Connect with us

Hi, what are you looking for?

صحة

صلابة القولون ودورها في تطور السرطان

أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة تكساس ساوث وسترن بالتعاون مع باحثين من جامعة تكساس في دالاس، وجود صلة محتملة بين تصلب أنسجة الأمعاء وزيادة خطر الإصابة بـ سرطان القولون والمستقيم المبكر. وقد تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة لفهم آليات تطور هذا المرض، وربما تطوير طرق أكثر فعالية للوقاية منه وعلاجه.

ركزت الأبحاث على مقارنة أنسجة الأمعاء من مرضى مصابين بسرطان القولون والمستقيم في مراحل مختلفة، بهدف تحديد المؤشرات الحيوية المبكرة التي قد تساعد في الكشف عن المرض قبل تفاقمه. وقد كشفت النتائج عن اختلافات ملحوظة في صلابة الأنسجة بين الفئات العمرية المختلفة للمرضى، مما يشير إلى دور محتمل للعوامل الميكانيكية في تطور السرطان.

تصلب الأنسجة وعلاقته بسرطان القولون والمستقيم

وفقًا للدكتورة إمينا هوانغ، أستاذة الجراحة في قسم جراحة القولون والمستقيم ونائبة الرئيس التنفيذي للبحوث الجراحية في جامعة تكساس ساوث وسترن، فإن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تحديد الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بـ سرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة. كما أنها قد تؤدي إلى تطوير علاجات جديدة تستهدف البيئة الميكانيكية للأورام.

أشار الدكتور جاكوبو فيروزي، الأستاذ المساعد في الهندسة الحيوية بجامعة تكساس في دالاس، إلى أن هذه الدراسة هي الأولى التي تسلط الضوء على الدور المحوري للقوى الميكانيكية الحيوية في نشأة سرطان القولون والمستقيم المبكر. وتوضح الدراسة العلاقة بين تصلب النسيج الضام والتغيرات في الإشارات الكيميائية الحيوية داخل الخلايا السرطانية.

منهجية الدراسة والنتائج التفصيلية

استندت الدراسة إلى تحليل أنسجة معوية تم جمعها من مرضى خضعوا لعمليات جراحية لاستئصال الأورام. شملت العينات 19 مريضة و 14 مريضًا بسرطان القولون والمستقيم المبكر (الذين تم تشخيصهم دون سن الخمسين)، بالإضافة إلى عينات من مرضى متوسطي العمر. تم فحص كل من الأورام وحواف الأنسجة السليمة المحيطة بها.

أظهرت الاختبارات أن الأنسجة، سواء كانت من الأورام أو الأنسجة السليمة، كانت أكثر صلابة بشكل ملحوظ في عينات المرضى الذين يعانون من سرطان القولون والمستقيم المبكر مقارنةً بنظيراتها من المرضى في سن متوسطة. وهذا يشير إلى أن زيادة صلابة الأنسجة قد تحدث قبل ظهور أعراض السرطان الفعلية.

ولتحليل سبب هذه الصلابة، قام الباحثون بفحص الكولاجين، وهو البروتين الذي يزداد تركيزه ويتغير شكله مع عملية التندب. ووجدوا أن الكولاجين في عينات سرطان القولون والمستقيم المبكر كان أكثر كثافة، وأطول، وأكثر انتظامًا ونضجًا، مما يؤكد دور التندب في هذه العملية.

بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الفريق زيادة كبيرة في التعبير عن الجينات المرتبطة باستقلاب الكولاجين، وتكوين الأوعية الدموية، والالتهاب. وهذا يدعم فرضية أن التندب الناتج عن الالتهاب المزمن يلعب دورًا رئيسيًا في زيادة صلابة الأنسجة.

الآثار المترتبة على التشخيص والعلاج

أظهرت النتائج أن خلايا سرطان القولون والمستقيم المبكر تستجيب بشكل مباشر لصلابة البيئة المحيطة بها. حيث يتم تنشيط مسارات جزيئية تحول القوى الميكانيكية إلى إشارات كيميائية حيوية، مما يؤثر على نمو الخلايا وسلوكها.

أظهرت التجارب المعملية أن الخلايا السرطانية تنمو وتتكاثر بمعدل أسرع على الركائز الأكثر صلابة. وهذا يشير إلى أن البيئة الميكانيكية قد توفر ظروفًا مثالية لنمو السرطان.

ترى الدكتورة هوانغ أن هذه النتائج تشير إلى أن البيئة الأكثر صلابة قد تحفز بداية ونمو سرطان القولون والمستقيم المبكر. كما أنها تقترح أن تعطيل المسارات الجزيئية المسؤولة عن نقل الإشارات الميكانيكية قد يكون قادرًا على إيقاف أو حتى عكس تطور السرطان.

وأضافت أن تطوير اختبارات غير جراحية لتقييم صلابة الأمعاء قد يساعد في تحديد الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، مما يسمح بالتدخل المبكر واتخاذ تدابير وقائية.

الخطوات المستقبلية والآفاق البحثية

نشرت الدراسة في مجلة Advanced Science، وتقدم رؤى جديدة حول العلاقة المعقدة بين البيئة الميكانيكية وتطور السرطان. تعتبر هذه النتائج نقطة انطلاق لمزيد من الأبحاث التي تهدف إلى فهم الآليات الدقيقة التي تربط بين تصلب الأنسجة والنمو السرطاني.

من المتوقع أن تركز الدراسات المستقبلية على تطوير طرق جديدة لتقييم صلابة الأمعاء، وتحديد الأهداف الدوائية المحتملة التي يمكن أن تعطل المسارات الجزيئية المسؤولة عن نقل الإشارات الميكانيكية. كما سيتم استكشاف إمكانية استخدام هذه النتائج لتطوير علاجات شخصية تستهدف البيئة الميكانيكية الفريدة لكل مريض.

في حين أن هذه النتائج واعدة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل أن تتمكن من ترجمتها إلى تطبيقات سريرية. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تمثل تقدمًا كبيرًا في فهمنا لـ سرطان القولون والمستقيم المبكر، وقد تؤدي في النهاية إلى تحسين نتائج العلاج.

المصدر: ميديكال إكسبريس

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة