حقق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في المملكة العربية السعودية إنجازًا وطنيًا رائدًا من خلال إنتاج خلايا CAR-T ذات الدرجة السريرية داخليًا لعلاج السرطان.
ويهدف هذا الابتكار إلى تعزيز سرعة العلاج وتقليل التأخير بالنسبة للمرضى، بما يتماشى مع التزام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتطوير الرعاية الصحية من خلال العلاجات الرائدة والتميز في البحث السريري. كما يعزز هذا الإنجاز الجهود الوطنية لتوطين الصناعات التكنولوجية الحيوية، مما يضع المملكة العربية السعودية ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في صدارة المجال الطبي.
غالبًا ما تواجه عمليات علاج الخلايا التائية CAR-T الحالية تأخيرات كبيرة تتراوح من 21 إلى 28 يومًا بسبب الاعتماد على التصنيع في الخارج، والذي يتضمن التعامل مع تحديات لوجستية معقدة مثل التجميد والشحن من وإلى مراكز التصنيع، مما قد يؤدي إلى إطالة أوقات انتظار المرضى. من خلال التحول إلى الإنتاج الداخلي، قام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتبسيط الجدول الزمني للعلاج إلى 12 إلى 14 يومًا فقط، مما يعزز إمكانية الوصول ويقلل من التأخير في رعاية المرضى.
إنجازات عالمية في علاج الخلايا التائية CAR-T
يمثل العلاج بالخلايا التائية CAR-T نهجًا ثوريًا في مكافحة السرطان. من خلال التعديل الجيني للخلايا التائية للمريض لاستهداف الخلايا السرطانية وتدميرها، يوفر هذا العلاج أملًا جديدًا للمرضى الذين يعانون من أنواع معينة من السرطانات العدوانية. تكمن أهميته في قدرته على تحقيق الشفاء على المدى الطويل من خلال طبيعته الشخصية، وتصميم العلاج وفقًا لجهاز المناعة لدى المريض.
يكتسب هذا العلاج المبتكر زخمًا سريعًا في جميع أنحاء العالم، مع العديد من التجارب السريرية التي تثبت فعاليته وسلامته. في عام 2023، بلغت قيمة سوق علاج الخلايا التائية CAR-T حوالي 8.44 مليار دولار على مستوى العالم، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالي 88.52 مليار دولار بحلول عام 2032.
بحلول عام 2024، شهد المشهد السريري العالمي الموافقة على أكثر من 30 علاجًا جينيًا، بما في ذلك تلك التي تنطوي على خلايا معدلة وراثيًا. يعكس هذا النمو الكبير الدور المتنامي لعلاجات CAR-T في علاج السرطان. حاليًا، هناك أكثر من 4000 علاج خلوي وجيني وRNA قيد التطوير، مع أكثر من 1000 تجربة سريرية جارية تركز على خلايا CAR-T. على مدى العقد المقبل، من المقدر أن يستفيد أكثر من مليوني مريض من علاجات خلايا CAR-T على مستوى العالم.
كما تم تحقيق تقدم كبير في علاج حالات مثل فقر الدم المنجلي والهيموفيليا، والتي لها أهمية خاصة بالنسبة للمملكة العربية السعودية والمنطقة. وتنتقل تقنيات تحرير الجينات الرائدة، مثل CRISPR-Cas9، وتحرير القاعدة، والتحرير الأولي، والعلاجات القائمة على الحمض النووي الريبي، بسرعة من البحث إلى الممارسة السريرية، مما يشير إلى عصر جديد من الطب الشخصي.
تحديات التبني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
على الرغم من فعاليتها المعروفة، فإن علاجات CAR-T تأتي بتكلفة باهظة، وغالبًا ما تصل إلى 400 ألف دولار أمريكي لكل علاج بسبب عمليات التصنيع المعقدة. غالبًا ما تعيق العمليات اللوجستية المعقدة واعتبارات التكلفة والحاجة إلى البنية التحتية الطبية المتخصصة التنفيذ الواسع النطاق لعلاج CAR-T. في ضوء هذه التحديات، من المتوقع أن ينمو سوق العلاج الخلوي والجينات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 211.46 مليون دولار بحلول عام 2030.
وفي المملكة العربية السعودية، تبذل جهود للتغلب على هذه التحديات ومواكبة اتجاهات النمو العالمية. ويركز برنامج تحول القطاع الصحي في رؤية السعودية 2030 على البحث الطبي والعلاجات المتقدمة لتعزيز نتائج المرضى ووضع المملكة العربية السعودية كقائدة في مجال الرعاية الصحية. ويشمل ذلك الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا الحيوية، التي أطلقت في عام 2024، والتي تركز على الاستثمار في المبادرات الحكومية والمشاريع الاستراتيجية لتعزيز إمكانية الوصول إلى علاج الخلايا التائية CAR-T وتنفيذه.
خفض تكلفة العلاج
وقد أدى التقدم في الإنتاج الداخلي لخلايا CAR-T في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى خفض تكاليف العلاج من 1.3 مليون ريال سعودي إلى ما يقرب من 250 ألف ريال سعودي لكل منتج. وبمجرد تحسين عمليات التصنيع الداخلية بالكامل، يمكن خفض تكلفة المنتج إلى 150 ألف ريال سعودي لكل جرعة للمريض. ومن خلال تعزيز فعالية وتوافر علاج خلايا CAR-T من خلال الأبحاث المتطورة والأساليب المبتكرة، يضمن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث حصول المرضى، إقليميًا وعالميًا، على خيارات علاجية متطورة.
تماشياً مع طموحها بأن تكون مركزاً إقليمياً للعلاجات الخلوية والجينية وتماشياً مع هدف رؤية السعودية 2030 المتمثل في تعزيز وصول المرضى إلى العلاجات المبتكرة، تهدف مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى زيادة عدد التجارب السريرية في علاج الخلايا التائية CAR-T والعلاج الجيني والمساعدة في بناء النظام البيئي الوطني للعلاج الخلوي والجيني. حقق برنامج CAR-T في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تقدماً كبيراً، حيث تلقى أول مريض العلاج في عام 2020. ومنذ ذلك الحين، عالج مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أكثر من 120 مريضاً بالعلاج بالخلايا التائية CAR-T (حتى الربع الأول من عام 2024). وفي حين أظهرت التزامها باستخدام التكنولوجيا في تحقيق اختراقات رائدة في علم الأورام، كانت مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أول من عالج المرضى بالعلاج الجيني للهيموفيليا A وB في المنطقة وبدأت التجارب السريرية للعلاج الجيني لمرض فقر الدم المنجلي.
يضم قسم أمراض الدم في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث واحدًا من أقدم برامج زراعة الخلايا المكونة للدم والعلاج الخلوي، والذي يعمل منذ عام 1984. وقد تم إجراء أكثر من 7000 عملية زراعة بنجاح، بما في ذلك لمرضى البالغين والأطفال، في إطار هذا البرنامج.
منذ عام 2020، قام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتسهيل أنشطة التجارب السريرية المستقبلية من خلال قسم الأبحاث السريرية (CRD)، مما يوفر إمكانية وصول المرضى للتسجيل والعلاج في التجارب السريرية المستقبلية الدولية.
مركز لعلاج الخلايا التائية CAR-T
إن الإنجاز الأخير الذي حققه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في علاج الخلايا التائية CAR-T يوضح التزام المملكة العربية السعودية بتبني أحدث العلاجات والتقنيات. ومن خلال تطوير العلاجات وتعزيز منظومة البحث الطبي الداعمة، يساهم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في ظهور المملكة العربية السعودية كقائد في حلول الرعاية الصحية المبتكرة ووجهة رائدة للسياحة العلاجية.
ومع اغتنام المملكة العربية السعودية للفرص التي توفرها علاجات الخلايا التائية CAR-T والعلاجات التحويلية الأخرى، فإنها على أهبة الاستعداد لتولي زمام المبادرة في مجال الابتكار الطبي، وتوفير إمكانية الوصول إلى علاجات رائدة ونتائج رعاية صحية متفوقة للمرضى من جميع أنحاء العالم.