قديماً كان يتطلب منك فعل الكثير لكي تصبح أحد مشاهير المكان او الدولة التي تعيش فيها، يجب عليك تقديم شيء حقيقي ومؤثر جداً في المجتمع الذي تعيش فيه، شيء ملموس يؤثر فعلياً في حياة الناس، مثل اختراع جديد يعالج مرض ما، او تكون بطل حرب كبير ساعد في حماية بلده.
ولكن الأمر تطور من ان تعرف لعمل مهم الى ان تكون مشهور لعمل ما يحبه الآخرين، والمثال على ذلك هو ان تكون ممثل او مغني يتابعك العديد من الناس في العالم، او تكون فنان بشكل عام يعجب العديد من الناس بما تقدمه لهم، وتغير هذه المفهوم بشكل كبير حتى أصبح المشاهير فقط هم من الفنانين المعرفون عالمياً او محلياً، وليس الأشخاص الذين قدموا الاختراعات على سبيل المثال، فقد تحول مفهوم المشاهير الى مفهوم ترفيهي بحث، وليس بناء على ما تقدمه للمجتمع او للبشرية بشكل عام.
ومع ظهور السوشيال ميديا، التي يعتبرها الكثير بأنها خلقت سوقاً عالمياً جديداً لجميع المجالات وخاصة المجالات الترفيهية التي انتعشت بشكل كبير جداً مع انتشار مواقع السوشيال ميديا، مثل انستغرام وفيسبوك وتويتر ومؤخراً تيك توك. تحولت صفة مشاهير من حالة يعيشها أحد الفنانين الى مهنة تدر الكثير من الأرباح وتحتاج ايضاً الى الكثير من الجهد لإدارتها والاستفادة منها ايضاً.
والسبب في ذلك يرجع لدور مواقع التواصل الاجتماعي في تقريب الشعوب من بعضها وايضاً سهولة إيصال الرسالة من شخص او مؤسسة الى العديد من الأشخاص الآخرين حول العالم، وهذا كان الدور الحقيقي لمواقع التواصل الاجتماعي، ولكن مهنة المشاهير حولت مواقع التواصل الاجتماعي الى منصة لبث او نشر محتواهم وبعض من النشاطات التي يقومون بها يومياً ويحب ان يتابعها محبيهم او متابعيهم حول العالم.
وهنا كانت نقطة التحول في دور مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في حياة المشاهير، حيث تطور الأمر من التواصل بين أحد المشاهير ومتابعيهم الى استخدام المنصة ذاتها للترويج لأحد المنتجات التي يرعاها أحد الفنانين، وهذا كان الاستخدام المثالي للمنصات من اجل تحقيق الربح السريع والسهل للعديد من المشاهير، فالعديد من المتابعين لا ينزعجون من هذا الأمر كثيراً، طالما بإمكانهم متابعة بعض اللقطات من الحياة الشخصية لنجمهم المفضل.
ومن هذا الدور الجديد لمواقع التواصل الاجتماعي في حياة المشاهير، سواء كان فنان او عارضة أزياء على سبيل المثال متخصصة في عرض صيحات الموضة على صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الآن النجم او الفنان تحدد قيمته بعدد متابعيه، ويحدد الأجر الذي سيحصل عليه سواء في اعماله الفنية او حتى الاجر الذي يحصل عليه مقابل الإعلان عن بعض المنتجات على صفحاته الشخصية، بعدد المتابعين لديه على السوشيال ميديا.
وهنا تطور الأمر مرة أخرى لتحديد مدى شهرة الشخص عالمياً، مما يقدمه سواء كان شيء ملموس او علمي او حتى نشاط ترفيهي مثل الفن، الى فقط عدد متابعيه على مواصل التواصل الاجتماعي، فإذا كان لديك عدد متابعين يتخطى المليون متابع فأنت الآن احد مشاهير العالم وليس فقط المجتمع الذي تعيش فيها، وهذا الأمر خلق مهنة جديدة يعتبرها البعض متفرعة من صفحة المشاهير، وهي المؤثرين، وغالباً ما يكون مهنة المؤثرين فقط هي الإعلان والتسويق عن بعض المنتجات التي تقدمها شركات أخرى تدفع لهم الكثير من الأموال وفقاً لعدد المتابعين لديه. ومن اجل الحصول على عدد متابعين أكبر، يقدم المؤثرين محتوى على منصاتهم على السوشيال ميديا، ولا يفرق اطلاقاً مدى جودة هذا المحتوى طالما انه يجلب الكثير من المتابعين، وعدد المتابعين هو من يحدد مدى شهرتك على الانترنت.
ومع الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي حالياً، اصبح المؤثرين حالياً لهم دور اكبر بكثير من المشاهير الفعليين في المجتمع، وربما قد يبدو هذا امر سيء، ولكن قد يتم استخدامه بشكل افضل وهادف والذي من شأنه ان يساعد في تطوير المجتمع وتسليط الضوء على بعض المشاكل وربما علاجها ايضاً، ولكن كتجارة، فتجارة المشاهير بشكل عام حالياً هي في اوج نشاطها بفضل مواقع التواصل الاجتماعي.