Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

التوقعات تتطابق مع الواقع بالنسبة لوساطة الصين في الشرق الأوسط

منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، انخرطت الصين في دبلوماسية نشطة لوضع نفسها كوسيط لا غنى عنه. ونظراً لدور الصين في المساعدة على تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا العام، فإن التوقعات مرتفعة بشأن قدرة بكين على تحقيق ذلك مرة أخرى.

وحتى الآن، ليس لدى الصين الكثير لتظهره فيما يتعلق بجهودها في غزة، وهو ما لا ينبغي أن يكون مفاجئاً. لماذا إذن تظل بكين ملتزمة بالتفاوض؟

هناك ثلاثة أسباب على الأقل لاستمرار مشاركة الصين. أولاً، يريد القادة الصينيون أن يُنظر إليهم على أنهم ذوو أهمية في الشرق الأوسط. وبينما تعمل الصين على بناء وتعزيز صورتها باعتبارها صاحب مصلحة مسؤول وقوة عظمى، فإن التغيب عن محاولات حل الأزمات، وخاصة بهذا الحجم، أمر لا يمكن تصوره ببساطة.

تعمل الصين بسرعة على تنويع علاقاتها الاقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية في المنطقة، خاصة مع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ورغم أن الصين لم تصبح بعد مزوداً للأمن مثل الولايات المتحدة، فإنها تسعى إلى أن تصبح كذلك. أحد الأهداف السياسية المعلنة للرئيس شي جين بينغ هو رفع مستوى مشاركة الصين في الأمن الإقليمي والشؤون السياسية وترسيخ الصين كقوة جيوسياسية رئيسية.

ثانياً، تشكل أزمة غزة فرصة للصين لتعزيز موقفها وعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، وأهمها دعم فلسطين. وكان هذا هو الموقف الافتراضي للصين طيلة القسم الأعظم من فترة الحرب الباردة، وهي لا تزال تكسب الصين حسن النية بين حلفائها العرب.

ثالثا، قبل فترة طويلة من اندلاع أزمة غزة، اقترحت الصين بنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط، وهو تجسيد لما يسمى مبادرة الأمن العالمي التي أطلقها شي جين بينج. وعلى وجه التحديد، سترتكز المبادرة الأمنية العالمية على مفهوم أمني جديد جماعي وشامل وتعاوني ومستدام؛ وأن تقودها دول الشرق الأوسط؛ اتباع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وتنفيذها من خلال الحوارات الأمنية الإقليمية.

إن جوهر مبادرة الأمن العالمية يتلخص في رؤية بديلة للأمن الإقليمي والعالمي تختلف عن القاعدة التي أنشأها الغرب بقيادة الولايات المتحدة. وبدلاً من أن يرتكز الأمن على القيم الديمقراطية المشتركة والمعسكرات الثنائية، فإن الأمن سوف يرتكز على التسوية والتفاوض والتعايش.

ويشكل مفهوم التسوية هذا الأساس لموقف الصين في مواجهة إسرائيل وفلسطين، ويتميز بحل الدولتين والتنمية المشتركة.

وأخيرا، أصبح النجاح فيما فشلت فيه الولايات المتحدة يشكل أولوية قصوى بالنسبة للدبلوماسيين الصينيين. على سبيل المثال، انخرطت الصين مع نظام طالبان في أفغانستان منذ انسحاب الولايات المتحدة في أغسطس 2021. وتريد بكين تعزيز التعاون الاقتصادي وتخفيف السياسة الداخلية لطالبان.

وعلى نحو مماثل، كانت الصين تدعو المجتمع الدولي إلى النظر في “المخاوف الأمنية المشروعة” لروسيا وإيران.

وفي البلدان الثلاثة، تدرك الصين أن نجاح نجاح واشنطن في إخفاقاتها من شأنه أن يعزز نموذجها في مجال الأمن، ونفوذ قيادتها.

ومع ذلك، فإن الشراكة مع أعداء أمريكا تلعب دوراً في تعزيز نقاط قوة الصين. وسوف يكون استمالة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الطاولة أمراً أكثر صعوبة بكثير. وإذا كانت الصين راغبة حقاً في التوسط في أزمة غزة، فيتعين عليها أولاً أن تعالج افتقارها الواضح إلى الحياد. وقد أعلنت بكين مرارا وتكرارا أنها “تقف إلى جانب الدول العربية والإسلامية” في هذا الخلاف.

الحياد ليس شرطا مسبقا لنجاح الوساطة، بل الحياد هو الشرط المسبق. وفي ظل الموقف المتحيز الذي تتخذه الصين، فسوف يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تنضم إسرائيل إلى هذا الموقف.

فضلاً عن ذلك فإن نفوذ الصين على عملية صنع القرار في كل من إسرائيل وفلسطين، وقدرتها على إقناع أي من الجانبين بتبني موقف قد لا يتوافق مع مصالحها الوطنية، محدود. ولا تتمتع الصين بنفوذ حاسم على أي من الجانبين (وخاصة حماس)، ومن غير المرجح أن تقوم الصين بتعبئة موارد كبيرة لتحفيز الهدنة.

من المؤكد أن الصين كانت مشغولة منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسافر المبعوث الصيني الخاص لشؤون الشرق الأوسط تشاي جون إلى قطر والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار، بينما التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي بوفد وزاري عربي إسلامي الشهر الماضي لتأكيد دعم الصين للعرب والدول العربية. الدول الإسلامية.

ولكن على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكوكية، فإن توقعات الصين تبدو معتدلة. وفي حين أن بكين منشغلة للغاية بحيث لا تستطيع البقاء على الهامش، فمن المؤكد أنها لا تتحمل الوهم بأنها قادرة على حل الأزمة بمفردها.

ومن المفارقات أن هذا قد يكون كافيا لتحريك الإبرة. ومن الممكن أن تمهد التوقعات الواقعية والدبلوماسية الحذرة الطريق أمام حلول أكثر طموحا وفعالية في المستقبل.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

قتلت إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية ضخمة في لبنان، مما وجه للحركة ضربة زلزالية وصفها رئيس الوزراء بنيامين...

دولي

الصورة: رويترز قالت السلطات إن ملايين الأمريكيين ما زالوا بدون كهرباء، وواجه كثيرون فيضانات عارمة، اليوم السبت، مع اجتياح العاصفة القوية هيلين ولايات شرق...

اخر الاخبار

قُتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الجمعة، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت. أسقط الجيش الإسرائيلي ما يقدر بنحو 80...

دولي

الصورة من وكالة فرانس برس تستخدم لأغراض توضيحية قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم السبت إن أكثر من 50 ألف شخص فروا...

اخر الاخبار

ويعد هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل لابن عمه المقتول حسن نصر الله، أحد أبرز الشخصيات في حزب الله وله روابط دينية وعائلية عميقة مع...

الخليج

صورة الملف ​​​​​​إنها عطلة نهاية الأسبوع ويخطط الآباء لإعداد وجبات غداء مغذية وجذابة لأطفالهم. مع العودة إلى الفصول الدراسية والملاعب المزدحمة، أصبح التركيز على...

دولي

اختتم الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، زيارته الرسمية إلى أوزبكستان، والتي شكلت...

اخر الاخبار

توعد أعداء إسرائيل بالانتقام يوم السبت بعد أن أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران مقتل زعيمها حسن نصر الله في غارة جوية...