Connect with us

Hi, what are you looking for?

اقتصاد

كم يكفي الغاز إسرائيل بعد توقيع أضخم اتفاقية مع مصر؟

شهد قطاع الغاز في إسرائيل تطورات كبيرة خلال العقد الماضي، حيث أظهرت تقارير حديثة تأثيرات إيجابية واسعة النطاق على الاقتصاد الإسرائيلي، والبيئة، والعلاقات الجيوسياسية مع دول المنطقة، وعلى رأسها مصر والأردن. وتُركز هذه التقارير على تقييم شامل لـ “خطة الغاز” الوطنية، وتحديد الفوائد والتحديات التي واجهت إسرائيل في سعيها لتصبح قوة إقليمية في مجال الطاقة، مع التركيز على دور غاز إسرائيل في هذا التحول.

نُشرت هذه التقييمات من قبل جهات مختلفة، بما في ذلك شركة “BDO” الإسرائيلية، وقناة “i24news”، وصحيفة “غلوبس” الاقتصادية، وتُظهر جميعها اتجاهاً إيجابياً نحو الاستفادة القصوى من احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة في مياه إسرائيل. وتأتي هذه التطورات في ظل سياق عالمي يشهد تقلبات في أسعار الطاقة وتزايداً في الطلب على مصادر طاقة بديلة.

تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال غاز إسرائيل

أظهرت البيانات أن احتياطيات الغاز الطبيعي في إسرائيل قد ارتفعت بنسبة 40% منذ عام 2012، لتصل حالياً إلى 1,044 مليار متر مكعب. هذا الارتفاع يأتي على الرغم من الزيادة الكبيرة في الاستهلاك المحلي والتصدير، مما يشير إلى استمرار اكتشاف موارد جديدة أو تحسين تقنيات الاستخراج. وتُصنف إسرائيل الآن في المرتبة الثانية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من حيث احتياطيات الغاز للفرد.

وفقاً لـ “BDO”، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في إسرائيل بنحو 20% منذ اعتماد “خطة الغاز”، في حين ارتفعت الأسعار العالمية بنسبة 57% في المتوسط. هذا الانخفاض انعكس بشكل إيجابي على أسعار الكهرباء، التي تراجعت بنسبة 16% وأصبحت أقل بنسبة 50% من متوسط الأسعار في أوروبا. ويُقدر إجمالي المساهمة الاقتصادية لقطاع الغاز بأكثر من نصف تريليون شيكل، تشمل توفير تكاليف الطاقة وخفض التكاليف البيئية.

الفوائد المباشرة للمواطنين

تشير الحسابات إلى أن كل أسرة إسرائيلية قد وفرت في المتوسط 1,190 شيكل شهرياً خلال العقد الماضي، بما يعادل أكثر من 170 ألف شيكل تراكمياً، بفضل انخفاض أسعار الطاقة. كما تجاوزت إيرادات الخزينة من صناعة الغاز 31 مليار شيكل حتى الآن، مع توقعات بأن تصل إلى 635 مليار شيكل بحلول عام 2062. ومن المتوقع أن ترتفع الإيرادات الشهرية من القطاع ابتداءً من عام 2027 لتتجاوز مليار شيكل شهرياً.

إسرائيل قوة طاقوية إقليمية

أبرزت التقارير “قفزة نوعية” في البُعد الاستراتيجي لإسرائيل، حيث أصبحت المورّد الرئيسي للطاقة لمصر والأردن، حيث يشكل الغاز 85% من التبادل التجاري في مجال الطاقة مع الجارتين. ويؤكد الخبراء أن هذا التصدير لا يتعارض مع الأمن الطاقي لإسرائيل، بل يُسهم في جذب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية وزيادة فوائض الاقتصاد.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم استخدام الغاز الطبيعي في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 45% وتقليل الملوثات الهوائية الخطرة بنسبة تتراوح بين 79% و90%. وقُدرت الوفورات البيئية التراكمية بحوالي 256 مليار شيكل، مما يعزز مكانة إسرائيل كدولة رائدة في مجال الاستدامة البيئية.

صفقة الغاز مع مصر وتحديات المستقبل

في أغسطس الماضي، وقعت إسرائيل ومصر صفقة غاز تاريخية بقيمة 35 مليار دولار، تهدف إلى تصدير 130 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2040. وقد تلقت الصفقة مؤخراً التصريح النهائي من وزارة الطاقة الإسرائيلية، مما يمهد الطريق لتنفيذها. تعتبر هذه الصفقة الأضخم في تاريخ إسرائيل، وتُظهر عمق التعاون بين البلدين في مجال الطاقة. وتشكل هذه الصفقة جزءاً من جهود إسرائيل لتوسيع نطاق تصدير الغاز الطبيعي إلى أسواق جديدة.

ومع ذلك، لا تخلو هذه التطورات من تحديات. تشمل التحديات الرئيسية توسيع شبكات التخزين والنقل، وتشجيع عمليات الاستكشاف الجديدة، والاستمرار في التصدير المسؤول لضمان استدامة هذه الإنجازات للأجيال المقبلة. كما أن هناك حاجة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي، سواء داخل إسرائيل أو في الأسواق الخارجية.

في الختام، تُظهر التقييمات الحالية أن إسرائيل قد حققت نجاحاً كبيراً في تطوير قطاع الغاز الطبيعي خلال العقد الماضي. ومن المتوقع أن تستمر هذه التطورات في المستقبل، مع التركيز على زيادة الإنتاج والتصدير، وتحسين الكفاءة، وتعزيز الاستدامة البيئية. يبقى التحدي الأكبر لإسرائيل هو إدارة هذه الموارد بشكل مسؤول لضمان تحقيق أقصى فائدة اقتصادية وبيئية للأجيال القادمة، مع مراعاة التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة