أظهرت مراجعة شاملة للدراسات الحديثة أن العلاج الهرموني، المستخدم لتخفيف أعراض انقطاع الطمث، لا يرتبط بزيادة كبيرة في خطر الإصابة بالضعف الإدراكي أو الخرف. وقد أجراها فريق بحثي دولي، وتأتي النتائج لتلقي الضوء على جدل طويل الأمد حول تأثير هذا العلاج على صحة الدماغ لدى النساء. ورغم ذلك، يؤكد الخبراء على الحاجة إلى مزيد من الأبحاث المتخصصة، خاصةً فيما يتعلق بالنساء اللاتي يعانين من انقطاع الطمث المبكر.
العلاج الهرموني، المعروف أيضًا بالعلاج بالهرمونات البديلة، هو خيار علاجي شائع للعديد من النساء اللاتي يمررن بمرحلة انقطاع الطمث. يهدف هذا العلاج إلى تعويض النقص الطبيعي في هرمونات الإستروجين والبروجسترون، مما يساعد في تخفيف الأعراض المزعجة مثل الهبات الساخنة، وتقلبات المزاج، واضطرابات النوم، والتعرق الليلي. يتوفر العلاج بأشكال مختلفة، بما في ذلك الأقراص، والمواد الهلامية، والبخاخات، والكريمات.
العلاج الهرموني والخرف: ما الذي كشفته الدراسات؟
قام الباحثون بتحليل بيانات من أكثر من مليون امرأة من عشر دراسات مختلفة، بهدف تحديد ما إذا كان استخدام العلاج الهرموني يؤثر على احتمالية تطور الضعف الإدراكي المعتدل أو الخرف. وشملت الدراسة النساء قبل وبعد انقطاع الطمث، بالإضافة إلى أولئك اللاتي عانين من انقطاع الطمث المبكر أو قصور المبيض المبكر، وهي حالات تتوقف فيها الدورة الشهرية ووظائف المبيض قبل سن الأربعين.
ووفقًا للتحليل الذي نُشر في مجلة The Lancet Healthy Longevity، لم يتم العثور على “علاقة كبيرة” بين العلاج الهرموني وزيادة خطر الإصابة بالضعف الإدراكي أو الخرف. لم تظهر عوامل مثل توقيت بدء العلاج، أو مدته، أو نوع الهرمونات المستخدمة أي تأثيرات كبيرة على النتائج.
توصيات الخبراء وتوجهات العلاج
يؤكد الباحثون أن قرارات وصف العلاج الهرموني يجب أن تستند إلى تقييم شامل للفوائد والمخاطر المحتملة الأخرى، وليس بهدف الوقاية من الخرف. وتشير ميليسا ميلفيل، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إلى أن الخرف يؤثر بشكل غير متناسب على النساء على مستوى العالم، مما يجعل فهم العوامل المؤثرة أمرًا بالغ الأهمية.
وأضافت ميلفيل أن العلاقة بين العلاج الهرموني والوظائف الإدراكية والخرف لا تزال موضوعًا للنقاش، حيث أن الأبحاث المتضاربة تثير القلق والارتباك لدى النساء ومقدمي الرعاية الصحية على حد سواء. وتدعو الدراسة إلى إجراء المزيد من الأبحاث عالية الجودة، خاصةً مع التركيز على النساء اللاتي يعانين من انقطاع الطمث المبكر أو الضعف الإدراكي المعتدل.
من جهتها، أشارت البروفيسورة إيمي سبيكتور إلى أن منظمة الصحة العالمية لا تقدم حاليًا إرشادات محددة حول العلاج الهرموني والنتائج المعرفية. ومع ذلك، أعربت عن أملها في أن تساهم هذه المراجعة في تطوير إرشادات جديدة من المتوقع إصدارها في عام 2026. وتقول سبيكتور إن العلاج الهرموني “لا يبدو أنه يؤثر على خطر الخرف سلبًا أو إيجابًا”، لكنها تشدد على الحاجة إلى دراسات طويلة الأمد لفهم آثاره بشكل كامل.
في المقابل، قدمت أخصائية انقطاع الطمث لويز نيوسون وجهة نظر مختلفة، معتبرة أنه “من المستحيل الجزم بعدم تأثير العلاج الهرموني على خطر الخرف”. وتشير نيوسون إلى أن الهرمونات تلعب أدوارًا حيوية في وظائف الدماغ، وأن العلاج الهرموني الحديث يستخدم هرمونات مطابقة كيميائيًا للهرمونات الطبيعية، مما يوفر فوائد محتملة تتجاوز المخاطر، بما في ذلك تحسين الذاكرة، والوقاية من هشاشة العظام، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
بشكل عام، تشير الأدلة الحالية إلى أن العلاج الهرموني لا ينبغي اعتباره إجراءً وقائيًا ضد الخرف. ومع ذلك، فإن الفوائد المحتملة في إدارة أعراض انقطاع الطمث وتحسين الصحة العامة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند اتخاذ قرارات العلاج الفردية. من المتوقع أن تواصل منظمة الصحة العالمية مراجعة الأدلة العلمية وتحديث إرشاداتها بشأن العلاج الهرموني في السنوات القادمة، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الفرعية من النساء اللاتي قد يستفدن بشكل أكبر من هذا العلاج.
المصدر: إندبندنت