لقد ولت الأيام التي كان فيها المغتربون يستطيعون التناوب بسلاسة بين العملات المختلفة، والأنظمة الضريبية، والبيئات التنظيمية. لقد أدى الحراك العالمي المتزايد في العقود الأخيرة والجغرافيا السياسية المتوترة إلى تشكيل عالم يواجه فيه المغتربون تحديات فريدة في إدارة ثرواتهم. ويتطلب التنقل عبر التضاريس المالية المعقدة اليوم فهماً عميقاً لمختلف أدوات الاستثمار والسياسات النقدية الخاصة بكل بلد. تتطلب التعقيدات المالية وطبيعتها الديناميكية من المغتربين، وخاصة الأفراد ذوي الثروات العالية الذين يتنقلون حول العالم، مراجعة محافظهم الاستثمارية بشكل دوري.
وفي دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أفاد 71% من المغتربين أنهم يشعرون بتحسن مالي في عام 2023 مقارنة بالعام السابق ويجدون أنفسهم في وضع جيد للقيام باستثمارات استراتيجية، فمن المهم مناقشة أهمية المراجعات المالية. بناءً على مناقشاتنا الأخيرة مع العديد من المغتربين الذين يسعون إلى التخطيط لإدارة الثروات عبر الحدود، قمنا بتحديد العوامل التي تجعل المراجعات المالية الدورية ضرورة وليست خيارًا.
التأمين ضد المخاطر المتطورة
إحدى الاعتبارات الأساسية للمستشارين الماليين الذين يقومون بمراجعة المحافظ هي إدارة المخاطر. لقد توسعت فكرة “المخاطر” من حيث نطاقها وحجمها في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الالتزامات الشخصية، والكوارث الطبيعية، والسرقات، وما شابه ذلك، شائعة على مستوى العالم. وعلى الصعيد الشخصي، فإن تزايد حالات الإصابة بالأمراض الخطيرة دون ارتباط بالعمر، والانكماش الاقتصادي الذي طال أمده، والتسريح الجماعي للعمال يشكل مخاطر يجب التأمين ضدها. ويمكن للمستشارين الماليين المساعدة في هذا الصدد. يمكنهم إجراء تقييم للمخاطر وضبط أموال الطوارئ الخاصة بك والحماية التأمينية والاستثمارات لحماية مصالحك في المستقبل المنظور.
يؤكد المستشارون الماليون على الحماية التأمينية الشاملة للوافدين بسبب أنماط حياتهم المتنقلة وممتلكاتهم الموزعة جغرافيًا. ومع تطور الظروف الشخصية والمهنية، يجب تحسين خطط التأمين الحالية لضمان استمرار الحماية. وبالمثل، ينبغي إعادة توازن المحافظ الاستثمارية مع مراعاة التغييرات منذ المراجعة الأخيرة.
إعادة التوازن للمحافظ الاستثمارية لتحقيق عوائد مستدامة
وتؤكد التقلبات في الأسواق المالية أهمية إجراء مراجعات دورية للمحافظ. ومن الأهمية بمكان إعادة النظر في توزيع الأصول وتحليل الأداء وإجراء التغييرات، إن وجدت، بما يتوافق مع ظروف السوق الحالية. إذا تغير أفقك الزمني ورغبتك في المخاطرة وصحتك المالية منذ المراجعة الأخيرة، فيمكنك إعادة توازن المحفظة بنفسك، أو بمساعدة المستشارين الماليين، للتأكد من أنها تناسب أهدافك الجديدة. يمكن للظروف الشخصية مثل الزواج والتقاعد والإجازة والمنزل الجديد أن تغير بشكل كبير الأهداف المالية للشخص في غضون أسابيع قليلة. وينطبق هذا بشكل خاص على المغتربين، الذين يجب أن تأخذ محافظهم الاستثمارية أيضًا في الاعتبار تقلبات العملة وقوانين الإقامة الدائمة التطور في الوطن أو البلد المضيف.
بالتفكير في الأمر، تعد المراجعة السنوية فرصة لفهم ما إذا كنت على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافك المالية طويلة المدى، مثل العودة الطوعية إلى وطنك بعد التقاعد. وفي الوقت نفسه، يمنحك المنظور المالي للتخطيط الدقيق للأهداف قصيرة المدى مثل إعادة تمويل الرهن العقاري أو أخذ إجازة. إذا كان أداء المحفظة أقل من التوقعات، فقد يكون ذلك إشارة للحصول على رأي ثانٍ أو تغيير الإستراتيجية.
التنقل في المشهد التنظيمي عبر الحدود
تتطلب إدارة الثروات عبر الحدود فهمًا عميقًا للأنظمة المالية الدولية. وبالتالي فإن العمل مع مستشار مالي يساعد. بحكم خبرتهم وخبرتهم، يمكن للمستشارين الماليين مساعدتك في التنقل في عالم الاستثمارات. عادةً، ستتضمن المراجعة المالية للوافدين صياغة استراتيجيات لإدارة الثروات عبر الولايات القضائية المختلفة بطريقة فعالة من حيث التكلفة مع ضمان الامتثال للوائح في الوقت المناسب. نظرًا للطبيعة الديناميكية لهذه اللوائح بشكل فردي وفيما يتعلق بدولة معينة، تعد المراجعات الدورية ضرورية لتجنب المشكلات القانونية.
ويواجه معظم المغتربين تعقيدات في إدارة الضرائب بسبب عدم التوافق في سياسات التوظيف والأعمال بين البلدان المضيفة والبلدان الأصلية. لدى بعض البلدان اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي (DTAAs) وإعفاءات ضريبية أجنبية، من بين سياسات أخرى مطبقة، مما يبسط الامتثال للوافدين. ويميل المستشارون الماليون إلى أن يكونوا على اطلاع دائم بهذه الأحكام، مما يتيح لك تقليل التزاماتك الضريبية وزيادة المدخرات إلى الحد الأقصى دون عواقب قانونية.
ومن الآن فصاعدا، مع تشديد الأنظمة المالية العالمية اللوائح لمكافحة التهديدات المتطورة مثل الهجمات السيبرانية وإدخال سياسات تهدف إلى قدر أكبر من الشفافية، قد يضطر المغتربون إلى زيارة محافظهم الاستثمارية بشكل متكرر. على الرغم من عدم وجود قواعد ثابتة بشأن عدد المرات التي يجب فيها مراجعة المحفظة من قبل الخبراء، يمكنك الاستفادة بشكل كبير من خلال القيام بذلك مرة واحدة كل ستة أشهر أو على الأقل سنة. وفي وقت حيث تحدث تغييرات صغيرة فرقاً كبيراً في الأسواق المالية، فإن المراجعات الدورية لا تعدو كونها استثماراً في حد ذاتها.
أكشاي ساردانا هو نائب الرئيس للاستراتيجية والتطوير الدولي في Continental Group.
