لماذا تعتبر القدرة على التكيف مع تغير المناخ أساس مدن المستقبل؟

ومع أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون بالفعل في المدن، وتوقعات الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2050 فإن أكثر من 68% من الناس سيقيمون فيها، فإن التخطيط الحضري يجب أن يكون أولوية قصوى للحكومات على مدى العقد المقبل.

مع نمو عدد سكانها، ستتخذ المدن في المستقبل أشكالا عديدة. وسيتم بناؤها على نماذج اقتصادية مختلفة، وستكون لها خصائص معمارية فريدة، وسوف تلبي أنماط الحياة المختلفة. في حين أن الفردية هي سبب للاحتفال، إلا أن هناك شيئًا واحدًا مشتركًا بين جميع المدن الأكثر نجاحًا في المستقبل؛ وستكون مساحات قادرة على التكيف مع تغير المناخ، وقادرة على التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

تحتل المدن المستدامة والقادرة على التكيف مع المناخ مكانًا مهمًا على جدول أعمال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين. وفي الواقع، يدعو المؤتمر، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلين من أكثر من 1000 مدينة لمناقشة مستقبل المساحات الحضرية، مما يوفر منصة حيوية لتبادل المعرفة والخبرات.

ومن المناسب أن يجتمع هؤلاء الممثلون في دبي، حيث تتشكل واحدة من أكثر المدن المستقبلية استدامة في العالم. يتم بناء مدينتنا على أساس من الاستراتيجيات المدروسة بعناية، بما في ذلك الخطة الحضرية الرئيسية لدبي 2040، والتي تم وضعها بما يتماشى مع المبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات صافي الصفر 2050.

وهي عبارة عن استراتيجيات شاملة، تم وضعها بالشراكة مع المنظمات الدولية والجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والخبراء في كافة المجالات. وعلى هذا النحو، فإن نموذج دبي للتنمية الحضرية هو نموذج شامل، يجمع بعضًا من أفضل العقول والمبتكرين والمواهب تحت رؤية واحدة.

ونحن في بلدية دبي نأخذ هذه الرؤية ونترجمها إلى تصاميم لمدينة عالمية رائدة في طليعة الحياة الحضرية المستدامة. والنتيجة هي مبادرات متقدمة، مثل التوأم الرقمي الجغرافي المكاني الذي يساعدنا على رسم خرائط الانبعاثات ومحاكاة السيناريوهات. وهناك مشروع آخر هو نظام السعفات، الذي ينظم ويحفز الممارسات المستدامة في البناء.

ويتم عرض بعض هذه المبادرات في جناح بلدية دبي في COP28، حيث تعتبر شريك المسار الاستراتيجي. وسيتم عرض مشاريع أخرى خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، بما في ذلك مشاريع لتوسيع المساحات الخضراء والمحميات الطبيعية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وتحقيق مستوى الصفر من النفايات.

واحدة من أجرأ المبادرات التي أعلنتها بلدية دبي هي خطتنا لتحقيق صافي عمليات صفر بحلول عام 2050. ومن خلال نهج تدريجي، التزمنا بتغيير السياسات وتغيير السلوكيات وتعزيز كفاءة الطاقة والكهرباء واعتماد الطاقة المتجددة، فضلا عن التقاط و تخزين الكربون. ويركز طريقنا نحو صافي الصفر على عدة مجالات، بما في ذلك الطاقة النظيفة، والمباني الخضراء، والتصميم المرن للمناخ، واستبدال المواد، بالإضافة إلى إدارة المياه والنفايات.

وكجزء من هذه الخطط، تتعاون بلدية دبي مع خبرات مجموعة كبيرة من القطاعات وتسخيرها لتحويل التحديات التي نواجهها اليوم إلى فرص للغد. ويجب أن تكون هذه الرحلة شاملة تجمع بين جميع أصحاب المصلحة ــ من صناع السياسات إلى الأفراد ــ لضمان مدينة يبنيها الجميع، من أجل الجميع؛ وهذا يشمل الأجيال القادمة.

ولهذا السبب تلتزم بلدية دبي بحماية التنوع البيولوجي ودعم النظم البيئية والحفاظ على الموارد لعقود قادمة. وهذا يعني الدفاع عن مبادئ الاقتصاد الدائري؛ ويعني تحويل النظرة الحكيمة إلى واقع ملموس على الأرض.

وهذا واقع يعكس التزام بلدية دبي ببناء واحدة من أكثر المدن استدامة وجمالاً وريادةً وقابلية للعيش في العالم. وأكثر من ذلك، فهي تجسد نموذجاً عالمياً يمكن أن يكون بمثابة مصدر إلهام لمدن المستقبل في جميع أنحاء العالم.

(داود الهاجري مدير عام بلدية دبي).