تفتح التكنولوجيا المالية الفرص للأفراد ذوي مستويات الدخل المختلفة للمشاركة بنشاط في بناء الثروة
لقد شهدت صناعة إدارة الثروات تحولًا عميقًا أدى إلى تغيير جذري في الطريقة التي يصل بها الأفراد من مستويات الدخل المختلفة إلى أصولهم المالية وإدارتها. وكان هذا التطور ملحوظا، حيث حول الصناعة من خدمة حصرية مصممة فقط للنخبة الثرية إلى نظام بيئي ديناميكي وشامل يمكن الوصول إليه لمجموعة واسعة من المستثمرين.
تقليديا، كانت خدمات إدارة الثروات تعتبر امتيازا مخصصا للأفراد ذوي الثروات العالية الذين سعوا للحصول على خبرة المستشارين الماليين والمصرفيين الخاصين لتنمية ثرواتهم وحمايتها. ومع ذلك، كانت هذه الخدمات مرتبطة في كثير من الأحيان برسوم مرتفعة، ومحدودية الشفافية، ونقص ملحوظ في الرقمنة. خلق هذا التفرد داخل الصناعة عائقًا كبيرًا أمام دخول غالبية الأفراد الذين يسعون إلى بناء وإدارة ثرواتهم بفعالية.
ومع ذلك، دخلت القوة التدميرية للتكنولوجيا المالية إلى المشهد وحفزت هذا التحول التحويلي. سخرت التكنولوجيا المالية حلولاً مبتكرة لإضفاء الطابع الديمقراطي على إدارة الثروات. جعلت هذه الثورة التكنولوجية إدارة الثروات أكثر كفاءة، وفعالية من حيث التكلفة، وفي متناول الجميع. لا يمكن المبالغة في تقدير تأثير التكنولوجيا المالية على الصناعة، حيث أنها فتحت الفرص للأفراد ذوي مستويات الدخل المختلفة للمشاركة بنشاط في بناء الثروة.
بالنسبة لنا في ستاندرد تشارترد، أدركنا ذلك في مرحلة مبكرة ووضعنا هدفنا المتمثل في إضفاء الطابع الديمقراطي على إدارة الثروات، مما يجعلها في متناول شريحة كبيرة من الناس وبتكلفة منخفضة. علاوة على ذلك، ومن خلال الشراكات والتكنولوجيا، تمكنا من توسيع نطاق الخدمات المالية وحجمها. لقد صممنا أيضًا عرض إدارة الثروات الخاص بنا حول هذا الهدف، حيث نقدم سلسلة ثروات واحدة متواصلة، والتي تمكن عملائنا من التحرك على طول نطاق عروضنا أثناء تنمية ثرواتهم، من الخدمات الشخصية إلى الأولوية إلى الخدمات المصرفية الخاصة.
بالإضافة إلى ذلك، ابتعدنا عن العقلية التقليدية لإدارة الثروات وتجنبنا النهج القياسي الذي يناسب الجميع. في واقع الأمر، قمنا بتنظيم عروضنا بحيث تكون متاحة وقابلة للتخصيص لتلبية الأهداف والتفضيلات المتنوعة لعملائنا. نحن نضع التخصيص في قلب استراتيجيتنا ونلتزم بفهم الأهداف وتحمل المخاطر والأفق الزمني لكل عميل من عملائنا.
على مستوى الصناعة، أدى هذا التحول إلى ظهور نظام بيئي جديد يقدم ابتكارات مختلفة مثل المستشارين الآليين، ومنصات الوساطة عبر الإنترنت، والإقراض من نظير إلى نظير، وتقنية blockchain، وتطبيقات التمويل الشخصي. وقد سهلت هذه الابتكارات المشورة الاستثمارية الآلية، وإضفاء الطابع الديمقراطي على تداول الأسهم، ومكنت الأفراد من الاستثمار مباشرة في الأسواق المالية، وسمحت بالإقراض والاقتراض بين الأفراد، وقدمت طريقة جديدة لإدارة الأصول ونقلها بشكل آمن. ومع ذلك، كانت المساهمة الأكثر أهمية هي زيادة المعرفة المالية وتزويد الأفراد بأدوات مناسبة لتتبع النفقات والميزانية بفعالية والتخطيط لمستقبلهم المالي.
عائشة عباس، المدير العام ورئيس الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الخاصة والتجارية، ستاندرد تشارترد، الإمارات العربية المتحدة
إن فوائد هذا النظام البيئي الذي تقوده التكنولوجيا المالية كبيرة ومتعددة الأوجه. لقد عززت الكفاءات ووفرت الراحة للمستثمرين الذين يمكنهم إدارة ثرواتهم من أي مكان في العالم تقريبًا. كما وفرت قدرًا أكبر من الشفافية من خلال تقديم بيانات ورؤى في الوقت الفعلي، وبالتالي تمكين المستثمرين بالمعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات مستنيرة. أدى هذا إلى تكافؤ الفرص في تراكم الثروة. وبالتالي، تعزيز الشمول المالي وتمكين الأفراد من السيطرة على مستقبلهم المالي.
يمثل تطور إدارة الثروات نحو نظام بيئي تقوده التكنولوجيا المالية تحولًا عميقًا في مشهد الصناعة المالية. وبينما نتطلع إلى المستقبل، فإن مستقبل إدارة الثروات من المتوقع أن يتشكل بشكل متزايد من خلال التكنولوجيا، مما يجعلها مجالًا مثيرًا وديناميكيًا للمراقبة والمشاركة للمستثمرين من جميع الخلفيات ومستويات الدخل.
الكاتب هو العضو المنتدب ورئيس الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الخاصة والتجارية في بنك ستاندرد تشارترد، الإمارات العربية المتحدة
