تندوف، الجزائر
وبسبب خوفها من العزلة الإقليمية، وخاصة بعد إطلاق المغرب “المبادرة الأطلسية الملكية”، التي سهلت وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، فقد حولت الجزائر أنظارها نحو جارتها الجنوبية موريتانيا.
افتتح الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الخميس، بوابة على الحدود بين البلدين الشمال إفريقيين. كما اتفقوا على إنشاء منطقة للتجارة الحرة وبناء طريق بطول 847 كلم سيربط مدينة تندوف الجزائرية بالزويرات الموريتانية. ويرى الخبراء أن المشروع الطموح من المرجح أن يواجه بعض العقبات بالنظر إلى افتقاره إلى رؤية واضحة وتكلفته وقلة عدد السكان الذين يسكنون المنطقة.
ويأتي هذا الاتفاق بعد أيام قليلة من إعلان الجزائر عضو أوبك أيضا أنها ستستثمر 442 مليون دولار في مشاريع الطاقة في مالي والنيجر وليبيا.
علاوة على ذلك، قالت الجزائر إنها ستفتح أربع مناطق تجارة حرة أخرى في عام 2024 مع مالي والنيجر وتونس وليبيا.
ظلت الحدود بين الجزائر والمغرب، أكبر دولتين في منطقة المغرب العربي من حيث عدد السكان، مغلقة منذ عام 1994، على الرغم من دعوات المغرب المتكررة في السنوات الأخيرة لإعادة فتحها. وقطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب من جانب واحد عام 2021 وأوقفت تدفق خط أنابيب للغاز إلى إسبانيا عبر المغرب. ومنعت لاحقا جميع الطائرات المغربية من عبور مجالها الجوي.
وكان نزاع الصحراء الغربية في قلب تدهور العلاقات بين البلدين. ويعتبر المغرب المنطقة ملكا له، لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تريد إقامة دولة مستقلة هناك.
كما أبقت الجزائر حدودها البرية مع تونس مغلقة لبضع سنوات لأسباب صحية، حتى بعد أن لم يكن جائحة كوفيد-19 مصدر قلق إضافي للدول الأخرى.
وتسعى الجزائر، التي تعتمد بشكل كبير على مبيعات النفط والغاز، إلى تنويع اقتصادها وتحسين علاقاتها مع دول المنطقة بعد تصاعد التوترات مع مالي والنيجر وبقاءها في حالة جمود مع تونس وليبيا.
وقالت النيجر مؤخرا إنها تنضم إلى مبادرة الملك محمد السادس لتسهيل وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي. وستسعى إلى إقامة شراكة استراتيجية مع المغرب.
ولاقى تحرك الرباط حتى الآن ردود فعل إيجابية من بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، في وقت فشلت الدبلوماسية الجزائرية في كسب ثقة الحكام الجدد للنيجر ومالي. وتخشى الجزائر أن تؤدي مبادرة المغرب الأطلسية إلى مزيد من عزلتها في المنطقة.
وقال محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، لصحيفة “العرب ويكلي” إن سياسة المملكة في منطقة الساحل “تختلف عن موقف فرنسا والجزائر ومعظم دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)؛” المواقف التي لا تستطيع استيعاب التغييرات الجارية”.
ويقول خبراء آخرون إن تحول الجزائر نحو موريتانيا قد يكون أقل من اللازم ومتأخرا أكثر من اللازم. ويقول محللون إقليميون إن الجزائر فشلت حتى الآن في التواصل بشكل مقنع مع جيرانها أو في إدراك حجم عمليات إعادة التنظيم في المنطقة.