Connect with us

Hi, what are you looking for?

اقتصاد

بعد العراق.. التبن البرازيلي يثير غضب المغاربة

يشهد قطاع تربية المواشي في المغرب ارتفاعًا حادًا في أسعار التبن، حيث ارتفع سعر البالة الواحدة (15 كغم) إلى مستويات غير مسبوقة، تتجاوز في بعض الأحيان تكلفة الأعلاف المركزة. هذا الارتفاع أثار جدلاً واسعًا بين مربي الماشية والمواطنين، مع تزايد المخاوف بشأن تأثيره على أسعار اللحوم وتكاليف الإنتاج.

وتشير التقارير إلى أن هذه الزيادة تعود بشكل رئيسي إلى ست سنوات متتالية من الجفاف الشديد الذي أثر سلبًا على الإنتاج المحلي للحبوب، مثل القمح والشعير، والتي تعتبر المكونات الأساسية في إنتاج التبن. وقد أدى نقص المحاصيل إلى تقليل المعروض من التبن في السوق، مما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.

أزمة التبن في المغرب: الأسباب والتداعيات

يعتبر التبن من أهم مصادر التغذية للمجترات، مثل الأغنام والماعز، حيث يساعد على الهضم السليم ويعزز عملية الاجترار. لا يمكن الاستعاضة عنه بشكل كامل بالأعلاف البروتينية، وفقًا للمهنيين في القطاع. وبالنظر إلى أن المغرب يضم قطيعًا كبيرًا من الأغنام والماعز يناهز 30.6 مليون رأس، فإن تأمين التغذية المناسبة لهذه الحيوانات يمثل أولوية قصوى.

الجفاف وتأثيره على الإنتاج المحلي

أدى الجفاف المستمر إلى تدهور المراعي الطبيعية، مما زاد من الاعتماد على الأعلاف المستوردة، بما في ذلك التبن. وقد أشار خبراء زراعيون إلى أن نقص الأمطار أثر بشكل كبير على إنتاجية المحاصيل الحبوبية، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وبالتالي زيادة تكلفة إنتاج التبن.

الضغط على صغار المربين

يواجه صغار المربين تحديات كبيرة في ظل ارتفاع أسعار التبن والأعلاف بشكل عام. فهم يمثلون الجزء الأكبر من قطاع تربية المواشي، ويعانون من محدودية الموارد المالية والقدرة على تحمل التكاليف المتزايدة. هذا الوضع يهدد استدامة أعمالهم وقد يدفع البعض إلى التخلي عن تربية المواشي.

بالإضافة إلى ذلك، يفتقر المغرب إلى مخزون استراتيجي كافٍ من التبن والأعلاف، مما يجعله عرضة للتقلبات في الأسعار العالمية وظروف الإنتاج المحلية. هذا النقص في المخزون يزيد من حدة الأزمة ويجعل من الصعب على المربين التخطيط للمستقبل.

استيراد التبن: حل مؤقت أم ضرورة حتمية؟

في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، اتجهت الحكومة المغربية إلى استيراد التبن من الخارج. ويرى بعض المهنيين أن هذه الخطوة إيجابية ومؤقتة، حيث يمكن أن تساعد على خفض تكاليف الإنتاج واستقرار أسعار اللحوم حتى حلول موسم الحصاد في مايو ويونيو.

ومع ذلك، يرى آخرون أن الاعتماد على الاستيراد ليس حلاً مستدامًا على المدى الطويل. فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الاعتماد على الخارج وتعرض المغرب للتقلبات في الأسعار العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر استيراد التبن على الميزان التجاري للبلاد.

الحاجة إلى إصلاحات هيكلية

يؤكد الخبراء الزراعيون على ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية في قطاع الزراعة وتربية المواشي لمواجهة التحديات المستقبلية. ويشمل ذلك تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، وتطوير البنية التحتية للتخزين والنقل، ودعم صغار المربين.

كما يشددون على أهمية تطوير استراتيجية وطنية لإدارة المخزون الاستراتيجي من التبن والأعلاف، لضمان توفيرها بكميات كافية وبأسعار معقولة في أوقات الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع المربين على تنويع مصادر الأعلاف واستخدام بدائل مستدامة للتبن.

التبن، كونه عنصراً أساسياً في تغذية المواشي، يشكل ارتفاع سعره ضغطاً إضافياً على المربين. الوضع الحالي يتطلب تدخلًا عاجلاً من الجهات المختصة لتوفير الدعم اللازم للمربين وحماية قطاع تربية المواشي.

من المتوقع أن تقوم وزارة الفلاحة بتنظيم اجتماع مع المهنيين في القطاع خلال الأسبوع القادم لمناقشة الإجراءات اللازمة للتخفيف من حدة الأزمة. كما من المنتظر أن يتم الإعلان عن حزمة من الإجراءات الداعمة لصغار المربين، بما في ذلك تقديم الدعم المالي وتسهيل الحصول على الأعلاف. ومع ذلك، يبقى مستقبل قطاع تربية المواشي في المغرب مرهونًا بتوفر الأمطار وتحسن الظروف المناخية.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة