صورة ملف: تظهر الأوراق النقدية الصينية باليوان في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 14 يونيو 2022. رويترز/فلورنس لو/صورة توضيحية/صورة ملف
بعد أن أمضى البنك المركزي الصيني عاماً كاملاً في محاولة وضع حد أدنى لسعر صرف اليوان المتدهور، يواجه فجأة مشكلة معاكسة ويلجأ إلى وسائل خفية لمنع العملة من الارتفاع الحاد.
وارتفع اليوان الصيني، الذي عادة ما يكون مقيداً، بنسبة 1.3% مقابل الدولار في أغسطس/آب، ليعوض كل خسائره تقريباً في النصف الأول من العام. وفي يوم الجمعة، بدا وكأنه على وشك تحقيق مكاسبه الأسبوعية الخامسة على التوالي، وهي أطول سلسلة مكاسب في أكثر من ثلاث سنوات.
ورغم أن أياً من العوامل الأساسية المحفزة في الداخل، وخاصة ضعف الاقتصاد وهروب رأس المال، لم يتغير، فقد تلقى اليوان الدعم من الرهانات المتزايدة على خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهو ما يضعف الدولار، ومن ارتفاع قيمة الين الياباني.
وفي الوقت نفسه، عملت السلطات الصينية خلف الكواليس لضمان عدم ارتفاع قيمة العملة بشكل مفاجئ، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية المحلية الهشة وإلحاق الضرر بالمصدرين. وقد أجرت السلطات مسحاً للسوق لقياس الضغوط، وخففت بهدوء القيود المفروضة على واردات الذهب والمواقف التجارية باليوان بالنسبة لبعض البنوك.
وقال جاري نج، كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى ناتيكسيس: “من المحتمل أن تكون الحكومة أقل قلقا بشأن انخفاض قيمة العملة، لكنها تظل حذرة بشأن تقلبات أسعار الصرف”.
“في حين أن الضغوط على اليوان قد تخف مع احتمال قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أخيراً بخفض أسعار الفائدة، فقد تكون هناك تحركات مفاجئة وكبيرة في تدفقات رأس المال.”
أحد الأسباب الرئيسية لقلق بنك الشعب الصيني هو تراكم المراكز المضاربية القصيرة الأجل لليوان أثناء الانخفاض المطرد للعملة منذ أوائل عام 2023، والتي يمكن أن يتم التخلص منها بشكل فوضوي إذا ارتفعت العملة بسرعة.
قامت الشركات الأجنبية العاملة في الصين والمصدرون المحليون والمستثمرون بمبادلة اليوان بالدولارات لتحقيق عوائد أفضل في ما يعرف في دوائر السوق بتجارة اليوان.
ويقدر المحللون في مجموعة ماكواري أن المصدرين والشركات المتعددة الجنسيات جمعوا احتياطيات من العملات الأجنبية تزيد على 500 مليار دولار منذ عام 2022.
وقال تشو تشاوبينغ، استراتيجي السوق العالمية لدى جيه بي مورجان لإدارة الأصول: “مع ارتفاع قيمة اليوان… قد تنشأ مخاوف بشأن التراجع المحتمل لتجارة الفائدة على اليوان والصدمات في الأسواق المالية”.
“وربما كانت التقلبات الأخيرة في السوق اليابانية سبباً في تذكير صناع السياسات بهذه المخاطر”.
ولم تستجب هيئة تنظيم العملة في الصين، الإدارة الحكومية للنقد الأجنبي، وبنك الشعب الصيني لطلبات رويترز للتعليق.
منع التدافع
وربما من أجل الحصول على فكرة عن عمليات شراء اليوان المكبوتة التي قد تأتي مع ارتفاع قيمة العملة، أجرت إدارة النقد الأجنبي الصينية مسحا للبنوك حول نسبة تحويل العملات الأجنبية لعملائها – نسبة الإيرادات التي يحولها المصدرون إلى اليوان – الأسبوع الماضي، حسبما قال شخصان على دراية مباشرة بالأمر لرويترز.
وقال ليو يانغ، المدير العام لقسم أعمال السوق المالية في مجموعة تشيشانغ للتنمية لتصدير المعادن: “تسوية النقد الأجنبي هي القضية التي تثير قلق الجميع في السوق في المقام الأول، إلى جانب خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي”.
وأضاف أن “الصادرات هي المحرك الرئيسي الوحيد للاقتصاد الصيني بين “الترويكا” التقليدية (محركات النمو التقليدية)، والجهات التنظيمية لا تريد أن ترتفع قيمة اليوان بسرعة وبشكل كبير لإضعاف القدرة التنافسية للمنتجات التصديرية”.
وعلى نحو منفصل، تم تخفيف التوجيهات المقدمة للبنوك العام الماضي والتي تحظر عليها الاحتفاظ بمراكز قصيرة الأجل باليوان في نهاية يوم التداول بالنسبة لبعض البنوك، حسبما قال شخصان على دراية مباشرة بالأمر لرويترز.
وذكرت وكالة رويترز أن البنك المركزي منح البنوك الصينية حصصا جديدة لاستيراد الذهب. وعادة ما يتم تقليص واردات الذهب عندما يواجه اليوان ضغوطا لخفض قيمته.
وقال محللون إن هذه الإجراءات خفية، وتشير إلى جانب الاتجاه في التوجيهات المرجعية اليومية لبنك الشعب الصيني لليوان، ببساطة إلى الرغبة في احتواء التقلبات، بدلا من إحباط المكاسب.
ومع ذلك، يواصل المشاركون في السوق مراجعة توقعاتهم بشأن اليوان.
ويتوقع المحللون في بنك أوف أميركا للأوراق المالية أن يستمر ضعف اليوان “في ظل النمو الضعيف وتوجه بنك الشعب الصيني إلى التيسير النقدي”، لكنهم يرون أن سعر اليوان سيبلغ 7.38 مقابل الدولار بحلول نهاية العام، وليس 7.45 كما توقعوا في السابق. ويبلغ سعره حاليا نحو 7.14 مقابل الدولار.
