أعلنت مصر عن استعدادها لتقديم دعم شامل للبنان في قطاع الطاقة، بما في ذلك تزويده بالغاز الطبيعي، وذلك في إطار جهود لمعالجة الأزمة الكهربائية المزمنة التي يعاني منها لبنان. جاء هذا الإعلان خلال لقاء بين وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي ونظيره اللبناني، حيث تم بحث آليات التعاون لتوفير الغاز الطبيعي المصري للبنان. يهدف هذا التعاون إلى زيادة إنتاج الكهرباء وتحسين التغذية الكهربائية في لبنان.
ويشمل الاتفاق المقترح توريد الغاز عبر خط الغاز العربي، الذي يربط مصر بالأردن وسوريا، ومنه إلى لبنان. تأتي هذه الخطوة بعد اتفاقيات سابقة لتوريد الغاز المصري عبر الأراضي السورية، لكنها تواجه تحديات لوجستية وتمويلية. الهدف الرئيسي هو تخفيف النقص الحاد في الطاقة الذي يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
أهمية تزويد لبنان بالغاز الطبيعي المصري
يمثل تزويد لبنان بالغاز الطبيعي المصري خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة اللبناني. يعاني لبنان من عجز كبير في إنتاج الكهرباء، مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة وشبه يومية، ويعتمد بشكل كبير على مولدات الديزل الخاصة، وهي مكلفة وملوثة. وبحسب تقارير، فإن هذا العجز يكلف لبنان مليارات الدولارات سنويًا.
تفاصيل المذكرة المصرية اللبنانية
تتضمن المذكرة التي تم التوقيع عليها، وفقًا لوسائل الإعلام اللبنانية، تفاصيل حول آليات التوريد والأسعار التفضيلية أو المدعومة للغاز الطبيعي. كما تتناول الجوانب الفنية واللوجستية المتعلقة بنقل وتوزيع الغاز، بالإضافة إلى التعاون في تطوير البنية التحتية اللازمة. وتشير المصادر إلى أن مصر ستوفر أيضًا الدعم الفني للبنان في مجالات استكشاف حقول الغاز وتطويرها.
أكد الوزير بدوي استعداد مصر لتقديم كل أشكال الدعم الفني، مستندةً إلى خبرتها الواسعة في هذا المجال. وتشمل هذه الخبرة استكشاف حقول الغاز، وتطويرها، واستخراج الغاز، ونقله وتوزيعه، بالإضافة إلى بناء البنية التحتية ذات الصلة. هذا الدعم يهدف إلى مساعدة لبنان على الاستفادة القصوى من موارده المحتملة من الغاز.
بالإضافة إلى الغاز، يمكن أن يشمل التعاون بين البلدين مجالات أخرى في قطاع الطاقة، مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. تعتبر مصر رائدة في مجال الطاقة المتجددة، خاصةً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكنها نقل خبرتها إلى لبنان. هذا التعاون الأوسع يمكن أن يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في كلا البلدين.
يأتي هذا الاتفاق في سياق التوترات الإقليمية والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في لبنان. تعاني البلاد من أزمة اقتصادية حادة منذ عام 2019، تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 والانفجار المدمر في مرفأ بيروت عام 2020. وتعتبر معالجة أزمة الكهرباء أولوية قصوى للحكومة اللبنانية، حيث أنها تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وعلى النشاط الاقتصادي.
من الناحية الجيوسياسية، يعكس هذا التعاون رغبة مصر في تعزيز دورها في منطقة شرق المتوسط كسوق إقليمي للطاقة. تتمتع مصر بموقع استراتيجي يسمح لها بتصدير الغاز إلى دول المشرق وأوروبا. كما أن هذا التعاون يمثل خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ولبنان في مختلف المجالات. الغاز الطبيعي هو عنصر أساسي في هذه المعادلة.
ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه تنفيذ هذا الاتفاق. تشمل هذه التحديات الحصول على الموافقات اللازمة من سوريا لعبور الغاز عبر أراضيها، وتأمين التمويل اللازم لتطوير البنية التحتية في لبنان، وضمان استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة. قطاع الطاقة في لبنان هش للغاية ويتطلب استثمارات كبيرة لإعادة تأهيله.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على لبنان معالجة قضايا الفساد وسوء الإدارة التي تعيق تطوير قطاع الطاقة. وفقًا لتقارير، فإن الفساد وسوء الإدارة هما من الأسباب الرئيسية لعجز لبنان في إنتاج الكهرباء. لذلك، يجب على الحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات جادة لمكافحة الفساد وتحسين إدارة قطاع الطاقة.
الخطوة التالية المتوقعة هي تشكيل لجان فنية مشتركة لبحث تفاصيل التنفيذ ووضع جدول زمني واضح. من المتوقع أن تبدأ هذه اللجان عملها في غضون أسابيع قليلة. كما يجب على لبنان الحصول على ضمانات دولية لتأمين التمويل اللازم لتطوير البنية التحتية. يبقى مستقبل تزويد لبنان بالغاز معلقًا على هذه التطورات، مع الأخذ في الاعتبار التحديات السياسية والاقتصادية المستمرة في البلاد. أسعار الغاز و آليات الدفع ستكون أيضًا نقطة نقاش رئيسية.
المصدر: RT