حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل يوم الأحد من أن الهجوم البري على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة والمكتظة بالنازحين الفلسطينيين سيعرض للخطر إطلاق سراح الرهائن الذين يحتجزهم نشطاء في المنطقة المحاصرة.
وأعربت حكومات أجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، ومنظمات الإغاثة عن قلقها العميق إزاء تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوسيع العمليات.
وظلت رفح، الواقعة على الحدود مع مصر، الملاذ الأخير للفلسطينيين الفارين من القصف الإسرائيلي المستمر في أماكن أخرى من قطاع غزة خلال حربها المستمرة منذ أربعة أشهر ضد حماس، والتي أثارها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال قيادي في حماس لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، إن “أي هجوم لجيش الاحتلال على مدينة رفح من شأنه أن ينسف مفاوضات التبادل”.
وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من القوات الاستعداد لدخول المدينة التي تستضيف الآن أكثر من نصف إجمالي سكان غزة، مما أثار مخاوف بشأن تأثير ذلك على المدنيين النازحين.
وقال نتنياهو لقناة ايه بي سي نيوز الأمريكية إن أولئك الذين حثوا إسرائيل على عدم الذهاب إلى رفح يمنحون حماس ترخيصا بالبقاء.
وفي مقابلة بثت الأحد، أصر نتنياهو على أن عملية رفح ستمضي قدما “مع توفير ممر آمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة”.
واحتشد نحو 1.4 مليون شخص في رفح، ويعيش العديد منهم في خيام وسط نقص متزايد في إمدادات الغذاء والمياه والدواء.
وعقد وسطاء محادثات جديدة في القاهرة من أجل وقف القتال وإطلاق سراح بعض الرهائن الـ 132 على الأقل، الذين تقول إسرائيل إنهم ما زالوا في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم ماتوا.
واحتجزت حماس نحو 250 رهينة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية، وتم إطلاق سراح العشرات خلال هدنة استمرت أسبوعا في تشرين الثاني/نوفمبر.
أعلن الجناح العسكري لحركة حماس الأحد أن رهينتين قُتلا وأصيب ثمانية آخرون بجروح خطيرة في القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، وهو ادعاء لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق منه بشكل مستقل.
وتستهدف الغارات الإسرائيلية منذ فترة طويلة أهدافا في رفح، وبدا القتال الأحد مكثفا على بعد عدة كيلومترات شمالا في مدينة خان يونس، حيث سمع مراسلو فرانس برس دوي انفجارات منتظمة وشاهدوا أعمدة من الدخان الأسود.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته تنفذ “غارات مستهدفة” في غرب خان يونس، وهي المنطقة التي أفاد الجناح المسلح لحماس عن وقوع اشتباكات عنيفة فيها.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس يوم الأحد عن 112 حالة وفاة خلال الـ 24 ساعة الماضية، وأضافت سلطات حماس أنه كانت هناك عشرات الغارات الجوية، بما في ذلك على رفح.
– ‘مذبحة’ –
وأدى الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل إلى مقتل نحو 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وردت بهجوم لا هوادة فيه في غزة، والذي تقول وزارة الصحة في القطاع إنه أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 28176 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال.
وزعم نتنياهو على شبكة ABC أن القوات الإسرائيلية “قتلت وأصابت حوالي 12 ألف مقاتل” من حماس.
وكانت الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان ومنظمة التعاون الإسلامي من بين أحدث الدول التي دقت ناقوس الخطر بشأن الخطة المتعلقة برفح، آخر مركز سكاني كبير في غزة لم تدخله القوات الإسرائيلية بعد.
وقالت الكتلة التي تتخذ من جدة مقراً لها والتي تضم 57 دولة على وسائل التواصل الاجتماعي: “حذرت منظمة التعاون الإسلامي بشدة من أن استمرار وتوسيع العدوان العسكري الإسرائيلي هو جزء من المحاولات المرفوضة لطرد الشعب الفلسطيني قسراً من أرضه”.
وشددت على أن “مثل هذه الأعمال تندرج ضمن جرائم الإبادة الجماعية، ومن شأنها أن تؤدي إلى كارثة إنسانية ومذبحة جماعية”.
كما رفضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التهجير “القسري” للأشخاص من رفح، مما أثار صدمة النزوح الجماعي للفلسطينيين والتهجير القسري في وقت قريب من إنشاء إسرائيل عام 1948.
تظاهر الآلاف، اليوم الأحد، في العاصمة المغربية الرباط، تنديدًا بـ”الإبادة الجماعية” في غزة، وطالبوا حكومتهم بالتراجع عن اتفاق التطبيع المبرم مع إسرائيل عام 2020.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن “هجوما إسرائيليا واسع النطاق في رفح سيخلق وضعا إنسانيا كارثيا” ويمكن أن يؤدي إلى “كارثة”.
وفي وقت سابق من حرب غزة دعا الجيش الإسرائيلي السكان إلى إخلاء المناطق “حفاظا على سلامتهم”.
– “لا مكان للهروب” –
لكن سكان غزة، الذين ينزحون إلى الجنوب أكثر فأكثر، قالوا مرارا وتكرارا إنهم لا يستطيعون العثور على ملاذ آمن من القتال والقصف.
فرح محمد، 39 عامًا، أم لخمسة أطفال نازحة من شمال غزة، كانت في حيرة من أمرها لمعرفة ما يجب فعله إذا تحركت القوات إلى رفح.
وقالت: “ليس هناك مكان للهروب”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على منصة التواصل الاجتماعي X إن “الناس في غزة لا يمكن أن يختفيوا في الهواء”.
ودعت السعودية إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بينما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن الأولوية “يجب أن تكون وقفا فوريا للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن”.
ويواجه نتنياهو، الذي تضم حكومته الائتلافية ساسة من اليمين المتطرف، دعوات لإجراء انتخابات مبكرة واحتجاجات متزايدة بسبب فشله في إعادة الرهائن إلى وطنهم.
وقال جيل جوردون، أحد المتظاهرين في تل أبيب: “من الواضح أن نتنياهو يطيل أمد الحرب. ليس لديه أي فكرة عما يجب فعله في اليوم التالي”.
وقالت إفرات ماشيكوا، ابنة أخ الأسير غادي موزيس، إن الإسرائيليين ” معنا، لكننا لا نشعر أن الحكومة معنا”.
بور-عامي/hkb
