تزداد المخاوف الصحية مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، خاصةً بالنسبة للنساء الحوامل. أظهرت دراسات حديثة أن التعرض للحرارة والرطوبة المرتفعتين خلال فترة الحمل يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نمو الجنين، بل وقد يرتبط بمضاعفات خطيرة تؤثر على صحة الأم والطفل على المدى الطويل، بما في ذلك قصر الطول.
ويعتمد الجسم البشري على التعرق وتبخر العرق لتبريد نفسه عند ارتفاع درجات الحرارة، ولكن هذه الآلية تصبح أقل فعالية في الأجواء الرطبة. وذلك لأن تشبع الهواء ببخار الماء يعيق تبخر العرق، مما يؤدي إلى احتباس الحرارة داخل الجسم وزيادة خطر الإجهاد الحراري. تشكل هذه الظروف تهديدًا خاصًا للنساء الحوامل بسبب التغيرات الهرمونية والأيضية التي تؤثر على قدرتهن على تنظيم حرارة الجسم.
تأثير الحرارة والرطوبة على نمو الأجنة
وفقًا لباحثين، فإن التعرض للأيام الحارة والرطبة في أي مرحلة من مراحل الحمل قد يقلل من الطول النهائي للطفل. تشير التحليلات إلى أن هذا الانخفاض في الطول يمكن أن يكون أكبر بأربعة أضعاف مقارنة بالتعرض للحرارة الجافة فقط. ويعزى هذا التأثير إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم الأساسية نتيجة للرطوبة، مما يؤثر سلبًا على نمو الجنين.
ركز فريق من العلماء على بيانات ما يقرب من 200 ألف طفل في جنوب آسيا، وربطوا سجلاتهم الصحية بمعلومات مناخية دقيقة. استخدموا تصميمًا شبه تجريبي لتحليل العلاقة بين التعرض للظروف الحرارية المختلفة ونتائج نمو الأطفال.
وقد تم تحديد نوعين من الظروف الحرارية: الأيام التي تجاوزت فيها درجات الحرارة القصوى 35 درجة مئوية، والأيام التي تجاوزت فيها درجة حرارة “المصباح الرطب” 29 درجة مئوية. المصباح الرطب هو مقياس يجمع بين الحرارة والرطوبة، ويعتبر مؤشرًا أفضل على الإجهاد الحراري.
أظهرت النتائج أن زيادة بمقدار انحراف معياري واحد في عدد الأيام الحارة والرطبة خلال الثلث الأخير من الحمل ارتبطت بانخفاض بنسبة 5.1% في مؤشر الطول بالنسبة لعمر الطفل. بالمقابل، لم يتجاوز الانخفاض 1.3% عند التعرض لنفس القدر من الحرارة الجافة.
المخاطر الإضافية المرتبطة بالحرارة والرطوبة
بالإضافة إلى تأثيرها على الطول، يرتبط التعرض للحرارة والرطوبة المرتفعتين قبل الولادة بزيادة خطر الولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود. وتشير الدراسات أيضًا إلى وجود صلة بين هذه الظروف والإجهاض، وولادة الأجنة موتى، وتشوهات خلقية، بما في ذلك أمراض القلب.
وتشير الأبحاث كذلك إلى أن التعرض للحرارة الشديدة قد يزيد من احتمالات حدوث تشوهات في الدماغ والعمود الفقري والحبل الشوكي، مثل السنسنة المشقوقة، وهي حالة خطيرة تتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا.
العلاقة بين الطول والصحة: رؤى أوسع
يعد الطول مؤشرًا على صحة النمو والتطور بشكل عام. ويمكن أن يكون مرتبطًا بمجموعة متنوعة من العوامل الوراثية والبيئية، بما في ذلك التغذية والرعاية الصحية والظروف المناخية. تشير بعض الدراسات إلى أن قصر القامة قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق من الحياة.
بينما لا يزال البحث مستمرًا، تظهر أدلة متزايدة على أهمية الحرص على حماية الحوامل من التعرض المفرط للحرارة والرطوبة، خاصةً في المناطق التي تشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة.
من المهم ملاحظة أن هذه الآثار ليست حتمية، وأن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في صحة الأم والطفل. ومع ذلك، فإن هذه النتائج تؤكد أن الحرارة والرطوبة تشكلان خطرًا صحيًا حقيقيًا يستدعي الانتباه ووضع تدابير وقائية.
يخطط الباحثون حاليًا لتوسيع نطاق دراستهم لتشمل مناطق جغرافية أخرى وتقييم تأثير التدخلات المختلفة، مثل استخدام تكييف الهواء وتوفير مياه الشرب الكافية، على تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة. من المتوقع نشر نتائج إضافية في غضون عامين، مما قد يمهد الطريق لتوصيات صحية أكثر تحديدًا.
إقرأ المزيد
سمات شخصية تقصر طول العمر
كشف تحليل علمي واسع النطاق شمل ما يعادل 5.997.667 سنة بشرية من الملاحظات أن لسمات الشخصية تأثيرًا ملحوظًا على متوسط العمر المتوقع وخطر الوفاة المبكرة.
ما الذي يحدد طول الشخص؟
يمكن توقع الطولعند الولادة في حدود بضعة سنتيمترات،فلماذا يكون بعض البالغين أقصر، بينما البعض الآخر طويل القامة مثل لاعبي كرة السلة المحترفين؟.