أرسل الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين عشرات الدبابات إلى جنوب قطاع غزة في إطار تحرك موسع ضد حركة حماس على الرغم من القلق العالمي بشأن تزايد الوفيات بين المدنيين ومع قطع الاتصالات عبر القطاع المحاصر.
بعد أسابيع من نشر إسرائيل لقوات برية في شمال قطاع غزة، قام الجيش بإلقاء منشورات جوية على أجزاء من الجنوب، تطلب من الفلسطينيين الفرار إلى مناطق أخرى.
وتعهدت إسرائيل بسحق حماس ردا على الهجمات غير المسبوقة التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز حوالي 240 رهينة، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وتقول وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن ما يقرب من 15900 شخص قتلوا في القطاع، حوالي 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال، خلال القصف الجوي والمدفعي والبحري الإسرائيلي المستمر إلى جانب حملتها البرية.
وأثارت هذه الحصيلة قلقا عالميا ومظاهرات حاشدة.
واتهمت مجموعة الحكماء، وهي مجموعة من زعماء العالم، إسرائيل بالقيام بعمل “غير متناسب” ودعت الحكومات التي تقدم المساعدة العسكرية لإسرائيل إلى إعادة التفكير في نهجها.
وقالت المجموعة في بيان إن الانتقام الإسرائيلي “وصل إلى مستوى من اللاإنسانية تجاه الفلسطينيين في غزة لا يمكن التسامح معه”.
وأضافوا أن “المزيد من القتل ليس هو الحل. والتفاوض هو السبيل لإنهاء هذا الصراع”.
افاد شهود عيان لوكالة فرانس برس ان دبابات وناقلات جند مدرعة وجرافات شوهدت اليوم الاثنين قرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة المكتظة بالنازحين الفلسطينيين.
وعند المدخل المزدحم لمستشفى ناصر بالمدينة، قامت سيارات الإسعاف والسيارات الخاصة بنقل الناجين المذهولين والملطخين بالدماء والمغطين بالغبار.
وعلى أمل الفرار من القصف، واصل آخرون التحرك جنوبًا، وتكدست أمتعتهم على عربات تجرها الحمير والمركبات المحطمة وحتى الجمال، لكن الضربات الجوية تبعتهم مباشرة إلى الحدود الجنوبية.
وكتب توماس وايت، مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، على وسائل التواصل الاجتماعي: “الناس يناشدون النصيحة بشأن مكان العثور على الأمان”. “ليس لدينا ما نقوله لهم.”
– محاصرون تحت الأنقاض –
وقال أمين أبو هولي (59 عاما) إن المركبات الإسرائيلية كانت على بعد كيلومترين داخل غزة في قرية القرارة، بينما قال معاذ محمد (34 عاما) إن الدبابات الإسرائيلية كانت تتحرك على الطريق السريع الرئيسي بين الشمال والجنوب في القطاع.
وقال محمد إن الجيش كان يحاول قطع الطريق بين دير البلح وسط غزة وخانيونس “ويطلق الرصاص وقذائف الدبابات على السيارات والأشخاص الذين يحاولون التحرك في المنطقة”.
وقال الجيش إنه يتخذ إجراءات “عدوانية” ضد “حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى” في خان يونس، محذرا من أن الطريق الرئيسي في شمال وشرق المدينة “يشكل ساحة معركة”.
ولجأت ولاء أبو لبدة إلى مستشفى الأقصى في دير البلح، لكنها قالت إن ابنتها البالغة من العمر أربع سنوات لا تزال محاصرة تحت الأنقاض.
وقالت لبدة، وهي واحدة من بين ما يقدر بنحو 1.8 مليون نازح في غزة، أي ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان، وفقا لأرقام الأمم المتحدة: “لا أعرف ما إذا كانت حية أم ميتة”.
أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الاثنين أن ثلاثة جنود إسرائيليين آخرين قتلوا في اشتباكات في شمال قطاع غزة، ما يرفع عدد القتلى هناك إلى 75 جنديا.
استؤنف القتال على نطاق واسع يوم الجمعة بعد انهيار الهدنة التي توسطت فيها قطر لمدة أسبوع بدعم من الولايات المتحدة ومصر، وتم خلالها إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية مقابل 240 فلسطينيا محتجزين في السجون الإسرائيلية.
كما تم إطلاق سراح أكثر من عشرين رهينة تايلانديًا وآخرين من غزة.
ومع وجود ما لا يقل عن 137 رهينة محتجزين في غزة، بحسب الجيش الإسرائيلي، استبعدت حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن حتى يتم الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
كما استهدفت المزيد من الغارات الجوية شمال قطاع غزة حيث أعلن الجناح العسكري لحماس عن وقوع اشتباكات مع الدبابات الإسرائيلية.
وأطلقت وابل من الصواريخ مرة أخرى من غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
– “مثل الزلزال” –
وفي مدينة رفح بجنوب غزة، قال أحد السكان أبو جهار الحاج، إن غارة جوية بالقرب من منزله شعرت بأنها “أشبه بالزلزال”.
وقال “بدأت قطع الخرسانة تتساقط علينا”.
ووصفت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولجاريك، التي تزور غزة، المعاناة بأنها “لا تطاق”.
وقالت شركة بالتل إن الأوضاع ساءت أكثر يوم الاثنين مع قطع جميع خدمات الهاتف المحمول والهاتف في أنحاء غزة “بسبب قطع خطوط الألياف الرئيسية من الجانب الإسرائيلي”.
وكان سكان غزة يعانون بالفعل من نقص الغذاء والماء وغيرها من الضروريات بما في ذلك الوقود.
وقال ماثيو ميللر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين إن الولايات المتحدة حليفة إسرائيل طلبت من إسرائيل السماح بدخول المزيد من الوقود.
وكثفت الولايات المتحدة دعواتها لحماية المدنيين في غزة، وأشاد ميللر بحذر بالتكتيكات الإسرائيلية مع توسع حملتها في الجنوب.
وقال “لقد رأينا طلبات إجلاء أكثر استهدافا بكثير” مما كانت عليه في الحملة السابقة في الشمال.
“لذا فهذا تحسن عما حدث من قبل.”
وقالت إسرائيل إنها لا تسعى إلى إجبار المدنيين الفلسطينيين على مغادرة منازلهم بشكل دائم.
وقال المتحدث العسكري جوناثان كونريكوس: “لقد طلبنا من المدنيين إخلاء ساحة المعركة وخصصنا منطقة إنسانية داخل قطاع غزة”، في إشارة إلى منطقة ساحلية صغيرة من القطاع تسمى المواصي.
وأي اقتراح بتشتت الفلسطينيين يثير جدلا كبيرا في العالم العربي حيث أن الحرب التي أدت إلى قيام إسرائيل قبل 75 عاما أدت إلى نزوح جماعي أو تهجير قسري لـ 760 ألف فلسطيني.
وتبادل ممثلو إسرائيل والفلسطينيون في الأمم المتحدة يوم الاثنين الاتهامات بارتكاب “إبادة جماعية” بسبب الحرب وطالب الجانبان برد دولي.
ومع مخاوف من اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا، قال الجيش الإسرائيلي إنه شن ضربات مدفعية ردا على إطلاق نار عبر الحدود من لبنان، وقصفت طائراته المقاتلة أهدافا مرتبطة بجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
وشهدت الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل أيضًا تصاعدًا في أعمال العنف، حيث قُتل أكثر من 250 فلسطينيًا هناك منذ بدء الحرب، وفقًا للسلطات الفلسطينية.
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الاثنين أن اثنين آخرين قتلا بالرصاص في غارة إسرائيلية على بلدة قلقيلية، والثالث في مخيم قلنديا للاجئين، في حين قتل اثنان قرب الخليل.
ورغم الحرب، استؤنفت يوم الاثنين محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة الفساد، والتي كانت معلقة مع بعض أنشطة المحكمة عندما بدأت الحرب.
وهو متهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو ما ينفيه.
