المنامة/الخرطوم
قالت مصادر مطلعة على المحادثات إن كبار قادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التقوا ثلاث مرات خلال شهر يناير في البحرين، وهو أول اتصال من نوعه بين الجانبين المتحاربين منذ تسعة أشهر من الصراع.
وعلى عكس المحادثات السابقة بشأن الحرب في السودان، حضر اجتماعات المنامة نواب مؤثرون من القوتين ومسؤولون من مصر والإمارات العربية المتحدة، وفقا لمصادر تحدثت إلى رويترز، وحضر اثنان منهم المحادثات.
وتأتي المحادثات غير المعلنة، والتي حضرتها أيضًا الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بعد محاولات متكررة من قبل القوتين وكذلك الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا (إيجاد) للتوسط في وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الحرب دون تحقيق تقدم يذكر.
وعلق قائد الجيش عبد الفتاح البرهان العلاقات مع إيغاد بعد أن اتهمها بالتحيز لصالح قوات الدعم السريع.
واندلعت الحرب في السودان في أبريل الماضي بسبب خلافات حول صلاحيات الجيش وقوات الدعم السريع بموجب خطة مدعومة دوليا للانتقال السياسي نحو الحكم المدني وإجراء الانتخابات.
وكانت المشكلة الرئيسية هي الدور التخريبي الذي لعبه خلف الكواليس أنصار الإسلاميين والأعضاء السابقين في نظام عمر البشير المخلوع عندما دعموا مواقف قائد الجيش.
ودمر القتال أجزاء من السودان بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وقتل أكثر من 13 ألف شخص وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وأثار تحذيرات من المجاعة وخلق أزمة نزوح داخلي.
وكانت المحادثات التي أجريت العام الماضي في مدينة جدة السعودية شارك فيها مسؤولون من المستوى الأدنى ولم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقالت المصادر إن الجيش في المنامة يمثله اللواء المتشدد شمس الدين كباشي وقوات الدعم السريع يمثلها اللواء عبد الرحيم دقلو شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وبحسب أحد المشاركين، فقد اتفق الجانبان مبدئياً على إعلان مبادئ يشمل الحفاظ على وحدة السودان وجيشه.
وأضاف المصدر أنه تم التخطيط لإجراء مزيد من المحادثات لمناقشة وقف إطلاق النار، لكن اجتماع المتابعة تم تأجيله الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من عدم تحقيق أي تقدم، فقد أظهرت الاجتماعات أن القوى الإقليمية، التي تشعر بالقلق من انحدار البلاد نحو فشل الدولة، تمكنت من ممارسة ضغوط جديدة عليها، كما يقول محلل مجموعة الأزمات آلان بوسويل.
“إن وجود مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خلف جهد سلام واحد كان عنصرًا مفقودًا إلى حد كبير. وقال بوزويل: “قد لا يكون ذلك كافياً ولكنه يبدو ضرورياً”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة “مستعدة للدخول في شراكة مع الجهات الفاعلة الإقليمية التي لها نفوذ على المتحاربين” لكنه رفض التعليق على المفاوضات.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء الخرطوم وغرب السودان، وقد حققت مؤخرًا تقدمًا عسكريًا سريعًا.
وفي هذا الشهر، توغلت قوات الدعم السريع شرقاً بعيداً عن معاقلها في دارفور، وهاجمت بابنوسة في ولاية غرب كردفان. وانتشرت قواتها أيضا في أنحاء ولاية الجزيرة التي اجتاحتها الشهر الماضي.
وفي الوقت نفسه، يسعى الجيش لاستعادة الأراضي في العاصمة، ويقوم بتجنيد وتسليح المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرته.
ومع ذلك، كانت هناك مخاوف من احتمال تفكك ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة.
وبدأ رئيس قوات الدعم السريع دقلو جولة إقليمية في وقت سابق من الشهر الماضي. وتم استقبال دقلو، المعروف باسم حميدتي، رسميًا من قبل العديد من الزعماء الأفارقة، مما أثار غضب البرهان، الذي هدد بمواصلة الحرب حتى هزيمة أعدائه.
وفي تعزيز لمكانته الدبلوماسية، وجهت إيغاد دعوة إلى دقلو لحضور قمة في أوغندا، وقبلها. ودفعت هذه الخطوة وزارة الخارجية الموالية لقائد الجيش والزعيم الفعلي للسودان البرهان، إلى الإعلان عن تعليق علاقتها مع الكتلة.
وحاولت الكتلة، بالتوازي مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، مراراً وتكراراً التوسط بين الجنرالين المتحاربين، ولكن دون جدوى.
واتهمت وزارة الخارجية السودانية الموالية للجيش التكتل بإضفاء الشرعية على “ميليشيات” دقلو من خلال دعوتها إلى اجتماع يحضره رؤساء الدول والحكومات الأعضاء. واتهم البرهان الكتلة بالانحياز والسعي للتدخل في “شأن داخلي”.
