واصلت إسرائيل هجومها على غزة يوم السبت، حيث أبلغت سلطات حماس عن قصف عنيف في عدة مدن بعد ساعات من مطالبة القوى العالمية بالسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
وقالت وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس إن 18 شخصا قتلوا في غارة على منزل في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة، في حين تم قصف أهداف أخرى في أعلى وأسفل القطاع.
أعلن الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر من يوم الجمعة أنه دمر مجمع أنفاق “استراتيجي” وهو “مقر قيادة لحماس وقضى على الإرهابيين” خلال عمليات في مدينة غزة حيث تخوض قواته قتالا من شارع إلى شارع مع مسلحي حماس.
وقالت وزارة الصحة في غزة، التي تحكمها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ عام 2007، إن أكثر من 400 شخص قتلوا في القصف الإسرائيلي خلال 48 ساعة.
وتأتي أعمال العنف الأخيرة بعد أن وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يطالب بتسليم المساعدات “الفورية والآمنة ودون عوائق” إلى غزة “على نطاق واسع”.
وتم إقرار القرار بعد أن جدل الأعضاء لعدة أيام حول صياغته.
وبناء على إصرار واشنطن، قام مجلس الأمن بتخفيف بعض البنود، وتجنب الدعوة إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يوقف الحرب المستمرة منذ 11 أسبوعا، والتي بدأت بغارات حماس الدموية على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ولا يزال من غير الواضح ما هو التأثير الذي سيحدثه التصويت على أرض الواقع، إن وجد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن وقف إطلاق النار لا يزال ضروريا، قائلا إنه لا يمكن تسليم المساعدات بشكل كاف بينما تتساقط القنابل.
وأضاف أن “الطريقة التي تنفذ بها إسرائيل هذا الهجوم تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية”.
– المجاعة تلوح في الأفق –
وفور تصويت الأمم المتحدة، تعهدت إسرائيل بمواصلة هجومها الجوي والبري على قطاع غزة حتى يتم “القضاء” على حماس وإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع.
وقال وزير الخارجية إيلي كوهين إن “إسرائيل ستواصل الحرب في غزة”، مشددا على أن الحرب قانونية وعادلة.
لكن الضغوط تتزايد على السلطات الإسرائيلية لإعادة ضبط الهجوم على غزة.
وبدأت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عندما اخترق مسلحون من حماس الحدود العسكرية لغزة وقتلوا نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
كما اختطف مسلحون فلسطينيون نحو 250 شخصا، ما زال 129 منهم في غزة، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وشنت قصفاً متواصلاً وغزواً برياً لغزة، حيث قُتل 20.057 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لحكومة حماس في القطاع.
ومع تحول مساحات واسعة من غزة إلى أنقاض، اضطر العديد من سكان غزة إلى العيش في ملاجئ أو خيام مكتظة، ويكافحون من أجل العثور على الغذاء والوقود والمياه والإمدادات الطبية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن القتال أدى إلى نزوح نحو 80 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وحذر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن غالبية النازحين من منازلهم يقضون الآن “أيامًا وليالٍ كاملة دون تناول الطعام”.
وقال “الجوع موجود والمجاعة تلوح في الأفق”.
– “عقبات هائلة” –
وتتضاءل الآمال في التوصل إلى هدنة في عيد الميلاد مع مرور كل يوم، على الرغم من استمرار المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر والولايات المتحدة.
وشهدت الهدنة التي استمرت أسبوعًا وانتهت في الأول من ديسمبر إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، من بينهم 80 إسرائيليًا مقابل 240 أسيرًا فلسطينيًا.
وقالت ولاء المديني، التي تجلس على كرسي متحرك، وتتواجد الآن في مخيم البريج للاجئين وسط غزة، بعد غارة جوية على منزلها في مدينة غزة: “هذه ليست حياة: لا ماء ولا طعام ولا شيء”.
وقالت: “ماتت ابنتي في حضني، وتم إنقاذي من تحت الأنقاض بعد ثلاث ساعات”. “لقد دُمر منزلنا وكل شيء حولنا”.
وجاء قرار الأمم المتحدة الذي تأخر كثيرا يوم الجمعة بعد أيام من المشاحنات الدبلوماسية، ولم يتم إقراره إلا بفضل امتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.
ويمنح الاتفاق الأمم المتحدة دورا أكبر في تنسيق توصيل المساعدات إلى غزة.
لكن وزير الخارجية الإسرائيلي أصر على أن بلاده ستحتفظ بالسيطرة على ما يدخل إلى غزة و”ستواصل فحص جميع المساعدات الإنسانية لغزة لأسباب أمنية”.
ووصفت حماس القرار بأنه “إجراء غير كاف ولا يرد على الوضع الكارثي الذي خلقته آلة الحرب الصهيونية (الإسرائيلية)”.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة أقل بكثير من المعدل اليومي قبل الحرب.
– حريق هائل –
ووافقت إسرائيل الأسبوع الماضي على تسليم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم مع غزة، ويقول الجيش إن 80 شاحنة في المتوسط تدخل الأراضي الفلسطينية عبره يوميا.
وتمكن الصحفيون، خلال جولة إعلامية في المنشأة يوم الجمعة، نظمها الجيش الإسرائيلي، من رؤية طابور طويل من شاحنات المساعدات متوقفة لساعات في انتظار التفتيش من قبل الجنود.
وبدا السائق المصري سعيد عبد الحميد غير منزعج من الانتظار قائلا إنه “فخور بتقديم المساعدة لإخواني الفلسطينيين” بينما كان يزيل الغطاء المشمع الذي يغطي شحنة الدقيق الخاصة به لفحصها.
ومنذ بدء الصراع، أصبحت الضفة الغربية والحدود الإسرائيلية اللبنانية والعراق وسوريا والبحر قبالة اليمن بؤرا ساخنة – حيث أصدرت الجماعات المدعومة من إيران تحذيرات منتظمة حول قدرتها على نقل الحرب إلى ما هو أبعد من غزة.
وقالت إسرائيل إن أحد جنودها قُتل يوم الجمعة بنيران صاروخية من لبنان، حيث نفذ حزب الله المدعوم من إيران وجماعات أخرى هجمات شبه يومية عبر الحدود دعما لحماس.
وقال حزب الله إن النيران الإسرائيلية قتلت اثنين من مقاتليه.
وأدت صواريخ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن – والذين يزعمون أنهم يتصرفون تضامنا مع سكان غزة – إلى تعطيل الملاحة في البحر الأحمر.
واتهمت الولايات المتحدة إيران بالتورط في الهجمات.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون: “نعلم أن إيران كانت متورطة بشكل كبير في التخطيط للعمليات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر”.
