خفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.5% إلى 16% يوم الجمعة، في خطوة متوقعة على نطاق واسع من قبل المحللين. يأتي هذا القرار بعد فترة من التشديد النقدي استجابةً للضغوط التضخمية، ويشير إلى تحول في السياسة النقدية مع تزايد الثقة في استقرار الاقتصاد الروسي. يهدف هذا التخفيض إلى دعم النمو الاقتصادي مع الحفاظ على التضخم تحت السيطرة.
القرار، الذي تم الإعلان عنه عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، يمثل التخفيض الخامس على التوالي في سعر الفائدة منذ يوليو. وكان المحللون قد توقعوا إما الحفاظ على السعر الحالي أو تخفيضه، مما يعكس حالة عدم اليقين المحيطة بالتضخم والوضع الاقتصادي العام. تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه الاقتصاد الروسي بعض الانتعاش بعد الصدمات الأولية الناجمة عن العقوبات الغربية.
تخفيض سعر الفائدة الرئيسي: دوافع البنك المركزي وتوقعاته
أوضح البنك المركزي الروسي أن قراره يعكس تباطؤًا في وتيرة نمو الأسعار المستدامة خلال شهر نوفمبر، بالإضافة إلى استعادة الاقتصاد لمساره الطبيعي. ومع ذلك، أقر البنك بوجود ارتفاع في التوقعات التضخمية في الأشهر الأخيرة، وهو ما يظل مصدر قلق. يؤكد هذا على أن البنك المركزي يوازن بين الحاجة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي والالتزام بالسيطرة على التضخم.
السيطرة على التضخم كأولوية
أكد البنك المركزي الروسي على استمراره في اتباع سياسة مالية متشددة بهدف تحقيق هدف التضخم المحدد بنسبة 4%. وأشار إلى أن القرار المستقبلي بشأن سعر الفائدة سيعتمد بشكل كبير على مدى استمرار تباطؤ معدل التضخم الفعلي، بالإضافة إلى تطور التوقعات التضخمية في البلاد. هذا يعني أن البنك المركزي سيراقب عن كثب البيانات الاقتصادية قبل اتخاذ أي خطوات أخرى.
تشير البيانات الأخيرة إلى تباطؤ في معدل التضخم السنوي، حيث بلغ 5.8% في الأسبوع المنتهي في 15 ديسمبر. هذا التباطؤ، إلى جانب الاستقرار النسبي في الزيادات الأسبوعية، قد يكون ساهم في قرار البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة. ومع ذلك، لا يزال التضخم أعلى بكثير من هدف البنك المركزي.
كما أكد البنك المركزي على أنه يراقب عن كثب النشاط الائتماني، الذي لا يزال مرتفعًا. قد يكون هذا النشاط الائتماني القوي مؤشرًا على تحسن الثقة في الاقتصاد، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى زيادة الضغوط التضخمية إذا لم يتم إدارته بشكل صحيح.
التوقعات المستقبلية للاقتصاد الروسي
قدم البنك المركزي الروسي توقعات إيجابية للسنوات القادمة، متوقعًا انخفاض التضخم السنوي إلى ما بين 4% و 5% في عام 2026. ويتوقع البنك أن يصل التضخم المستقر إلى هدف 4% في النصف الثاني من عام 2026، وأن يستمر في هذا المستوى في عام 2027 وما بعده. هذه التوقعات تعتمد على استمرار السياسة النقدية الحالية واستقرار الظروف الاقتصادية الخارجية.
الاستثمار الأجنبي وأسعار النفط هما من العوامل الرئيسية التي ستؤثر على مسار الاقتصاد الروسي في المستقبل. أي تغييرات كبيرة في هذه العوامل قد تتطلب من البنك المركزي تعديل سياسته النقدية. القطاع المصرفي الروسي يراقب أيضًا عن كثب التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
من المقرر أن يعقد مجلس إدارة البنك المركزي الروسي اجتماعه القادم لمناقشة سعر الفائدة الرئيسي في 13 فبراير 2026. سيراقب المحللون عن كثب هذا الاجتماع لتقييم التزام البنك المركزي بتحقيق هدف التضخم، وللحصول على مزيد من المؤشرات حول مسار السياسة النقدية في المستقبل.
بشكل عام، يمثل قرار البنك المركزي الروسي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي خطوة مهمة نحو تطبيع السياسة النقدية. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين المحيط بالاقتصاد الروسي، وسيتطلب الأمر مراقبة دقيقة للبيانات الاقتصادية والتطورات العالمية لتحديد ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة.
المصدر: RT