وقصفت إسرائيل جنوب قطاع غزة يوم الجمعة بعد خلاف علني مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة بشأن إمكانية إقامة دولة فلسطينية ترى واشنطن أن قيامها هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم.
أفاد شهود عيان بإطلاق نار وغارات جوية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة في خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، حيث تقول إسرائيل إن العديد من أعضاء وزعماء حركة حماس الفلسطينية يختبئون.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن قصف مدفعي “مكثف” بالقرب من مستشفى الأمل، في حين قالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن 77 شخصا قتلوا وأصيب العشرات خلال الليل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن لواء جفعاتي التابع له يقاتل في أقصى الجنوب حيث وصلت قواته حتى الآن في الحملة.
وأضاف أن “الجنود قضوا على عشرات الإرهابيين في قتال من مسافة قريبة وبمساعدة نيران الدبابات والدعم الجوي”.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب، التي بدأت بهجمات حماس غير المسبوقة على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أدت إلى نزوح حوالي 85 بالمائة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
ويتكدس الكثيرون في الملاجئ حيث يكافحون من أجل الحصول على الغذاء والماء والوقود والرعاية الطبية. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن هناك حاجة ماسة إلى تحسين وصول المساعدات مع اقتراب المجاعة والمرض.
قالت منظمة الصحة العالمية، خلال الليل، إنها أحصت 24 حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي (أ) و”آلاف” حالات اليرقان التي من المحتمل أن تكون مرتبطة بانتشار عدوى الكبد الفيروسية.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس على موقع X، المعروف سابقًا باسم تويتر، إن “الظروف المعيشية غير الإنسانية – تقريبًا عدم وجود مياه للشرب أو مراحيض نظيفة أو القدرة على الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة – ستسمح بانتشار التهاب الكبد A بشكل أكبر”، واصفًا الأزمة الصحية بأنها ” مادة متفجرة”.
وأدت هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى مقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
واحتجز النشطاء أيضا نحو 250 رهينة خلال الهجمات، تقول إسرائيل إن حوالي 132 منهم ما زالوا في غزة. ويعتقد أن 27 رهينة على الأقل قتلوا، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل “بإبادة” حماس ردا على ذلك، وأدى هجومها الجوي والبري المستمر إلى مقتل ما لا يقل عن 24620 فلسطينيا، حوالي 70 في المائة منهم من النساء والأطفال والمراهقين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي يوم الخميس “لن نرضى بأقل من النصر الكامل” محذرا من أن “النصر سيستغرق عدة أشهر”.
وأضاف أن النصر الكامل يعني “القضاء على قادة الإرهابيين وتدمير قدرات حماس العملياتية والعسكرية وعودة رهائننا إلى منازلهم” فضلا عن نزع السلاح في غزة.
– دولة فلسطينية؟ –
وتدعم واشنطن الحملة الإسرائيلية في غزة، ولكن على الرغم من العلاقات الوثيقة، فقد أعلن الحليفان خلافاتهما علناً مرة أخرى هذا الأسبوع حول كيفية المضي قدماً.
استغل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا لتجديد دعوته إلى “الطريق إلى دولة فلسطينية”.
لكن نتنياهو رفض الاقتراح بشكل قاطع يوم الخميس.
وقال “يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن”. وأضاف “هذا شرط ضروري وهو يتناقض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)”.
وأكد نتنياهو أن “رئيس الوزراء في إسرائيل يجب أن يكون قادرا على قول لا، حتى لأفضل أصدقائنا”.
وتعتقد واشنطن أن إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة والاعتراف بها أمر ضروري لتحقيق الأمن لإسرائيل.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي عندما سئل عن تصريحات نتنياهو “من الواضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف.”
وردا على تصريحات نتنياهو، قال المتحدث الرسمي باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه بدون دولة فلسطينية مستقلة “لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة”.
وقال نبيل أبو ردينة، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، إن “المنطقة برمتها مقبلة على انفجار بركاني بسبب السياسات العدوانية التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.
وتمارس السلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس حكما محدودا في الضفة الغربية المحتلة حيث نفذ الجيش الإسرائيلي أيضا غارات خلال الليل خاصة في طولكرم.
وأحصت وزارة الصحة الفلسطينية ستة وفيات على الأقل في المدينة منذ الأربعاء.
– هجمات الحوثيين –
ويخشى المجتمع الدولي بالفعل من أن الحرب في غزة قد تمتد إلى المنطقة الأوسع، مع التبادل اليومي لإطلاق النار على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وزيادة الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون على السفن التجارية في المياه المحيطة باليمن وما تلا ذلك من تكثيف للهجمات. ضربات أمريكية هناك ردا على ذلك.
وشن الحوثيون المدعومين من إيران هجمات ضد ما يعتبرونها سفناً مرتبطة بإسرائيل في الممرات الملاحية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن دعماً للفلسطينيين في غزة.
وقالوا أيضًا إن السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا أصبحت لعبة عادلة منذ أن شنت الدولتان ضربات جوية ضد أهداف في اليمن خلال الأسبوع الماضي.
وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم في وقت مبكر من يوم الجمعة عن هجوم آخر على سفينة تملكها وتديرها الولايات المتحدة في خليج عدن.
وقالت القيادة المركزية للجيش الأمريكي إن صاروخين أطلقا على السفينة كيم رينجر التي ترفع علم جزر مارشال، لكن السفينة وطاقمها بخير ويتجهون إلى الميناء التالي.
وبينما تعهد الحوثيون بمواصلة مثل هذه الهجمات، وعد مسؤول حوثي كبير بمرور آمن عبر البحر الأحمر للسفن الروسية والصينية في مقابلة نشرتها صحيفة إزفستيا الروسية يوم الجمعة.
