مع اقتراب ساعات العمل من نهايتها وحلول المساء، يعاني العديد من الموظفين من انخفاض ملحوظ في الحالة المزاجية والدافعية. وتسلط دراسة حديثة أجرتها جامعة ميشيغان الضوء على انخفاض كبير في الرفاهية العاطفية بين الساعة الرابعة مساءً والحادية عشرة مساءً، مما يدفعنا إلى إلقاء نظرة فاحصة على الأسباب والحلول الممكنة.
وأكدت السيدة سروثي جورج، أخصائية التغذية في مستشفى إن إم سي التخصصي في العين، على الدور المهم للنظام الغذائي في التأثير على الحالة المزاجية خلال فترة ما بعد الظهر والمساء. وقالت: “النظام الغذائي الصحي المتوازن هو المفتاح. وعلى الرغم من عدم وجود طعام خارق واحد يمكنه تعزيز الحالة المزاجية على الفور، فإن تناول مزيج من الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والفيتامينات يمكن أن يساعد في منع الركود في فترة ما بعد الظهر”.
ونصحت جورج أيضًا بتناول وجبات أصغر وأكثر تكرارًا مصنوعة من أطعمة غير معالجة، مثل الفواكه الموسمية والحبوب الكاملة والأطعمة الغنية بأوميغا 3 مثل السلمون لتعزيز مستويات الطاقة والحفاظ على الاستقرار العاطفي. وأكدت أن “الأطعمة الغنية بفيتامينات ب، مثل الفاصوليا والعدس، ضرورية لإنتاج النواقل العصبية، مما يساعد على تنظيم الحالة المزاجية”.
ابق على اطلاع بأحدث الأخبار. تابع KT على قنوات WhatsApp.
وأظهرت الأبحاث أيضًا أن توقيت تناول الوجبات يلعب دورًا مهمًا في إدارة تقلبات المزاج. وأوضحت جورج: “يمكن أن تؤدي أنماط تناول الوجبات الثابتة، وخاصةً أثناء النهار، إلى تقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام في المساء وخفض خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب”. بالإضافة إلى ذلك، سلطت الضوء على أهمية الحفاظ على رطوبة الجسم. “يمكن أن يؤدي الجفاف إلى زيادة الشعور بالقلق والتعب، لذا فإن شرب كمية كافية من الماء طوال اليوم أمر مهم”.
سروثي جورج
مع اقتراب المساء، يلجأ العديد من الأفراد إلى تناول الأطعمة المريحة التي تحتوي غالبًا على نسبة عالية من السكر والدهون كوسيلة للاسترخاء بعد يوم مرهق. ويشير جورج إلى أن “هذه الأطعمة يمكن أن تعزز الحالة المزاجية مؤقتًا من خلال تحفيز إطلاق الدوبامين. ومع ذلك، فإن الاعتماد المستمر عليها يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية طويلة الأمد”.
ولمكافحة هذا، تنصح بتناول وجبات خفيفة صحية في المساء غنية بالكربوهيدرات المعقدة والبروتينات، مثل الخضار مع الحمص أو الزبادي مع التوت.
العوامل الرئيسية وراء انخفاض الحالة المزاجية
وسلطت نونا نافوسي، مؤسسة شركة نيو نور المتخصصة في التدريب المؤسسي، الضوء على ضغوط العمل باعتبارها عاملاً رئيسياً وراء انخفاض الحالة المزاجية أثناء المساء. ولاحظت: “مع تقدم اليوم، تصل مستويات التوتر إلى ذروتها، وخاصة بعد التفاعلات الصعبة مع الزملاء أو الإدارة”. ويمكن أن يؤدي تراكم التوتر هذا إلى الإرهاق وانخفاض الدافع. واقترحت نافوسي أن تعمل المنظمات على تنمية بيئة داعمة عاطفياً لمعالجة هذه القضايا.
ولتعزيز الروح المعنوية، أوصت بدمج فترات راحة منتظمة وروتين العناية الذاتية في يوم العمل. ونصحت قائلة: “من المهم تحويل التركيز من إثبات الذات باستمرار إلى الحفاظ على الطاقة والقيمة الذاتية”، مضيفة أن اليقظة والتخطيط لليوم التالي يمكن أن يساعد في إعادة بناء الثقة.
ومن الناحية النفسية، أشارت الدكتورة جايا مادهوري موثوكوري، أخصائية الطب النفسي في مستشفى إن إم سي التخصصي في دبي، إلى أن التعب والإجهاد يمكن أن يخلقا حلقة مفرغة. وأوضحت: “مع انخفاض ضوء النهار، يزداد هرمون النوم الطبيعي في الجسم، الميلاتونين، مما يجعلنا نشعر بمزيد من التعب. ويمكن أن يؤدي هذا التحول في الإيقاعات اليومية إلى تفاقم مشاعر الانفعال والقلق”.
الدكتور جايا مادهوري موثوكوري
وأكدت موثوكوري على أهمية التفاعل الاجتماعي في تحسين الحالة المزاجية ومنع الشعور بالوحدة. وأوصت بأن “قضاء الوقت مع العائلة أو الأصدقاء بعد العمل يمكن أن يحسن بشكل كبير من الحالة العاطفية”.