات الدمج والاندماج تتسارع في الوقت الحالي. ويستشهد بالاستحواذ الأخير لشركة تيتان الهندية على صائغ المجوهرات دماس كنموذج بارز لهذا الاتجاه.
وأضاف سيرويا أن الشركات الأصغر حجمًا بدأت أيضًا في استكشاف خيارات الاندماج لتقليل النفقات الثابتة وتحسين الكفاءة التشغيلية. ويتوقع أن يشهد عام 2026 تحولًا كبيرًا في هيكل الصناعة، مع ظهور كيانات أقوى وأكثر قدرة على المنافسة.
من جانبه، أكد شيراغ فورا، المدير العام لمجوهرات بفله، أن هذا الدمج يمثل تطورًا إيجابيًا على المدى الطويل، على الرغم من أنه قد يتسبب في بعض الصعوبات قصيرة الأجل. ويرى أن إعادة الهيكلة ستعزز من مستقبل صناعة الذهب والمجوهرات المحلية.
صفقة استحواذ تيتان على دماس
في يوليو 2025، أعلنت شركة تيتان الهندية عن إتمام صفقة الاستحواذ على حصة الأغلبية في شركة دماس ذ.م.م، الشركة القابضة لأعمال دماس في دول مجلس التعاون الخليجي، من شركة ماناي. وقد بلغت قيمة الصفقة الإجمالية 1.038 مليار درهم.
حظيت هذه الصفقة باهتمام عالمي واسع، خاصة من قبل العاملين في قطاع المعادن الثمينة، حيث تعتبر مؤشرًا على جاذبية السوق الإماراتي والخليجي للاستثمارات الأجنبية. وتعكس أيضًا رغبة الشركات الكبرى في توسيع نطاق أعمالها والاستفادة من النمو المتوقع في الطلب على المجوهرات.
التحديات التي تواجه الصناعة
أوضح شاندو سيرويا أن التحديات الرئيسية التي تواجه صناعة المجوهرات حاليًا تتمثل في ارتفاع تكاليف الاقتراض والإيجارات والرواتب. وقد أدت الزيادة في الطلب على العقارات التجارية في دبي بعد جائحة كوفيد-19 إلى ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل ملحوظ، خاصة في المواقع المميزة.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار الفائدة على القروض، مما يزيد من تكلفة تمويل شراء الذهب والمواد الخام الأخرى. وأشار سيرويا إلى أن تكلفة الفائدة على الذهب ارتفعت من 2% إلى 6% على الأقل، مما يؤثر سلبًا على هوامش الربح لدى الصاغة.
ومع ذلك، أضاف سيرويا أن هوامش الربح لكل جرام من الذهب لا تزال محدودة، على الرغم من ارتفاع الأسعار، لأن رسوم التصنيع ثابتة. ويرى أن العملاء أصبحوا أكثر تفهمًا لارتفاع التكاليف وأقل ميلاً للمساومة.
أديتيا سينغ، رئيس الأعمال الدولية للمجوهرات في شركة تيتان، أكد أيضًا أن ارتفاع الإيجارات يمثل تحديًا كبيرًا، خاصة وأن سوق العقارات يسيطر عليه عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين. ويعتبر هذا الأمر من العوامل التي تساهم في زيادة الضغوط على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
مستقبل صناعة الذهب والمجوهرات في الإمارات
من المتوقع أن يستمر اتجاه الدمج والاندماج في قطاع المجوهرات الذهبية في الإمارات خلال الفترة القادمة. ويرجع ذلك إلى الحاجة إلى تحقيق وفورات في التكاليف وتعزيز القدرة التنافسية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشهد الصناعة المزيد من الابتكار في مجال التصميم والتسويق، بهدف جذب العملاء وتلبية احتياجاتهم المتغيرة. ويتوقع أن يلعب التجارة الإلكترونية دورًا متزايد الأهمية في توزيع المجوهرات، مما يتيح للشركات الوصول إلى أسواق جديدة وتوسيع قاعدة عملائها.
في الختام، يظل مستقبل صناعة الذهب والمجوهرات في الإمارات مرتبطًا بشكل وثيق بالتطورات الاقتصادية والإقليمية. ومن المهم مراقبة أسعار الذهب وأسعار الفائدة وتكاليف الإيجارات، بالإضافة إلى التغيرات في سلوك المستهلكين، لتقييم المخاطر والفرص المتاحة في هذا القطاع الحيوي.