شعر الفلسطينيون المحاصرون في قبضة الحرب، الجمعة، بمشاعر الفخر والإحباط بعد أن قالت المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة إنه يتعين على إسرائيل منع الإبادة الجماعية في غزة.
وفي مدينة رفح جنوبي الأراضي الفلسطينية، يكافح أكثر من مليون نازح من أجل البقاء وسط القصف والنقص الحاد في الإمدادات الأساسية.
تجمع بعض الذين حصلوا على الكهرباء حول جهاز تلفزيون اليوم الجمعة لمشاهدة محكمة العدل الدولية وهي تصدر حكما أوليا في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
وقالت مها ياسين، التي اضطرت للفرار من شمال مدينة غزة إلى رفح، “أشعر بالفخر بقرار المحكمة، إنها المرة الأولى التي يقول فيها العالم لإسرائيل إنها تجاوزت كل الخطوط والقانون الدولي”.
وقال الرجل البالغ من العمر 42 عاما لوكالة فرانس برس “على الأقل أشعر أن العالم بدأ يتعاطف معنا، وأن دماءنا وشهدائنا وخسارتنا الجسدية والعقلية لم تذهب سدى”.
وقُتل أكثر من 26 ألف شخص في غزة، حوالي 70% منهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الاول/اكتوبر الماضي بهجوم غير مسبوق لحماس اسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا في اسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى ارقام اسرائيلية رسمية.
واحتجز المسلحون أيضا نحو 250 رهينة وتقول إسرائيل إن نحو 132 منهم ما زالوا في غزة، بما في ذلك جثث 28 قتيلا على الأقل من الأسرى.
ودمر الجيش الإسرائيلي مساحات واسعة من قطاع غزة في هجومه العنيف، حيث أجبر 1.7 مليون شخص على الفرار من منازلهم وفقا للأمم المتحدة.
– ‘اوقفو الحرب’ –
ووصل أبو محمد زقوت (55 عاما) إلى رفح مع العشرات من أقاربه الذين حشروا في خيمة غير صالحة لطقس الشتاء القاسي.
وقال “كنت أعلق آمالي على أمر المحكمة بوقف الحرب”.
وأضاف زقوت “لكنني سعيد لأنني عشت لأرى اليوم الذي يقول فيه العالم لإسرائيل إنها مجرمة وحربها غير أخلاقية”.
كما نص القرار التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية على أن إسرائيل يجب أن تسهل وصول المساعدات الإنسانية “المطلوبة بشكل عاجل” إلى غزة، حيث غالبا ما يكون العدد المحدود من الشاحنات التي تدخل غزة مكتظا بالناس الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء.
وأيد زقوت حكم المحكمة لكنه قال إنه لن يكون كافيا لوقف المعاناة.
وقال لوكالة فرانس برس “نريد أن نرى نهاية للحرب على الأرض. لم يعد أحد يستطيع تحملها”.
وحظيت جلسة المحكمة بمتابعة عن كثب في جميع أنحاء العالم وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث تجمع السكان في إحدى دور السينما في رام الله.
وتم عرض لافتات كتب عليها “شكرا لجنوب أفريقيا”، لكن الحاضرين أصيبوا بخيبة أمل لأن المحكمة لم تصل إلى حد الأمر بوقف فوري للأعمال العدائية.
وقالت هالة أبو: “من غير المقبول أن يقف العالم اليوم – بعد أكثر من مائة يوم – ويقف متفرجاً، ولا يتخذ قراراً فورياً بوقف الحريق وإدخال الغذاء والدواء وإخلاء الجرحى”. الغربية وفي يدها علم جنوب أفريقيا.
يقف تمثال يبلغ ارتفاعه مترا لبطل جنوب أفريقيا المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا في رام الله، بينما رفع الفلسطينيون في وقت سابق من هذا الشهر علم البلاد فوق مدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
وبالعودة إلى السينما، قالت الفلسطينية ميس شبانة إنها تشعر بخيبة أمل إزاء رد المحكمة على قضية جنوب أفريقيا.
وأضافت: “كنا متفائلين للغاية، لكننا الآن لسنا سعداء. نشعر أنه كان بإمكان المحكمة أن تقرر بوضوح أنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار”.