قالت المحكمة العليا في الأمم المتحدة يوم الجمعة إن إسرائيل يجب أن تفعل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية في حربها مع حماس والسماح بدخول المساعدات إلى غزة، مع تزايد القلق بشأن الفلسطينيين المحاصرين في الصراع.
وقالت محكمة العدل الدولية أيضًا إنه يتعين على إسرائيل تسهيل المساعدات الإنسانية “المطلوبة بشكل عاجل” لغزة، في قرار تاريخي في قضية أثارت اهتمامًا عالميًا.
وقالت المحكمة ومقرها لاهاي، رغم أنها لم تأمر بوقف فوري للحرب المستمرة منذ أربعة أشهر تقريبا، إنه يتعين على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها “لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تدخل في نطاق” اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
ورفعت جنوب أفريقيا القضية ضد إسرائيل، متهمة إياها بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تم وضعها على أنقاض الحرب العالمية الثانية والمحرقة.
وانفجر الرئيس سيريل رامافوسا ومجلس الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا بالهتاف بعد الحكم الذي أشادت به وزارة الخارجية ووصفته بأنه “نصر حاسم”.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحكم ووصفه بأنه “شائن”.
وكان نتنياهو قد أشار بالفعل إلى أنه لا يشعر بأنه ملتزم بالمحكمة، قائلا: “لن يوقفنا أحد، لا لاهاي، ولا محور الشر، ولا أحد آخر”.
وأشادت حماس بالقرار ووصفته بأنه “تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وكشف جرائمها في غزة”.
وأعرب مشتانا مسلم (56 عاما)، وهو نازح من مدينة غزة، عن امتنانه لجنوب أفريقيا لرفع القضية ضد إسرائيل.
وقال لوكالة فرانس برس “هذا في حد ذاته انجاز لصالحنا، لكن بالعودة إلى التاريخ فإن إسرائيل لم تعترف بالقرارات الدولية”. وأضاف: “كفلسطينيين، نحن نؤيد هذه الخطوة ونشعر بالفخر بها”.
وقالت شركة الطيران الإسرائيلية “إل عال” الجمعة قبل صدور الحكم إنها ستلغي رحلاتها المباشرة إلى جنوب أفريقيا بعد “انخفاض كبير في الطلب من قبل المسافرين الإسرائيليين”.
وبدأت الحرب بهجوم نفذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
واحتجز المسلحون أيضا نحو 250 رهينة وتقول إسرائيل إن نحو 132 منهم ما زالوا في غزة، بما في ذلك جثث 28 قتيلا على الأقل من الأسرى.
وتعهدت إسرائيل بسحق حماس وشنت هجوما عسكريا تقول وزارة الصحة في غزة إنه أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26083 شخصا، حوالي 70 في المئة منهم من النساء والأطفال.
– “وضع كارثي” –
وعلى الأرض، أظهرت لقطات تلفزيونية لوكالة فرانس برس من مدينة غزة، الجمعة، مئات الفلسطينيين يتجمعون حول شاحنة لتوصيل المساعدات.
وأظهرت لقطات من مخيم المغازي للاجئين في دير البلح القريبة عشرات الجثث المتحللة وسط الأنقاض.
وقال أحد النازحين في حي الزيتون بمدينة غزة: “إننا نعاني من وضع كارثي، والمجاعة الحقيقية تحدث في جميع أنحاء غزة”.
وفي خان يونس، المدينة الرئيسية بجنوب غزة، قال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن مستشفى ناصر “نفد الطعام وأدوية التخدير والمسكنات بالكامل نتيجة الحصار الإسرائيلي”.
وأضاف أن آلاف النازحين يواجهون “المجاعة” في المنشأة، إلى جانب 150 موظفا و350 مريضا.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن المستشفى كان يعمل “بحد أدنى” حيث كان الجيش محاصرا وكان يشهد قتالا عنيفا.
وفي مكان آخر في خان يونس، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن الدبابات الإسرائيلية استهدفت مستشفى الأمل الذي كان “تحت الحصار بإطلاق نار كثيف”.
– هجمات على المدنيين –
وجاءت مشاهد اليأس بعد يوم من اتهام وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس للقوات الإسرائيلية بقتل 20 شخصا كانوا ينتظرون توزيع المساعدات على مشارف مدينة غزة.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من هذه المزاعم، ولم ترد إسرائيل بعد على طلب للتعليق.
وهذا هو الهجوم الثاني من نوعه خلال يومين، بعد أن قالت الأمم المتحدة إن الدبابات قصفت أحد ملاجئها في خان يونس، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الجيش الإسرائيلي أمر الناس بمغادرة الموقع بحلول الساعة 5:00 مساء (1500 بتوقيت جرينتش) يوم الجمعة، على الرغم من أن الجيش نفى إصدار طلب إخلاء محدد.
والجيش الإسرائيلي هو القوة الوحيدة المعروفة التي لديها دبابات في غزة.
كما أفادت حماس عن وقوع اشتباكات عنيفة في وسط وغرب خان يونس، مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، المشتبه في أنه العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر.
وأعلن الجيش الجمعة أن جنديا آخر قتل في غزة، ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى منذ بدء العمليات البرية الإسرائيلية في أواخر تشرين الأول/أكتوبر إلى 222 على الأقل.
– “بحر من الناس” –
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 120 شخصا قتلوا في أنحاء غزة خلال الليل.
وقد فر عدة آلاف إلى رفح، على الحدود الجنوبية مع مصر، حيث تجمع معظم الفلسطينيين الذين شردتهم الحرب، والبالغ عددهم 1.7 مليون نسمة.
وقاموا بتجميع أمتعتهم في السيارات والجرارات والعربات التي تجرها الحمير بينما فر كثيرون آخرون سيرا على الأقدام.
وقال موسى أبو يوسف: “لا أعرف إلى أين أتجه”. “لم آخذ معي شيئا، لا بطانيات، ولا ملاءات، ولا (خيمة)، لا شيء على الإطلاق”.
وقال رئيس الأونروا فيليب لازاريني على منصة التواصل الاجتماعي X إن “بحرا من الناس” اضطروا إلى الفرار من خان يونس إلى الحدود مع مصر.
وقال صحافي في وكالة فرانس برس في رفح إنه لم يعد هناك مكان لعشرات الآلاف الذين يفرون من خان يونس، وأن المخاوف تتزايد بشأن وصول القوات الإسرائيلية إلى رفح.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية في وقت متأخر من يوم الخميس أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز سيسافر إلى أوروبا قريبا للقاء نظيريه الإسرائيلي والمصري وكذلك رئيس الوزراء القطري في محاولة للتفاوض على هدنة أخرى في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
ونقلت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست عن مسؤولين لم تحددهم قولهم إن بيرنز سيسعى إلى إطلاق جولة جديدة من المحادثات، على الرغم من رفض وكالة المخابرات الأمريكية والبيت الأبيض تأكيد خطط سفره.
وبموجب هدنة استمرت اسبوعا في نوفمبر تشرين الثاني افرجت حماس عن نحو 100 رهينة مقابل الافراج عن 240 سجينا فلسطينيا تحتجزهم اسرائيل.
