واجهت اسرائيل ضغوطا دولية متزايدة يوم الثلاثاء للموافقة على وقف اطلاق النار مع حماس في الوقت الذي تخطط فيه لتوغل في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة حيث يحاصر اكثر من مليون فلسطيني.
ومن المقرر أن يصل مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز إلى القاهرة يوم الثلاثاء لعقد جولة جديدة من المحادثات بشأن وقف إطلاق النار بوساطة قطرية والذي سيوقف القتال مؤقتا مقابل إطلاق حماس سراح الرهائن.
وتأتي زيارته المزمعة بعد أن حذرت واشنطن والأمم المتحدة إسرائيل من شن هجوم بري على رفح دون خطة لحماية المدنيين الذين يقولون إنه لم يعد لديهم مكان يذهبون إليه.
وقالت إيمان درغام، وهي نازحة فلسطينية: “أينما ذهبنا هناك قصف وشهداء وجرحى”.
وخلال زيارة للبيت الأبيض يوم الاثنين، دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى وقف كامل لإطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر.
وقال العاهل الأردني الذي تستضيف بلاده عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين “لا نستطيع أن نتحمل هجوما إسرائيليا على رفح. فمن المؤكد أن يؤدي إلى كارثة إنسانية أخرى”.
“لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونترك هذا الأمر يستمر. نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار الآن. هذه الحرب يجب أن تنتهي.”
وبعد رفض شروط الهدنة التي طرحتها حماس الاسبوع الماضي شنت اسرائيل غارة قبل فجر يوم الاثنين في رفح وحررت رهينتين وقتلت نحو 100 شخص.
وأشاد نتنياهو بالعملية التي جرت خلال الليل والتي أفرجت عن فرناندو سيمون مارمان (60 عاما) ولويس هار (70 عاما) ووصفها بأنها “مثالية” بينما قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن مقتل العشرات من سكان غزة يرقى إلى “مذبحة”.
وجاءت مهمة الإنقاذ النادرة تحت ضربات جوية مكثفة بعد ساعات من تحدث نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أكد مجددا معارضته لهجوم كبير على رفح.
لكن نتنياهو تحدى الضغوط التي تمارسها واشنطن الحليف الرئيسي والداعم العسكري، مصرا على أن “النصر الكامل” لا يمكن تحقيقه إلا بعد القضاء على آخر كتائب المسلحين في رفح.
وخلال اجتماعه مع الوحدات التي أطلقت سراح الرهينتين، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الاثنين إنه ستكون هناك “المزيد من العمليات” قريبا وتعهد “بتدمير غزة”.
“في رأيي، اليوم ليس بعيدا.”
– لا يوجد مكان آمن –
وأثارت الولايات المتحدة غضب بعض حلفائها في الشرق الأوسط من خلال رفضها المستمر دعم وقف كامل لإطلاق النار، حيث تقول واشنطن إنها تدعم حملة إسرائيل للقضاء على حماس وتدعو بدلا من ذلك إلى هدنة أقصر مع تبادل الأسرى والرهائن.
وقال بايدن يوم الاثنين إن إدارته تحاول التوسط للتوصل إلى هدنة مدتها ستة أسابيع، وأنه على الرغم من وجود العناصر الأساسية، إلا أن “الفجوات” لا تزال قائمة.
وقال بايدن إنه بمجرد موافقة الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار، فمن الممكن التطرق إلى “شيء أكثر ديمومة”.
ورغم أن المحادثات التي استمرت أسابيع لم تثمر بعد، صرح مصدر مقرب من المفاوضات لوكالة فرانس برس أنه من المتوقع أن يصل مدير وكالة المخابرات المركزية بيرنز إلى مصر لإجراء مزيد من المفاوضات رفيعة المستوى يوم الثلاثاء.
وكان بيرنز جزءا من الفريق الذي ناقش الهدنة المقترحة في باريس الشهر الماضي.
– لا يوجد مكان آمن –
لقد أصبحت رفح الملاذ الأخير لأكثر من نصف سكان غزة الذين يضطرون إلى الإقامة على الحدود مع مصر في مخيمات مؤقتة حيث يواجهون تفشي التهاب الكبد والإسهال، وندرة الغذاء والماء.
وقال نتنياهو إن إسرائيل ستوفر “ممرًا آمنًا” للمدنيين الذين يحاولون المغادرة، لكن الحكومات الأجنبية ومنظمات الإغاثة – وكذلك سكان غزة – تساءلت عن المكان الذي يمكنهم الذهاب إليه.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: “في الوضع الراهن، لا يوجد مكان آمن حاليا في غزة”.
وعندما سئل عن مهمة الإخلاء، قال إن الأمم المتحدة “لن تكون طرفا في التهجير القسري للناس”.
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك من أن “عددا كبيرا للغاية من المدنيين” من المحتمل أن يقتلوا أو يصابوا في التوغل الإسرائيلي الكامل لرفح، وهو ما يمكن أن يعني أيضا نهاية المساعدات الإنسانية “الهزيلة” التي تدخل غزة.
وقال رجل في بيت لاهيا بشمال غزة “إنها مجاعة تقريبا هنا، لقد نفد الدقيق تقريبا في المنطقة الشمالية”. “لا يمكننا حتى العثور على الطعام والشراب للأطفال.”
– ‘الوقت ينفذ’-
وتركت العملية الإسرائيلية لتحرير الرهينتين مدينة رفح مليئة بحفر القنابل وأكوام من الركام.
وقالت الولايات المتحدة إنها تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي أفادت بمقتل حوالي 100 فلسطيني، من بينهم نساء وأطفال، في الغارة التي وقعت في وقت مبكر من يوم الاثنين.
ودعت وزارة الخارجية أيضًا إسرائيل إلى التحقيق في الوفاة “المفجعة” للطفلة الغزية هند رجب البالغة من العمر ستة أعوام.
وتم انتشال جثتها يوم السبت مع اثنين من أقاربها واثنين من العاملين في الهلال الأحمر الذين ذهبوا للعثور عليها بعد أن تعرضت سيارة عائلتها لإطلاق نار أثناء محاولتها الفرار من التقدم الإسرائيلي في مدينة غزة.
وقالت والدة هند وسام حمادة لوكالة فرانس برس “سأسأل الله يوم القيامة من سمع استغاثة ابنتي ولم ينقذها”.
وقتل ما لا يقل عن 28340 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، في القصف الإسرائيلي المستمر والهجوم البري على غزة، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق في 7 تشرين الأول/أكتوبر أدى إلى مقتل نحو 1160 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وخطف نشطاء أيضا نحو 250 رهينة أجنبيا وإسرائيليا من جنوب إسرائيل، تقول إسرائيل إن نحو 130 منهم ما زالوا محتجزين في غزة، ومن بينهم 29 يفترض أنهم ماتوا.
وحذرت مجموعة “منتدى الرهائن والعائلات المفقودة” من أن “الوقت ينفد أمام الرهائن المتبقين”، وحثت الحكومة الإسرائيلية على “استنفاد كل الخيارات المطروحة على الطاولة لإطلاق سراحهم”.
بور-رطل/كما
