يصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى تركيا يوم الأربعاء لإجراء محادثات تم تأجيلها مرتين بهدف تسوية الخلافات السابقة ومحاولة وقف انتشار الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتأتي زيارة رئيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع بدء الحرب في غزة في تأجيج التوترات وتصعيد القتال في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وكثفت الولايات المتحدة وبريطانيا ضرباتهما الجوية المشتركة ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن ردا على هجماتهم على ممرات الشحن في البحر الأحمر.
وفي الوقت نفسه، استهدفت إسرائيل مرارا وتكرارا شخصيات مرتبطة بطهران في سوريا ويبدو أنها على وشك شن حرب واسعة النطاق ضد مقاتلي حزب الله المدعوم من إيران في لبنان.
وتبادلت إيران وباكستان الأسبوع الماضي الضربات ضد أهداف “متشددة” و”إرهابية”، وكثفت تركيا نفسها ضربات المدفعية والطائرات بدون طيار ضد الجماعات الكردية في سوريا وإيران.
وأجبرت وتيرة التصعيد السريعة في الشرق الأوسط رئيسي على تأجيل زيارته لأنقرة مرتين.
تم إلغاء المحادثات التي كان من المقرر عقدها في أنقرة في أوائل يناير عندما أدى انفجاران مزدوجان أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتهما عنهما إلى مقتل 89 شخصًا في ضريح الجنرال في الحرس الثوري الإسلامي قاسم سليماني الذي اغتيل.
وكانت الرحلة التي كان من المقرر القيام بها في نوفمبر ألغيت بسبب تضارب جداول الدبلوماسيين المشاركين في المشاورات بشأن حرب غزة.
وقالت الرئاسة التركية إن الزعيمين سيحضران مؤتمرا صحفيا بعد إجراء محادثات ورئاسة اجتماع لكبار وزرائهما خلال الزيارة التي تستغرق يوما واحدا.
– “المحررون” –
إن الاضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط منذ أن شنت إسرائيل الحرب رداً على الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أضافت طبقة جديدة من التعقيد إلى علاقة تركيا الوثيقة، وإن كانت غير مستقرة، مع إيران.
ويصور أردوغان حركة حماس المدعومة من إيران على أنها “محررين” منتخبين بشكل شرعي وليست منظمة “إرهابية” كما يطلق عليها في جميع أنحاء العالم الغربي.
وشبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأدولف هتلر في مواصلة الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 25 ألف شخص – معظمهم من النساء والأطفال – في غزة، وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.
وقد أدت الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى تحويل معظم الأراضي الفلسطينية المحاصرة إلى أنقاض ومجاعة في الغذاء.
لكن اردوغان دافع في البداية عن حق اسرائيل في الرد على غارات حماس التي اسفرت عن مقتل 1140 شخصا معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى ارقام اسرائيلية رسمية.
ويعتقد أن المسلحين ما زالوا يحتجزون نحو 130 من بين ما يقدر بنحو 250 شخصا احتجزوا كرهائن في أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل.
– توترات بشأن التجارة –
ويشير المحللون إلى الغضب الواسع النطاق في وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية الإيرانية بشأن استمرار العلاقات التجارية والدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل.
وتضاف هذه الاختلافات إلى التوترات القائمة بين القوتين الإقليميتين في سوريا – حيث دعمتا معسكرين متعارضين في الحرب الأهلية في البلاد – وفي الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول جيب ناجورنو كاراباخ.
وقال حقي أويغور مدير مركز اسطنبول للدراسات الإيرانية لوكالة فرانس برس إن “العلاقات بين تركيا وإيران كانت دائما معقدة ومتعددة الأبعاد”.
وأضاف “تركيا قادرة دائما على التعامل مع الأمر وإيجاد حل وسط بطريقة أو بأخرى. وأعتقد أن شيئا مماثلا سيحدث الآن”.
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية إن رئيسي سيرأس “وفدا سياسيا واقتصاديا رفيع المستوى” في أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ انتخابه في عام 2021.
– احتواء الصراع –
تشترك إيران وتركيا في حدود يبلغ طولها 535 كيلومترًا (330 ميلًا) وتاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية الوثيقة والخلافات الدبلوماسية.
ودعمت تركيا جهود المعارضة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا خلال الحرب الأهلية السورية.
وتزايد قلق إيران مع قيام تركيا بتزويد أذربيجان بالأسلحة لمساعدة أذربيجان على هزيمة الانفصاليين الأرمن من ناغورنو كاراباخ في عام 2020 ثم مرة أخرى في العام الماضي.
وتخشى طهران من أن يؤدي ظهور باكو من جديد في منطقة القوقاز إلى تغذية الطموحات الانفصالية للأقلية العرقية الأذربيجانية الكبيرة في إيران.
ويعتقد المحللون أن حرب غزة ساعدت في وضع النزاعات الإقليمية في مرتبة متأخرة وإجبار الزعيمين على البحث عن نهج مشترك في الشرق الأوسط.
وقال أراش عزيزي الأستاذ بجامعة كليمسون: “من الممكن أن يعلن رئيسي وأردوغان بعض الإجراءات الرمزية بشأن فلسطين خارج الاجتماع”.
“لكنني أعتقد أن تركيزهم سيكون في الغالب على كيفية احتواء الصراع والتأكد من عدم توسعه، وهو أمر تريده أنقرة وطهران”.
