اندلعت معارك عنيفة في مدن كبيرة في قطاع غزة وما حولها اليوم الخميس مع دخول الحرب الأكثر دموية على الإطلاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) شهرها الثالث منذ الهجوم الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ودفع الوضع الإنساني المتردي بشكل متزايد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى اللجوء إلى إجراء نادر للسعي لوقف إطلاق النار، مما أثار غضب إسرائيل.
وارتفع عدد القتلى إلى 17,177 وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتحولت مساحات واسعة من الأراضي المحاصرة إلى أرض قاحلة مليئة بالأنقاض من المباني التي تعرضت للقصف أو الرصاص.
وطوقت القوات الإسرائيلية المراكز الحضرية الكبرى في تعهدها بتدمير حماس بسبب هجومها غير المسبوق في أكتوبر عندما اخترق المسلحون حدود غزة العسكرية ليقتلوا حوالي 1200 شخص ويحتجزوا رهائن، لا يزال 138 منهم أسرى، وفقًا للأرقام الإسرائيلية.
وتقاتل القوات الإسرائيلية، مدعومة بقوة جوية ودبابات وجرافات مدرعة، حماس في خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، وكذلك في مدينة غزة ومنطقة جباليا القريبة في الشمال.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن القوات طوقت منزل زعيم حماس في غزة يحيى السنوار (61 عاما) في خان يونس، متعهدا “أنها مسألة وقت فقط حتى نعثر عليه”.
كما انهالت الغارات الجوية على مدينة رفح في أقصى الجنوب بالقرب من الحدود المصرية. وقد أصبحت المنطقة مخيماً واسعاً للعديد من الفلسطينيين المشردين داخلياً البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة – أي 80 بالمائة من سكان غزة.
– تحرك نادر للأمم المتحدة –
وقال أحمد حجاج، أحد النازحين من مخيم اللاجئين في مدينة غزة إلى رفح، إن “الوضع يزداد سوءا، ولا يوجد حل سياسي، ولا يوجد شيء نعيش عليه”.
وضربت ثماني غارات جوية أخرى رفح خلال الليل. وشاهد صحافيو وكالة فرانس برس نحو 20 جثة في أكياس بيضاء، بينهم طفل، في مستشفى ناصر، بينما تجمع رجال في مكان قريب للصلاة.
وأثارت الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف المدنيين في الحرب قلقا عالميا، تفاقم بسبب النقص الحاد الناجم عن الحصار الإسرائيلي الذي لم يشهد سوى دخول إمدادات محدودة من الغذاء والمياه والوقود والأدوية إلى غزة.
ووافقت إسرائيل، الأربعاء، على زيادة “ضئيلة” في إمدادات الوقود لمنع “انهيار إنساني وتفشي أوبئة”.
لكن غوتيريس استشهد بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي نادرا ما تستخدم، داعيا مجلس الأمن إلى الدفع من أجل وقف إطلاق النار.
وقال الأمين العام إنه يخشى أن “ينهار النظام العام بالكامل قريبا بسبب الظروف اليائسة” في غزة.
ورد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بأن هذا سيساعد حماس وأن غوتيريش يشكل “خطراً على السلام العالمي”.
وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية “نحن أيضا نريد أن تنتهي هذه الحرب.” وأضاف: “لكن الأمر لا يمكن أن ينتهي إلا بطريقة تضمن عدم تمكن حماس من مهاجمة شعبنا مرة أخرى”.
– “عشرات” الأهداف –
وقال الجيش إن أربعة جنود إسرائيليين آخرين قتلوا مما يرفع عدد القتلى داخل غزة إلى 87.
وقالت في مؤتمر صحفي صباحي إن القوات “قتلت إرهابيين من حماس وضربت عشرات الأهداف الإرهابية” في خان يونس وداهمت مجمعا عسكريا لكتيبة جباليا المركزية التابعة لحماس.
وقال الجيش إن القوات البحرية قصفت مجمعات عسكرية وبنية تحتية عسكرية تابعة لحماس “باستخدام ذخيرة دقيقة وقذائف”.
ونشرت حماس لقطات لمقاتليها يطلقون النار من بنادق كلاشنيكوف وقاذفات قنابل يدوية من مبان مهجورة فيما قالت إنها مدينة غزة وقالت إنها تقاتل القوات الإسرائيلية “على جميع محاور التوغل في قطاع غزة”.
وقالت حماس إنها دمرت 24 مركبة عسكرية في خان يونس وبيت لاهيا شمال القطاع.
وأظهرت كاميرا مباشرة بثتها وكالة فرانس برس سحبا رمادية كثيفة تتصاعد فوق شمال غزة بعد انفجارات.
واستمر إطلاق الصواريخ من داخل غزة على إسرائيل، حيث اعترضت الدفاعات الجوية الصواريخ.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن القتال في خان يونس يعني توقف توزيع المساعدات فعليا في المدينة، مما جعل رفح المنطقة الوحيدة “التي تم فيها توزيع مساعدات محدودة” يوم الأربعاء.
وأعلنت حماس “حالة المجاعة” في شمال قطاع غزة قائلة إن المساعدات لم تصل إلى هناك منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول.
– “نحن نموت” –
وقالت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية إن “الكمية الضئيلة من المساعدات” المسموح بدخولها إلى غزة “تعادل تجويع السكان عمدا”.
ورد متحدث باسم مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهو هيئة وزارة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية: “نحن نحاول توسيع المساعدات الإنسانية، وقد دخل أكثر من 60 ألف طن من المساعدات عبر رفح”.
وأضاف أنه تم السماح لمئات الشاحنات بالدخول إلى غزة.
وقال عبد القادر الحداد، وهو أحد سكان مدينة غزة ويتواجد الآن في رفح: “نحن نموت هنا، حتى دون الحاجة إلى الهجمات الصاروخية والقنابل. نحن ميتون بالفعل، ميتون من الجوع، ميتون من النزوح”.
وفي هذه الأثناء، استمر تبادل إطلاق النار شبه اليومي عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية التي تراقبها الأمم المتحدة، وشمل ذلك بشكل رئيسي حزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران، مثل حماس.
أعلن الجيش الإسرائيلي ومسعفون، اليوم الخميس، أن صاروخا مضادا للدبابات أطلق من لبنان أدى إلى مقتل مدني في إسرائيل.
وخلص تحقيق أجرته وكالة فرانس برس في ضربة في جنوب لبنان في 13 تشرين الأول/أكتوبر أدت إلى مقتل صحفي من رويترز وإصابة ستة آخرين، من بينهم اثنان من وكالة فرانس برس، إلى أنها استخدمت قذيفة دبابة يستخدمها الجيش الإسرائيلي فقط في هذه المنطقة.
دعت منظمة مراسلون بلا حدود، الخميس، السلطات الإسرائيلية والمصرية إلى السماح للصحفيين بالتنقل بحرية عبر معبر رفح.
وظل الإسرائيليون يشعرون بصدمة عميقة بسبب فظاعة هجوم حماس ويشعرون بالخوف على مصير الرهائن بينما كانوا يتجهون إلى مهرجان الأضواء اليهودي، حانوكا، اعتبارا من مساء الخميس.
تم إعادة إنشاء أحد المواقع الأكثر تضرراً في 7 أكتوبر، وهو مهرجان الموسيقى سوبر نوفا، في قاعة عرض في تل أبيب لتذكر أولئك الذين قتلوا واختطفوا على يد حماس، مع استكمال خيام الضحايا والممتلكات المستردة.
وفي القدس، تم ترتيب الشمعدانات كالمعتاد للمهرجان، واصطف العملاء لتناول كعك الحانوكا.
بور-إيت/إيه
