أفادت الدكتورة ميغان مورفي، جراحة الأعصاب في مؤسسة “مايو كلينك” الصحية، بوجود العديد من المفاهيم الخاطئة الشائعة حول آلام الظهر. وتُعد هذه الآلام من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا، حيث يعاني منها الكثيرون في مراحل مختلفة من حياتهم. تسعى هذه المقالة إلى تفكيك هذه المفاهيم الخاطئة وتقديم الحقائق العلمية المدعومة، بالإضافة إلى إرشادات حول كيفية التعامل مع آلام الظهر بشكل فعال.
غالبًا ما تُعزى آلام الظهر إلى رفع الأثقال بشكل خاطئ، أو الجلوس على محفظة سميكة، أو حتى الراحة التامة في الفراش. ومع ذلك، فإن الأسباب الحقيقية تكون في كثير من الأحيان أكثر تعقيدًا وتشمل عوامل مثل نمط الحياة الخامل، وسوء الوضعية، وزيادة الوزن، والاستعداد الوراثي. هذه المقالة تستكشف هذه الخرافات الشائعة وتوضح ما تقوله الأبحاث العلمية.
خرافات شائعة حول آلام الظهر وحقيقتها
1. رفع الأجسام الثقيلة هو السبب الرئيسي لآلام الظهر: على الرغم من أن الرفع بأسلوب غير صحيح يمكن أن يساهم في حدوث الألم، إلا أنه نادرًا ما يكون السبب الوحيد أو الرئيسي. تشير الدراسات إلى أن العوامل المرتبطة بنمط الحياة، مثل قلة النشاط البدني، تعتبر أكثر تأثيرًا في تطور آلام الظهر المزمنة. وبحسب الدكتورة مورفي، فإن التركيز يجب أن يكون على تقوية عضلات الظهر والحفاظ على وزن صحي.
2. الراحة التامة في السرير هي الحل الأفضل لآلام الظهر: هذا الاعتقاد غير صحيح أيضًا. ففي حين أن الراحة القصيرة قد تساعد في تخفيف الألم الحاد الناتج عن إجهاد عضلي، إلا أن البقاء في السرير لفترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة. قلة الحركة تؤدي إلى تيبس العضلات وضعفها، مما يجعل الظهر أكثر عرضة للإصابة في المستقبل. يُفضل الحفاظ على نشاط خفيف ومنتظم، مثل المشي أو السباحة، مع تجنب الحركات المفاجئة.
3. الجلوس على محفظة سميكة يسبب آلام الظهر: في الواقع، الجلوس على محفظة سميكة غالبًا ما يسبب ألمًا أو خدرًا في الورك أو الساق، وليس في الظهر مباشرة. يعود ذلك إلى الضغط الذي تمارسه المحفظة على العصب الوركي. الحل بسيط: تجنب حمل المحفظة في الجيب الخلفي أثناء الجلوس، أو استخدام محفظة أصغر.
4. أي ألم في الظهر يدل على مشكلة خطيرة: لحسن الحظ، هذا غير صحيح في معظم الحالات. تشير التقديرات إلى أن حوالي 90٪ من حالات آلام الظهر هي نتيجة لشد عضلي أو إصابات بسيطة في الأربطة، وغالبًا ما تتحسن من تلقاء نفسها في غضون أسابيع قليلة. ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب في حالة وجود أعراض مقلقة مثل الألم الشديد المستمر، أو الضعف، أو الخدر، أو فقدان السيطرة على الأمعاء أو المثانة.
5. يجب تجنب ممارسة الرياضة عند الشعور بألم في الظهر: على العكس تمامًا، يُعتبر النشاط البدني المنتظم والتمارين المناسبة جزءًا أساسيًا من علاج آلام الظهر والوقاية منها. تمارين تقوية عضلات البطن والظهر تزيد من دعم العمود الفقري وتقلل من خطر الإصابة. يجب تعديل شدة التمارين بناءً على مستوى الألم، واستشارة أخصائي علاج طبيعي لتحديد التمارين الأنسب.
6. الجراحة هي الحل الوحيد لآلام الظهر المزمنة: عادةً ما تكون الجراحة هي الملاذ الأخير. تستجيب معظم حالات آلام الظهر للعلاجات غير الجراحية، مثل العلاج الطبيعي، والأدوية المسكنة للألم، والحقن الموضعية. تُستخدم الجراحة في الحالات التي تفشل فيها العلاجات الأخرى، أو في وجود مضاعفات خطيرة مثل الضغط على الحبل الشوكي.
7. المرتبة القاسية هي الأفضل لصحة الظهر: لا توجد مرتبة “مثالية” تناسب الجميع. يعتمد اختيار المرتبة المناسبة على تفضيلاتك الشخصية، ووضعية نومك، وحالتك الصحية. بشكل عام، يُفضل اختيار مرتبة توفر توازنًا جيدًا بين الدعم والراحة.
8. وضعية الجلوس أو الوقوف السيئة لا تؤثر على الظهر: هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا. فالوضعية السيئة تضع ضغطًا إضافيًا على عضلات الظهر والمفاصل، مما يؤدي إلى الألم والتعب. يُنصح بالحفاظ على وضعية جيدة أثناء الجلوس والوقوف، واستخدام كرسي ومكتب مريحين، وأخذ فترات راحة منتظمة للتمدد.
نصائح للحفاظ على صحة الظهر على المدى الطويل
للحفاظ على صحة الظهر والوقاية من آلام الظهر، يوصى باتباع النصائح التالية: الحفاظ على وزن صحي لتقليل الضغط على العمود الفقري، وتقوية عضلات البطن والظهر، والحرص على ممارسة النشاط البدني بانتظام، والالتزام بوضعيات الجلوس والوقوف الصحيحة.
على الرغم من أن بعض مشكلات الظهر قد تكون ناجمة عن إصابات أو عوامل وراثية لا يمكن تجنبها، فإن اتباع هذه الإرشادات يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بالألم والحد من شدته. وتشير التوقعات إلى أن الأبحاث المستمرة ستوفر المزيد من العلاجات الفعالة والمخصصة لآلام الظهر في المستقبل القريب، مع التركيز على الوقاية وإدارة الألم غير الدوائية.
المصدر: ساينس ديلي