تونس –
اختتمت مطارات تونس العام الماضي قفزة كبيرة في حركة المسافرين هي الأكبر في تاريخ البلاد، رغم التحديات والصعوبات التي لا تزال قائمة نتيجة التكاليف بسبب الحرب في أوكرانيا.
ويبعث ارتفاع عدد المسافرين الذين زاروا الدولة عام 2023 إلى مستوى غير مسبوق، متجاوزا ثمانية ملايين مسافر، شعورا بالتفاؤل لدى القطاع والمسؤولين بانتعاش أكبر لرحلات الطيران خلال العام الجاري.
وأظهرت بيانات صادرة عن مصلحة الطيران المدني والمطارات التونسية، المسؤولة عن إدارة وتشغيل الحركة الجوية في البلاد، أن عدد المسافرين ارتفع بنسبة 21.9 بالمئة مع نهاية العام الماضي، ليصل إلى 8.8 مليون مقارنة بعام 2022.
وأشارت الهيئة إلى أن إجمالي عدد المسافرين عبر مطار تونس قرطاج الدولي ارتفع بنحو 19.7 في المائة ليصل إلى 6.64 مليون وهو رقم قياسي، فيما نمت حركة السفر بمطار جربة جنوب البلاد بنسبة 28.4 في المائة مع 1.96 مليون مسافر.
وارتفع عدد المسافرين بمطار صفاقس بنحو 46.1 في المائة على أساس سنوي ليبلغ نحو 174 ألف مسافر، وفي مطار توزر ارتفعت حركة المرور بنحو 8.4 في المائة إلى 18400 مسافر.
وفي المقابل، انخفض عدد المسافرين بمطار قابس مطماطة الدولي بنحو 10.1 بالمائة، وبمطار طبرقة – عين دراهم بنحو 16.1 بالمائة.
ولم تدل الهيئة بأي أرقام حول تدفق المسافرين بمطار النفيضة الحمامات الدولي القريب من ولاية سوسة، بحسب وكالة الأنباء التونسية الرسمية.
ويرى خبراء النقل في تونس أن البلاد، التي تأمل في زيادة زخم صناعة السفر، يجب أن تقوم بإصلاحات كبيرة تشمل تطوير البنية التحتية، ورفع مستوى الخدمات، وزيادة جودتها، وجذب شركات الطيران البارزة مثل رايان إير الأيرلندية، كما يحدث في تونس. الأردن والمغرب.
وتظهر الأرقام الأخيرة أن مطار تونس قرطاج الدولي، الأكبر في البلاد، وصل إلى طاقته الاستيعابية القصوى للمسافرين، ولم يعد يعكس صورة دولة تسعى إلى استعادة ثقة السياح وتحقيق معدلات وصول قياسية كما كان الحال قبل الثورة. أزمة 2011.
وفي عام 2018، ظهرت خطط لإنشاء مطار جديد في مدينة بنزرت كبديل لمطار تونس قرطاج، الذي وصفه الخبراء بأنه “ليس أكثر من موقف للسيارات، مقارنة بما تقدمه أفضل المطارات العالمية”.
وكان هدف تونس جذب المزيد من الزوار، خاصة وأن مطارات البلاد السبعة، باستثناء مطار تونس قرطاج الدولي، كانت تستعد لاستقبال شركات الطيران الأوروبية منخفضة التكلفة. لكن مشروع بنزرت لم يرى النور بعد لأسباب مجهولة.
وعلى صعيد الحركة الجوية، شهدت المطارات التونسية نموا في إجمالي عدد الطائرات العام الماضي بنسبة تقدر بـ 15,7 في المائة مقارنة سنوية، حيث قدمت أكثر من 75.300 رحلة جوية.
يتواصل رهان تونس على قطاع السفر، حيث تأمل البلاد في تعزيز قطاعي السياحة والضيافة من خلال استراتيجية جديدة أطلقتها الحكومة منذ أشهر، بهدف جذب أكثر من عشرة ملايين سائح هذا العام.
وتشير وتيرة النمو المسجلة العام الماضي، والتي كانت أكبر من المتوقع، إلى تحقيق أهداف 2024 أعلى مما توقعته الحكومة.
وسجلت السياحة انتعاشا كبيرا، حيث استقبلت الدولة 8.8 مليون زائر، بزيادة 49.3 في المائة على أساس سنوي، متجاوزة العدد المسجل في عام 2019 قبل تفشي جائحة فيروس كورونا.
وقال رئيس الدراسات والتعاون الدولي بالمكتب الوطني للسياحة، أيمن رحماني، الشهر الماضي: “كان هدفنا استعادة 80 بالمئة من التدفقات المسجلة في عام 2019”، وهي السنة المرجعية للعقد الماضي.
وقال الرحماني لوكالة فرانس برس إنه اعتبارا من 10 ديسمبر 2023، “تجاوزت تونس هذا الهدف”، حيث تجاوزت الإيرادات ملياري دولار.
وتصدر الجزائريون قائمة زوار تونس بنحو 2.7 مليون، يليهم الليبيون بنحو 2.1 مليون، ثم الفرنسيون بـ 974 ألفا.
وكان القطاع يتعافى بالفعل في عام 2022، عندما استعادت تونس 68 في المائة من عدد السياح المسجل في عام 2019.
ووفقا للبنك الدولي، فقد سمح هذا الانتعاش للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، التي تبلغ ديونها 78 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، بتخفيض عجز الحساب الجاري جزئيا، وذلك بفضل زيادة تدفقات العملات الأجنبية على الرغم من النمو الضعيف للغاية.
والسبب الرئيسي للتباطؤ الاقتصادي هو الجفاف الذي ضرب البلاد، والذي أدى إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية. كما أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع تكاليف واردات تونس من الحبوب والأغذية والطاقة.
وعلى مدى العقد الماضي، عانت السياحة، التي تمثل تسعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، من تداعيات انتفاضة 2011، التي أعقبتها سلسلة من الهجمات الإرهابية، مما دفع السياح الأجانب إلى الامتناع عن زيارة البلاد.
