Connect with us

Hi, what are you looking for?

الخليج

أبوظبي تبني شبكة ذكاء اصطناعي لدعم المزارعين في المناطق المتضررة من المناخ

واجه أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة وإقليماً مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2024، وفقاً لتقديرات اليونيسف، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الأحداث الجوية المتطرفة. استجابةً لهذا التحدي العالمي المتزايد، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة طموحة تعتمد على شبكة ذكاء اصطناعي متطورة بهدف دعم المزارعين في المناطق الأكثر تضرراً من تغير المناخ وتحسين إنتاجية المحاصيل.

تستثمر أبوظبي بشكل كبير في البنية التحتية اللازمة لهذه الشبكة، بما في ذلك تدريب متخصصي الذكاء الاصطناعي، وتطوير نماذج مفتوحة المصدر، واستضافة مراكز تعاونية، وإنشاء شبكات توزيع ميدانية فعالة. وقد وصلت هذه الشبكة بالفعل إلى 38 مليون مزارع حول العالم، وتسعى الإمارات إلى مضاعفة هذا الرقم ثلاث مرات، لتصل إلى 100 مليون مزارع بحلول عام 2030.

تحدي الإنتاج الغذائي العالمي وانعدام الأمن الغذائي

على الرغم من أن العالم ينتج كميات كافية من الغذاء لإطعام جميع سكانه، إلا أن ما يقرب من 720 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2024. ويرجع السبب الرئيسي لهذه المفارقة ليس نقص الكمية، بل تحديات تتعلق بتوفر المعلومات الدقيقة، واللوجستيات الفعالة، والتوقيت المناسب للزراعة. فعدم قدرة المزارعين على التنبؤ بالظروف الجوية القاسية مثل الصقيع أو التقلبات الموسمية يؤدي إلى خسائر فادحة في المحاصيل.

تأتي هذه المبادرة في ظل تصاعد أزمة الأمن الغذائي، حيث يواجه واحد من كل خمسة أشخاص في أفريقيا الجوع المزمن، مع ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في القارة باستثناء شرق أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تواجه أفغانستان أزمة حادة تؤثر على 25% من سكانها، أي ما يعادل 11.6 مليون شخص، ويعانون من صعوبة الحصول على الغذاء الكافي، وذلك بسبب تفاقم الجفاف الذي أصبح يحدث كل عامين بدلاً من ثلاث سنوات.

نظام الإمارات للذكاء الاصطناعي في الزراعة

تستند مبادرة الإمارات إلى خبرتها المباشرة في مواجهة تحديات الزراعة في بيئة قاسية. فالدولة تواجه نقصاً حاداً في المياه وارتفاعاً في ملوحة التربة، مما يجعل إنتاج الغذاء أمراً صعباً. وقد دفعت هذه التجربة إلى تطوير نظام أبوظبي للذكاء الاصطناعي للتنمية الزراعية العالمية، والذي تم الإعلان عنه مؤخراً.

يتألف هذا النظام من أربع مبادرات مترابطة، تشمل معهد MBZUAI للزراعة والذكاء الاصطناعي، الذي يعمل كمركز استشاري رقمي لتقديم الأدوات والتدريب اللازم لدعم 43 مليون مزارع صغير. كما يضم مركز CGIAR للذكاء الاصطناعي، الذي يستفيد من 50 عاماً من البيانات الزراعية العالمية، وAgriLLM، وهو نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر تم تدريبه على 150,000 وثيقة زراعية لتقديم إرشادات خاصة بالمحاصيل. ويعتمد النظام أيضاً على توصيل المعلومات عبر الرسائل النصية لضمان الوصول إلى المزارعين في المناطق الريفية، حيث قد تكون إمكانية الوصول إلى الإنترنت محدودة.

أهمية بناء الثقة والتعاون الدولي في مواجهة انعدام الأمن الغذائي

أكدت فاطمة الملّا، المتخصصة في الديوان الرئاسي للإمارات، على أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لضمان تبني هذه الحلول من قبل المزارعين. وأضافت أن بناء الثقة هو التحدي الأكبر، حيث يجب على المزارعين أن يشعروا بالاطمئنان إلى أن المعلومات التي يتلقونها موثوقة ودقيقة، لأنها تتعلق بشكل مباشر بمصادر رزقهم.

وتعتبر الإمارات مركزاً للتعاون الدولي في هذا المجال، حيث تمتلك مصداقية كبيرة وثقة واسعة من قبل المجتمع الدولي. يعزز هذا الموقع قدرة الإمارات على جمع الدول والجهات الفاعلة المختلفة للعمل معاً نحو تحقيق الأمن الغذائي المستدام. كما أن هذه الشراكة مبنية على نجاح مبادرات سابقة بين الإمارات ومؤسسة غيتس في مجال الصحة، وخاصةً جهود استئصال شلل الأطفال.

علاوة على ذلك، تسعى الإمارات إلى بناء القدرات المحلية من خلال إطلاق برامج تدريبية في مجال التنبؤ الجوي باستخدام الذكاء الاصطناعي، بالتعاون بين جامعتي محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وشيكاغو. وقد تم تدريب مسؤولين من بنغلاديش وتشيلي وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا، ومن المخطط توسيع هذا البرنامج ليشمل 25 دولة بحلول عام 2027. ويهدف هذا النهج إلى إنشاء أنظمة محلية مستدامة قادرة على مواجهة تحديات تغير المناخ بشكل فعال.

تشير التقديرات إلى أن ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة يأتي من أنظمة الطعام، وأن ثلث كمية الغذاء المنتجة يتم إهدارها. ولكن في المقابل، يظل أكثر من 700 مليون شخص يواجهون الجوع كل ليلة. وهذا يدل على أن المشكلة لا تكمن في نقص الكمية، بل في الكفاءة والقدرة على توزيع الغذاء بشكل عادل.

في المستقبل، تتوقع الإمارات تحويل أبوظبي إلى مركز عالمي لتطوير حلول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين، والوصول إلى مئات الملايين منهم. يشكل تحقيق هذا الهدف معياراً للنجاح، ويعتمد على القدرة على توفير معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب لاتخاذ قرارات أفضل وتحسين إنتاجية المحاصيل. من المتوقع أيضاً أن تشهد المبادرة المزيد من التوسع في الشراكات الدولية وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير، بهدف تحقيق الاستدامة الزراعية وتعزيز مقاومة المناخ في قطاع الغذاء.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة