اكتشف باحثون روس مادة واعدة يمكن أن توقف تطور الصرع، وتحسين الذاكرة، وتقليل النوبات، بل وحتى الوقاية من الإصابة بالصرع تمامًا في بعض الحالات. وقد أظهرت التجارب الأولية على الفئران نتائج مبشرة، مما يفتح الباب أمام علاجات جديدة محتملة لهذا الاضطراب العصبي المعقد.
جاء هذا الاكتشاف بعد سنوات من البحث في آليات تطور الصرع وعلاقتها بالشيخوخة المبكرة لخلايا الدماغ. تأتي هذه النتائج من دراسة أجرتها جامعة [اسم الجامعة أو المؤسسة البحثية، إذا كان متاحًا] ونشرت في مجلة Annals of Neurology، وهي مجلة علمية مرموقة في مجال الأعصاب.
فهم الصرع وعلاقته بالشيخوخة الخلوية
الصرع هو اضطراب عصبي يتميز بنوبات متكررة ناتجة عن نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ. هناك أنواع مختلفة من الصرع، ويعتمد العلاج على نوع النوبات وسببها. يعتبر صرع الفص الصدغي أحد الأنواع الشائعة، وغالبًا ما يرتبط بمشاكل في الذاكرة والوظائف الإدراكية الأخرى.
صرع الفص الصدغي والشيخوخة المبكرة للخلايا
يرتبط صرع الفص الصدغي بشكل خاص بالشيخوخة المبكرة لخلايا الدماغ، وهي عملية تزيد من صعوبة علاجه. يمكن أن يكون سبب هذا النوع من الصرع إصابات الدماغ، أو السكتات الدماغية، أو الالتهابات، أو الأورام، أو التشوهات الوعائية، أو حتى العوامل الوراثية. تؤدي هذه العوامل إلى تلف الخلايا العصبية وتراكم الخلايا الهرمة، مما يعطل النشاط الكهربائي الطبيعي للدماغ.
نتائج التجارب على البشر والفئران
قام الباحثون بتحليل أنسجة دماغية مأخوذة من مرضى مصابين بصرع الفص الصدغي، ووجدوا زيادة كبيرة في عدد الخلايا الهرمة مقارنة بأنسجة الأصحاء. هذه الخلايا، على الرغم من أنها تدعم الخلايا العصبية، إلا أنها لا تشارك في نقل الإشارات الكهربائية، وتراكمها يعيق وظائف الدماغ الطبيعية. وللتأكد من هذه النتائج، قاموا بتكرار الدراسة على نموذج حيواني، وهو الفأر المصاب بصرع الفص الصدغي.
أظهرت التجارب على الفئران ظهور علامات الشيخوخة الخلوية خلال الأسبوعين الأولين بعد الإصابة، مما يؤكد التشابه بين النموذج الحيواني والمرض البشري. ركز الباحثون بعد ذلك على إزالة هذه الخلايا الهرمة كاستراتيجية علاجية، سواء عن طريق التعديل الوراثي أو باستخدام الأدوية.
العلاج الدوائي الواعد
أسفرت جهودهم عن تطوير مزيج دوائي فعال يتكون من “داساتينيب”، وهو دواء يستخدم لعلاج سرطان الدم، و”كيرسيتين”، وهو مركب طبيعي مضاد للأكسدة والالتهابات موجود في النباتات. أدى استخدام هذا المزيج إلى تقليل الخلايا الهرمة بنسبة 50%، وتحسين أداء الفئران في اختبارات الذاكرة والمتاهات، وتقليل شدة النوبات، وحتى منع الإصابة بالصرع تمامًا في ثلث الحيوانات.
يُعتقد أن هذا المزيج الدوائي يعمل عن طريق استهداف مسارات معينة تؤدي إلى تراكم الخلايا الهرمة، مما يساعد على استعادة وظائف الدماغ الطبيعية. وقد تم استخدام هذا المزيج سابقًا في دراسات أخرى لإزالة الخلايا الهرمة في نماذج حيوانية مختلفة، وهو حاليًا قيد التجارب السريرية لعلاج أمراض أخرى، مما يسرع عملية الانتقال إلى التجارب على البشر.
يشير الدكتور باتريك أ. فورسيلي، الباحث الرئيسي في الدراسة، إلى أن هذا العلاج الخلوي قد يقلل من الحاجة إلى الجراحة أو يحسن نتائجها. ويؤكد على أن هناك أبحاثًا مستمرة لاستكشاف أدوية أخرى قد تؤثر على عملية الشيخوخة، بالإضافة إلى استخدام نماذج حيوانية أخرى للصرع، بهدف تحديد أفضل الأوقات للتدخل العلاجي وتحقيق نتائج فعالة سريريًا. كما يدرس الفريق العلاقة بين شيخوخة الخلايا الدبقية والأمراض التنكسية العصبية الأخرى، مثل مرض الزهايمر، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي.
في الختام، تمثل هذه النتائج خطوة واعدة نحو تطوير علاجات جديدة للصرع وأمراض الدماغ الأخرى المرتبطة بالشيخوخة الخلوية. من المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية على البشر في غضون [فترة زمنية تقديرية، إذا كانت متاحة]، وستركز على تقييم سلامة وفعالية هذا المزيج الدوائي في علاج صرع الفص الصدغي. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الدقيقة التي يعمل بها هذا العلاج وتحديد المرضى الذين قد يستفيدون منه بشكل أكبر.