إطفاء الأنوار: الأفغان غير المسجلين يختبئون في باكستان

يقول نشطاء حقوق الإنسان إنه بعد العيش في باكستان لسنوات، اختبأ آلاف الأفغان هربًا من أمر حكومي بطرد الأجانب غير الشرعيين لأنهم يخشون الاضطهاد في ظل إدارة طالبان في وطنهم.

لاجئون أفغان يصلون مع أمتعتهم على متن شاحنات من باكستان، إلى مركز تسجيل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك بمقاطعة قندهار في 6 نوفمبر 2023.

وقالت امرأة أفغانية تبلغ من العمر 23 عاماً: “البوابة مغلقة من الخارج… نحن محبوسون في الداخل، لا نستطيع الخروج، لا نستطيع تشغيل الأضواء، ولا نستطيع حتى التحدث بصوت عالٍ”. وتحدثت عبر الإنترنت من ملجأ حيث قالت إن العشرات الآخرين تحصنوا حتى وقت سابق من هذا الأسبوع قبل الانتقال إلى مخبأ جديد.

وقال سجناء آخرون إن أنصاراً محليين وضعوا قفلاً على البوابة حتى يعتقد الجيران أن المنزل خالي.

لاجئون أفغان يصلون مع أمتعتهم على متن شاحنة من باكستان، إلى مركز تسجيل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك في مقاطعة قندهار في 6 نوفمبر 2023. – AFP

وقالت المرأة، وهي من العاصمة الأفغانية كابول، إنها تخشى الملاحقة القضائية إذا عادت إلى أفغانستان لأنها تحولت من الإسلام إلى المسيحية في عام 2019، ويعتبر التخلي عن العقيدة الإسلامية جريمة خطيرة بموجب الشريعة الإسلامية الصارمة التي تمارسها حركة طالبان.

وهي واحدة من آلاف يعتقد نشطاء حقوق الإنسان أنهم مختبئون في باكستان لتجنب الترحيل في إطار حملة حكومية لمغادرة المهاجرين غير الشرعيين للبلاد. ويشمل ذلك أكثر من مليون أفغاني، تقول الحكومة الباكستانية إن العديد منهم متورطون في هجمات مسلحة وجرائم.

وبدأت السلطات في تنفيذ عملياتها في جميع أنحاء البلاد بعد انتهاء الموعد النهائي للخروج الطوعي في الأول من نوفمبر.

لاجئون أفغان يستقرون في مخيم بالقرب من حدود تورخام الباكستانية الأفغانية في تورخام، أفغانستان، يوم السبت 4 نوفمبر 2023. – AP

سيجال شفيق، 30 عامًا، ناشطة في مجال حقوق الإنسان مقيمة في كراتشي ساعدت الأفغان المستضعفين في العثور على مأوى قبل سياسة الطرد الجديدة في باكستان، وهي واحدة من العديد من مقدمي الالتماسات الذين يطالبون المحكمة العليا بوقف برنامج الترحيل.

تقول شفيق: “أعرف العديد من النساء والفتيات اللاتي قلن إنهن يفضلن الموت على العودة في ظل حكم طالبان”، مضيفة أن لديهن جميعًا أحلامًا وطموحات مهنية سيكون من المستحيل تحقيقها في أفغانستان، حيث تُمنع النساء من معظم الوظائف و لا يمكن السفر إلا بمرافقة ذكر.

ولم يصدر تعليق فوري من متحدث باسم الإدارة التي تديرها طالبان بشأن ما إذا كان العائدون سيتم فحصهم أو محاكمتهم بموجب قوانينهم. ولم تستجب وزارتا الخارجية والداخلية الباكستانية أيضًا لطلبات التعليق حول إعفاء الأفراد المعرضين للخطر من الترحيل.

لاجئون أفغان يسيرون بالقرب من خيام في مخيم مؤقت بينما ينتظرون عبور الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان في 7 نوفمبر 2023. – وكالة فرانس برس

وتجاهلت الحكومة الباكستانية حتى الآن دعوات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان والسفارات الغربية لإعادة النظر في خطة الطرد أو تحديد وحماية الأفغان الذين يواجهون خطر الاضطهاد في الداخل.

كما قدمت السفارات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، للسلطات الباكستانية قوائم بأسماء الأفغان الذين يجري تجهيزهم للهجرة المحتملة إلى الخارج، وطلبت إعفاءهم من الطرد، لكن الأعداد صغيرة مقارنة بالأشخاص المعرضين للخطر.

“أسوأ من السجن”

وتحدثت رويترز إلى عشرات المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون البقاء بعيدا عن رادار الحملة على مستوى البلاد. وبسبب وضعهم، رفضوا الكشف عن هويتهم أو طلبوا عدم استخدام أسمائهم الكاملة.

لاجئون يصطفون خارج مركز الشرطة للتحقق من بياناتهم من قبل الهيئة الوطنية لقاعدة البيانات والتسجيل (NADRA) في كراتشي في 8 نوفمبر 2023. – وكالة فرانس برس

وكان من بينهم أب يبلغ من العمر 35 عاماً، وهو أيضاً متحول إلى المسيحية، فر إلى باكستان مع ابنته البالغة من العمر تسع سنوات.

وقالت فتاة صغيرة أخرى في الملجأ إنها تخشى على حياتها لأنها تنتمي إلى أقلية الهزارة العرقية، التي واجهت منذ سنوات الاضطهاد من المتطرفين السنة المتشددين في أفغانستان.

وقال رجل أفغاني يبلغ من العمر 22 عاماً: “هذا أسوأ من السجن”، مضيفاً أنه يتأكد من إطفاء الأنوار ليلاً.

بعض السكان المحليين الذين يساعدون الأفغان في ترتيب تهريب الطعام والماء سرًا إلى الملجأ تحت جنح الليل.

تخشى المغنية الأفغانية وفاء، البالغة من العمر 28 عاماً، أن تنتهي أيام لجوئها إلى باكستان، حيث انتقلت إليها بعد وقت قصير من استيلاء طالبان على السلطة قبل أكثر من عامين، بسبب انتهاء صلاحية تأشيرتها.

وفي حديثها من منزل أحد أقاربها في إسلام آباد، قالت إنها تأمل أن تتمكن إما من الحصول على اللجوء في فرنسا أو كندا، أو أن تجعل من باكستان وطنها، لأن مهنتها في غناء أغاني الباشتو، التي بدأتها قبل 11 عامًا، لم تعد مقبولة في أفغانستان. حيث حظرت حركة طالبان العروض الموسيقية العامة.

لكنها لم تتلق ردًا بعد، ولا يزال التقدم بطلب لتمديد التأشيرة أمرًا لا يمكن تحمله بالنسبة لعائلتها. وفي هذه الأثناء، لا تغادر المنزل لتجنب عمليات التفتيش المفاجئة واسعة النطاق التي تجريها الشرطة الباكستانية.

وقالت وفاء: “أنا مغنية… أعرف ماذا سيحدث لي عندما أعود”.

وقال صالح زادة، وهو مغني يبلغ من العمر 32 عاماً في كراتشي، إنه انتقل من أفغانستان قبل عام.

وقال صالح زادة، متحدثاً في شقة مزدحمة في أحد الأحياء ذات الدخل المنخفض يملكها أقاربه: “كنت أغني في قريتي للأصدقاء والأقارب، وأقمنا الكثير من الحفلات، وحفلات الغناء”. وعرض على رويترز مقاطع فيديو له وهو يعزف على الأرغن والرباب، وهي آلة وترية، وانتشر بعضها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول: “نصحتني عائلتي بمغادرة أفغانستان، كنت أخشى حركة طالبان”، مضيفاً أن الخوف من أن تعتقله الشرطة الباكستانية، لأنه لا يملك تأشيرة صالحة، أبقاه داخل المنزل لعدة أيام.

“الحياة صعبة هنا (في باكستان)، لكن يجب أن أنقذ حياتي”.