بكى الفلسطينيون وصلوا من أجل موتاهم يوم السبت بعد ضربات إسرائيلية جديدة في أعقاب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي طالب بالسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة لكنه لم يدعو إلى وقف فوري للقتال.
وتصاعدت سحب من الدخان الرمادي والأسود فوق مدينة خان يونس في الجنوب بعد ضربات في الصباح، وأظهرت لقطات حية لقناة فرانس برس دخانا أسود يتصاعد فوق شمال المنطقة.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس مقتل 18 شخصا في غارة على منزل في مخيم النصيرات للاجئين وسط البلاد، وقالت إن أهدافا أخرى قصفت في أنحاء قطاع غزة.
وجاء القصف بعد أن وافق مجلس الأمن على قرار يطالب بتوصيل المساعدات “الفورية والآمنة ودون عوائق” إلى غزة “على نطاق واسع”.
كما دعا إلى خلق “الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال العدائية”، لكنه لم يسعى إلى وقف فوري للقتال.
وكان الأعضاء قد اختلفوا لعدة أيام حول الصياغة.
وبناء على إصرار واشنطن، خففوا بعض البنود وتجنبوا الدعوة إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يوقف الحرب، التي بدأت بهجمات غير مسبوقة قبل 11 أسبوعا شنها مسلحو حماس على المدنيين في جنوب إسرائيل.
ولا يزال من غير الواضح ما هو تأثير التصويت على الأرض، إن وجد، حيث أُجبر سكان غزة على العيش في ملاجئ أو خيام مكتظة، ويكافحون من أجل العثور على الغذاء والوقود والمياه والرعاية الطبية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن “وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية” هو السبيل الوحيد “لإيصال المساعدات بشكل فعال”.
وأضاف أن القضية ليست عدد شاحنات المساعدات، بل “الطريقة التي تدير بها إسرائيل هذا الهجوم تخلق عقبات هائلة” أمام توزيع المساعدات.
– المجاعة تلوح في الأفق –
ومباشرة بعد التصويت في الأمم المتحدة، تعهدت إسرائيل مرة أخرى بمواصلة القتال حتى يتم “القضاء” على حماس وإطلاق سراح الرهائن.
وقال وزير الخارجية إيلي كوهين إن “إسرائيل ستواصل الحرب في غزة”، مشددا على أنها قانونية وعادلة.
وبدأ القتال في السابع من تشرين الاول/اكتوبر عندما اخترق مسلحون من حركة حماس حدود غزة وقتلوا نحو 1140 شخصا في اسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى ارقام اسرائيلية.
وخطف نشطاء فلسطينيون أيضا نحو 250 شخصا تقول إسرائيل إن 129 منهم ما زالوا في غزة.
وتعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وشنت قصفاً متواصلاً وغزواً برياً لغزة، حيث قُتل 20057 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لحكومة حماس التي تحكم غزة منذ عام 2007.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، قاد الرجال بلطف امرأة تبكي بعد أن رأت جثث أقاربها. جثم رجل وهو يبكي ويده على كيس أسود للجثث. وفي الخارج، صلى آخرون أمام جثة أخرى.
وقال رأفت العايدي وهو يقف أمام الجثث التي ترقد تحت شجيرة من الزهور الحمراء الزاهية “ما يجري في أروقة مجلس الأمن الدولي ليس أكثر من مسرحية ومهزلة”. “هذه إبادة جماعية.”
ويمارس الحلفاء، ومن بينهم الولايات المتحدة التي تزود إسرائيل بمساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، ضغوطا متزايدة على إسرائيل لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
وتصر إسرائيل على أن حماس هي المسؤولة عن الوفيات الجماعية بين المدنيين، وتتهم المسلحين باستخدام الفلسطينيين الأبرياء “كدروع بشرية” والعمل خارج المستشفيات والمدارس ومنشآت الأمم المتحدة.
تظهر الصور التي وافق الجيش الإسرائيلي على نشرها جنودا يتحركون في أرض قاحلة من الأنقاض في غزة حيث تشتعل النيران.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن القتال أدى إلى نزوح 1.9 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن غالبية النازحين من منازلهم يقضون الآن “أياما وليالي كاملة دون طعام”، و”المجاعة تلوح في الأفق”.
– النزوح مرة أخرى –
وانتهت الهدنة التي استمرت أسبوعًا والتي ساعدت قطر في التوسط فيها، بدعم من مصر والولايات المتحدة، في الأول من ديسمبر/كانون الأول. وشهدت إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية من غزة مقابل 240 سجينًا فلسطينيًا.
وطلبت إسرائيل من الفلسطينيين مرارا وتكرارا التوجه إلى مناطق في المنطقة الصغيرة التي تقول إنها آمنة، ولكن حتى عندما يفعلون ذلك، يقول السكان إنهم ما زالوا يتعرضون للقصف.
لقد أُجبر العديد من سكان غزة على النزوح عدة مرات.
وفر الآلاف يوم الجمعة من وسط غزة بعد صدور أمر إخلاء من الجيش. وحذرت سكان مخيم البريج للاجئين الذي أنشئ قبل نحو 70 عاما، بضرورة التحرك “حفاظا على أمنهم” نحو مدينة دير البلح جنوبا.
صرير عربات الحمير مع أمتعتهم. ودفعت العائلات أطفالها في عربات الأطفال وقادت أقاربها المسنين عبر الحشد. لقد جهزوا بطانيات الشتاء للطريق أمامهم.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن أمر الإخلاء الأخير سيؤثر على أكثر من 150 ألف شخص.
وكتب توماس وايت، مدير الأونروا في غزة، على وسائل التواصل الاجتماعي: “الجيش الإسرائيلي يأمر الناس بالانتقال إلى المناطق التي تشهد غارات جوية مستمرة”.
وصلت سيارات الإسعاف إلى مستشفى الأقصى في دير البلح حاملة المزيد من الجثث والجرحى بعد غارة ليلية.
ولم يتم تمرير قرار الأمم المتحدة يوم الجمعة إلا بفضل امتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.
ويطلب تعيين منسق إنساني للأمم المتحدة للإشراف والتحقق من المساعدات المقدمة من دولة ثالثة لغزة. لكن إسرائيل ستحتفظ بالإشراف العملي على توصيل المساعدات.
ووصفت حماس القرار بأنه “إجراء غير كاف ولا يرد على الوضع الكارثي الذي خلقته آلة الحرب الصهيونية (الإسرائيلية)”.
– غارة بطائرة بدون طيار قبالة الهند –
وزاد هجوم جديد على السفن يوم السبت من المخاوف من تصعيد إقليمي بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقالت الوكالات البحرية إن غارة بطائرة بدون طيار ألحقت أضرارا بسفينة تجارية في المياه قبالة فيرافال بالهند. ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها.
وحذر مسؤول في الحرس الثوري الإيراني من “ظهور قوى مقاومة جديدة” وقال إن الممرات المائية الأخرى قد تغلق ما لم توقف إسرائيل حربها مع حماس.
وتسببت صواريخ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر بالفعل.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون إن إيران “متورطة بشدة في التخطيط للعمليات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر”.
كما كان هناك تبادل منتظم لإطلاق النار عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية بين القوات الإسرائيلية وحركة حزب الله القوية في لبنان والتي تدعمها إيران مثل حماس.
بور-IT/hkb
