توجهت غدير حجي إلى إحدى العيادات يوم الأحد على أمل أن يكون أطفالها الخمسة من بين أوائل الذين يتم تطعيمهم ضد شلل الأطفال الذي ظهر مرة أخرى في غزة التي مزقتها الحرب.
وأضافت لوكالة فرانس برس بينما كانت الأسرة تنتظر في الطابور للحصول على التطعيم، “يجب أن يتم تطعيمهم بالتأكيد”، وذلك بعد أن أعلن مسؤولون صحيون الشهر الماضي عن أول حالة إصابة بشلل الأطفال في المنطقة المحاصرة منذ ربع قرن.
“تلقينا رسائل نصية من وزارة الصحة وحضرنا على الفور.”
وانضم إليها آلاف آخرون من سكان غزة الذين يخشون الإصابة بشلل الأطفال ــ وهو مرض شديد العدوى وقد يكون قاتلاً ــ على الرغم من المخاوف على أمنهم الشخصي والشائعات التي تقول إن اللقاح لن يكون آمناً أو فعالاً.
يعد فيروس شلل الأطفال شديد العدوى وينتشر في أغلب الأحيان من خلال مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة – وهي مشكلة شائعة بشكل متزايد في غزة مع تدمير إسرائيل لمعظم البنية التحتية للقطاع في حربها ضد حماس.
يصيب هذا المرض الأطفال دون سن الخامسة بشكل رئيسي، ويمكن أن يسبب تشوهات وشللاً، وقد يؤدي إلى الوفاة.
وقالت لويز ووتريدج المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن نحو 2000 طفل تلقوا التطعيم يوم الأحد في عيادة واحدة في دير البلح.
وقال ووتريدج إن الوكالة أرسلت فرقًا متنقلة تتنقل من خيمة إلى أخرى، وتقوم بوضع علامات على إبهام الأطفال بالحبر بمجرد حصولهم على جرعاتهم.
وتم توزيع الجرعات الأولى، السبت، على عدد غير محدد من الأطفال في مدينة خان يونس بجنوب البلاد، قبل توزيعها على نطاق واسع يوم الأحد.
وتهدف الحملة إلى تطعيم أكثر من 640 ألف طفل في الأراضي الفلسطينية المحاصرة، التي دمرتها الحرب منذ ما يقرب من 11 شهراً.
– 'قلق' –
وقد سلمت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 1.26 مليون جرعة إلى غزة بالفعل.
حددت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، 67 مركزا للتطعيم – معظمها مستشفيات ومراكز صحية أصغر ومدارس – في وسط غزة، و59 في جنوب غزة، و33 في شمال غزة لإدارة الجرعات.
يجب إعطاء الجرعة الثانية من اللقاح بعد أربعة أسابيع من الجرعة الأولى.
وقالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن إسرائيل وافقت على سلسلة من “التوقفات الإنسانية” لمدة ثلاثة أيام في المناطق الشمالية والجنوبية والوسطى لتسهيل عمليات التطعيم.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصر على أن هذه التوقفات لا تعني أي نوع من وقف إطلاق النار في القتال الشامل في غزة.
وقال ياسر شعبان المدير الطبي لمستشفى العودة وسط قطاع غزة الأحد: “هناك الكثير من الطائرات بدون طيار تحلق في سماء وسط قطاع غزة، ونأمل أن تكون حملة التطعيم للأطفال هادئة”.
وكان من المقرر أن تستمر الهدنة الإنسانية من الساعة السادسة صباحا (0300 بتوقيت جرينتش) حتى الثانية بعد الظهر، وفقا لبيان صدر يوم السبت عن هيئة وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تشرف على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية.
وقالت ووتريدج إنها سمعت بعض إطلاق النار في وسط غزة بعد الساعة السادسة صباحا، لكن بعد ذلك ظلت المنطقة هادئة.
وقالت المتحدثة باسم الأونروا: “من الصعب للغاية الانتقال من العيش في خوف مطلق في كل ثانية من يومك وحتى نومك إلى أن تطمئن فجأة قائلة: 'أوه لا، كل شيء على ما يرام الآن'”.
“نحن أيضًا حريصون على معرفة ما سيحدث بعد الساعة الثانية ظهرًا. إذا استمر القصف بعد الساعة الثانية ظهرًا، فمن المؤكد أن هذا سيؤثر على حملة التطعيم… والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي وقف إطلاق النار”.
اندلعت الحرب في غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية حتى الآن عن مقتل 40738 شخصا على الأقل في غزة، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن معظم القتلى هم من النساء والأطفال.
وقد أدى تدمير القطاع الصحي في غزة إلى تفاقم حالة القلق العالمي بعد أن أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله في أغسطس/آب أن الاختبارات في الأردن أكدت وجود شلل الأطفال لدى طفل غير مطعم يبلغ من العمر 10 أشهر من وسط غزة.
وقالت الأم الفلسطينية بسمة البطش لوكالة فرانس برس الأحد إنها “سعيدة للغاية” ببدء حملة التطعيم.
وأضافت “أريد أن أحمي أطفالي لأنني كنت خائفة من أن يتأثروا ويصبحوا معاقين”.
