أعلنت حركة حماس، الثلاثاء، عن تعيين يحيى السنوار، المهندس المزعوم لهجومها القاتل على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، رئيسا سياسيا للحركة الإسلامية، بعد اغتيال سلفه إسماعيل هنية.
وكان هنية المقيم في قطر، والذي قُتل الأسبوع الماضي في طهران في عملية اغتيال ألقي باللوم فيها على إسرائيل، هو وجه حماس على الساحة الدولية وكان يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره صوتًا معتدلاً داخل الجماعة المسلحة.
ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي أي دور لها في عملية القتل.
وعلى النقيض من ذلك، يُنظر إلى السنوار باعتباره متشددًا ولم يظهر علنًا خلال الحرب التي استمرت عشرة أشهر في غزة، ولعب دورًا مباشرًا في الصراع باعتباره الزعيم العام لحماس في غزة.
ويأتي اختيار حماس بعد المناقشات في قطر في الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لهجوم منسق متوقع على إسرائيل من قبل إيران ووكلائها الإقليميين ردًا على مقتل هنية.
– لماذا تم اختيار السنوار؟-
وكان السنوار يقضي أربعة أحكام بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل جنديين إسرائيليين عندما أطلق سراحه من السجن الإسرائيلي في عام 2011.
ثم أصبح قائداً بارزاً في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قبل أن يتولى قيادة الحركة في غزة عام 2017.
ووصف خبير شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي اختيار السنوار بأنه “بيان تحد”، حيث أظهرت حماس أنها تنوي البقاء “مسيطرة” على قطاع غزة على الرغم من هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على المجموعة.
وقال مسؤول كبير في حركة حماس لوكالة فرانس برس إن اختيار السنوار يوجه رسالة مفادها أن الحركة “تواصل طريق المقاومة”.
وقال هيو لوفات، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن مقتل هنية ــ وهو شخصية معتدلة “أعاد توجيه حماس نحو الدول العربية” ــ “أثر على توازن القوى الداخلي” تجاه السنوار، الذي تربطه علاقات أوثق بإيران.
وقال لوفات إن اختيار السنوار أثار التساؤل حول “مدى النفوذ الذي مارسه الإيرانيون وحزب الله خلف الكواليس؟”
وقالت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى إن اختيار السنوار كان “رسالة متعمدة من الحركة مفادها أنه إذا أصرت إسرائيل على أن تكون متشددة ــ إسرائيل تقتل المعتدلين لديهم حرفيا ــ فإنهم يمكن أن يكونوا متشددين وغير متهاونين بنفس القدر”.
– هل يغير مسار مفاوضات وقف إطلاق النار؟ –
وكان هنية المقيم في الدوحة بمثابة المحاور الرئيسي لحماس مع الوسطاء القطريين خلال أشهر من المحادثات ذهابا وإيابا بهدف تأمين وقف إطلاق النار في غزة.
وتستضيف قطر المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2012 بمباركة الولايات المتحدة.
وقال مسؤول حماس أسامة حمدان في تصريح للجزيرة إن السنوار كان دائما قريبا من المفاوضات و”حاضرا في تفاصيلها”، موضحا أنه بعد اختياره فإن “عملية المفاوضات ستستمر”.
وأوضح دورسي أنه بينما كان هنية يتفاوض، كان السنوار على الأرض يقرر “إذا تم إطلاق سراح الرهائن ومن سيتم إطلاق سراحه”. وأوضح “الآن تم توحيد كل ذلك في شخص واحد”.
وقال دورسي “لا أعتقد أن هناك أي شك في أن حماس تريد وقف إطلاق النار”.
وقال لوفات إن موافقة حماس على وقف القتال لمدة أسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما تم إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، “لم تكن لتحدث لولا قبول السنوار”.
وأضاف “لا أرى أن السنوار يعارض بشكل أساسي وإلى الأبد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لكن من الواضح أنه من المرجح أن يقود صفقة أكثر صعوبة”.
وقال مصطفى إن حماس “لا تزال تريد وقف إطلاق النار، لكن الأمر لا يتعلق إلا بعدم الاستعداد للاستسلام والموافقة على شروط أحد الجانبين وعدم تلبية أي من مطالبهم”.
– ماذا قد يعني السنوار لمستقبل حماس؟ –
وقال حمدان إن اختيار السنوار يوضح أن حماس “تدرك تماما طبيعة المعركة التي تخوضها”، مؤكدا أن “سياسة الاغتيالات التي يمارسها العدو ضد قياداتنا.. لن تنجح”.
وقال لوفات إن اغتيال هنية “أدى إلى إرباك التركيبة السياسية لحماس مؤقتا، وبسبب الحاجة الملحة إلى اختيار زعيم، كانت هذه اللحظة بمثابة فائدة للمتشددين”.
وقال إن المعتدلين في حماس كانوا بالفعل “في موقف ضعيف منذ بعض الوقت” مع “مقتل هنية… ضربة قاتلة لهم”.
وقال لوفات إن حماس تحت قيادة السنوار ستواصل “إعطاء الأولوية للكفاح المسلح باعتباره الخيار الاستراتيجي الوحيد للمضي قدما في المستقبل المنظور” مع “مزيد من طمس الخط الفاصل” بين جناحها العسكري والقيادة السياسية فضلا عن “الاقتراب بشكل واضح من إيران”.
وقال دورسي إنه في التاريخ الإسرائيلي والفلسطيني الحديث، كان الجانبان في كثير من الأحيان “صورتين متطابقتين لبعضهما البعض”، و”داخل تلك الصور المتطابقة، عزز المتشددون، عن قصد أو بغير قصد، المتشددين على الجانب الآخر”.
