ناقش وزير الصحة الإيراني، بهرام بزشكيان، تفاصيل ميزانية إيران لعام 1405 هـ (2024-2025) أمام مجلس الشورى، مؤكدًا على التحديات الاقتصادية الكبيرة التي واجهت البلاد خلال إعدادها. وتأتي هذه الميزانية في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة الريال الإيراني، وعقوبات دولية مشددة، مما يضع ضغوطًا هائلة على الاقتصاد الإيراني وقدرته على تلبية احتياجات المواطنين الأساسية.
أشار بزشكيان إلى أن إجمالي الموارد والنفقات في مشروع قانون الميزانية يبلغ 14.441 مليار و417 مليون و505.600 ريال إيراني. وأكد أن الحكومة بذلت قصارى جهدها لتقليل الأثر السلبي لهذه الظروف على المواطنين، معترفًا في الوقت ذاته بصعوبة الوضع الاقتصادي العام.
تحديات إعداد ميزانية إيران في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة
أوضح بزشكيان أن عملية إعداد الميزانية لهذا العام كانت استثنائية بسبب مجموعة من العوامل المتداخلة. فقد شهدت إيران موجة جفاف حادة هي الأسوأ منذ خمسين عامًا، مما أثر سلبًا على القطاع الزراعي وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهو المصدر الرئيسي للدخل القومي الإيراني.
تأثير العقوبات والحرب الاقتصادية
كما أشار الوزير إلى أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران قد زادت من حدة الأزمة الاقتصادية، حيث تهدف هذه العقوبات إلى تقييد قدرة إيران على التجارة الدولية والوصول إلى الأسواق المالية. وأضاف أن البلاد واجهت ما وصفها بـ “حرب كبيرة” مع قوى معادية، مما أدى إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية.
ومع ذلك، أكد بزشكيان أن إيران تمكنت من تجاوز هذه التحديات بفضل “وحدة وتكاتف الشعب، وتضحيات القوات المسلحة، وتوافق المسؤولين، والقيادة الحكيمة لقائد الثورة”. هذا التصريح يعكس الخطاب الرسمي الإيراني الذي يركز على الصمود والمقاومة في مواجهة الصعوبات الخارجية.
ارتفاع التضخم وتدهور القوة الشرائية
تشير البيانات الرسمية إلى أن معدل التضخم السنوي في إيران يتراوح بين 41% و 50%. يعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى طباعة المزيد من العملة لتمويل العجز في الميزانية، بالإضافة إلى تراجع قيمة الريال الإيراني. ونتيجة لذلك، انخفضت القوة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة الحصول على السلع الأساسية.
هذا الوضع أثار انتقادات واسعة النطاق داخل إيران، حيث أعرب العديد من المواطنين عن قلقهم بشأن قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وقد صرح بزشكيان في سياق ذلك، وفقًا لما نقلته RT، بأنه “لا يمكن لبلد يمتلك كل هذا النفط والغاز، ويبلغ إنتاجه اليومي قرابة 8 ملايين برميل، أن يكون فيه أناس جائعون ولا يملكون خبز عشاءهم، ثم نقول إننا ندير الأمور”. يعكس هذا التصريح اعترافًا رسميًا بوجود مشكلة حقيقية في توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية للمواطنين.
تعتبر الميزانية العامة للدولة في إيران أداة رئيسية للسياسة الاقتصادية، حيث تحدد أولويات الإنفاق الحكومي وتوجه الموارد نحو القطاعات المختلفة. في السنوات الأخيرة، ركزت الحكومة الإيرانية على دعم القطاعات الإنتاجية، وتوفير الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر احتياجًا، ومحاولة السيطرة على التضخم.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال تطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة والصناعات التحويلية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف يواجه تحديات كبيرة بسبب العقوبات الدولية والظروف الاقتصادية الصعبة.
تعتبر قضية الوضع الاقتصادي في إيران من القضايا الهامة التي تثير اهتمامًا دوليًا واسعًا. فالاستقرار الاقتصادي في إيران له تأثيرات كبيرة على المنطقة والعالم، خاصة فيما يتعلق بأسعار النفط والأمن الإقليمي.
من المتوقع أن يبدأ مجلس الشورى في مناقشة مشروع قانون الميزانية في الأيام القادمة، وقد يشهد المشروع تعديلات وتغييرات قبل الموافقة عليه بشكل نهائي. ويراقب المحللون الاقتصاديون عن كثب تطورات هذه المناقشات، لتقييم مدى قدرة الحكومة الإيرانية على معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.
يبقى مستقبل الاقتصاد الإيراني غير مؤكدًا، ويتوقف على مجموعة متنوعة من العوامل الداخلية والخارجية. من بين هذه العوامل، تطورات المفاوضات النووية، ورفع العقوبات الدولية، وارتفاع أسعار النفط، وتحسين العلاقات التجارية مع الدول الأخرى.
في الوقت الحالي، يركز الاهتمام على قدرة الحكومة على تنفيذ خططها الاقتصادية، وتحقيق الاستقرار المالي، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين. وسيكون من المهم مراقبة مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل معدل التضخم، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل البطالة، لتقييم مدى نجاح هذه الجهود.
