مجدل شمس، مرتفعات الجولان –
شارك آلاف المشيعين يوم الأحد في مراسم جنازة الأطفال والمراهقين الـ12 الذين قتلوا في هجوم صاروخي على مرتفعات الجولان المحتلة في الوقت الذي تعهدت فيه إسرائيل بالرد السريع على حركة حزب الله الشيعية في لبنان.
نفى حزب الله مسؤوليته عن الهجوم على مجدل شمس، وهو الهجوم الأكثر دموية في إسرائيل أو الأراضي التي ضمتها إسرائيل منذ أن أدى هجوم حركة حماس الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى اندلاع الحرب في غزة. وقد امتد هذا الصراع إلى عدة جبهات، وهو الآن يهدد بالامتداد إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا.
قصفت طائرات إسرائيلية أهدافا في جنوب لبنان خلال الليل لكن من المتوقع أن يكون الرد أقوى بعد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في الساعة السادسة مساء (1500 بتوقيت جرينتش). وعاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من زيارة للولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن كل الدلائل تشير إلى أن الصاروخ الذي سقط على ملعب رياضي حيث كان أطفال يلعبون كرة القدم أطلقه حزب الله، وأضاف أن واشنطن تقف إلى جانب حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
لكنه قال إن الولايات المتحدة لا تريد تصعيدا إضافيا للصراع، الذي شهد تبادلا يوميا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على طول الحدود.
أعربت بريطانيا عن قلقها إزاء المزيد من التصعيد، بينما قالت مصر إن الهجوم قد يتحول “إلى حرب إقليمية شاملة”.
وعلى الأرض، تجمعت العائلات للمشاركة في جنازات في قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 وضمتها في خطوة لم تعترف بها معظم البلدان.
ويشكل أعضاء الطائفة الدرزية، التي ترتبط بالإسلام والمسيحية واليهودية، أكثر من نصف سكان مرتفعات الجولان البالغ عددهم 40 ألف نسمة.
وتجمعت حشود كبيرة من المشيعين، كثير منهم يرتدون أغطية الرأس الدرزية التقليدية البيضاء والحمراء، حول النعوش أثناء حملها عبر القرية.
وقال دولان أبو صالح، رئيس المجلس المحلي في مجدل شمس، في تصريحات بثها التلفزيون الإسرائيلي: “لقد جاءت مأساة ثقيلة ويوم مظلم على مجدل شمس”.
وكان حزب الله قد أعلن في البداية أنه أطلق صواريخ على مواقع عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان، لكنه قال إنه “لا علاقة له على الإطلاق” بالهجوم على مجدل شمس.
إلقاء اللوم على حزب الله
لكن إسرائيل قالت إن الصاروخ كان صاروخا إيرانيا الصنع أطلق من منطقة شمال قرية شبعا في جنوب لبنان، وألقت باللوم بالكامل على الجماعة المدعومة من إيران وقالت إن حزب الله “مسؤول بشكل لا لبس فيه”.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان الأطفال والمراهقون الذين قتلوا في الغارة مواطنين إسرائيليين، لكن المسؤولين الإسرائيليين تعهدوا بالانتقام.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن “الصاروخ الذي قتل أبناءنا وبناتنا كان صاروخا إيرانيا وحزب الله هو المنظمة الإرهابية الوحيدة التي تمتلك مثل هذه الصواريخ في ترسانتها”.
وقال مصدران أمنيان إن حزب الله في حالة تأهب قصوى وقام بإخلاء بعض المواقع الرئيسية في جنوب لبنان وسهل البقاع الشرقي تحسبا لهجوم إسرائيلي.
قالت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية إنها أرجأت وصول بعض الرحلات من ليل الأحد إلى صباح الاثنين، من دون أن توضح الأسباب.
وفي مدينة صور الساحلية الجنوبية، على بعد أكثر من 20 كيلومترا من الحدود، كان رواد الشاطئ لا يزالون يتدفقون إلى الساحل. وقال علي حسيني، مدير أحد الأعمال التجارية على الشاطئ في صور: “هناك خوف من رد فعل إسرائيلي، لكن الناس يعيشون حياتهم بشكل طبيعي”.
تتبادل القوات الإسرائيلية إطلاق النار منذ أشهر مع مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان، لكن يبدو أن الجانبين يتجنبان التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة، مما قد يجر قوى أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران.
ولكن الضربة التي وقعت يوم السبت هددت بدفع المواجهة إلى مرحلة أكثر خطورة. وحث مسؤولون من الأمم المتحدة الجانبين على ضبط النفس إلى أقصى حد، محذرين من أن التصعيد قد “يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها”.
قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إن لبنان طلب من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس. وأضاف بو حبيب أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة اللبنانية نقل رسالة إلى حزب الله لإظهار ضبط النفس أيضًا.
مخاوف من اندلاع حرب شاملة
حذرت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، إسرائيل من ما أسمته أي مغامرة جديدة في لبنان.
وقالت وزارة الخارجية السورية إنها تحمل إسرائيل “المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير في المنطقة” وقالت إن اتهاماتها لحزب الله كاذبة.
وقال دبلوماسيان متخصصان في الشأن اللبناني إن كل الجهود مطلوبة الآن لتجنب حرب شاملة.
لقد أجبر الصراع عشرات الآلاف من الناس في كل من لبنان وإسرائيل على مغادرة منازلهم. وقد أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل نحو 350 من مقاتلي حزب الله في لبنان وأكثر من 100 مدني، بما في ذلك المسعفون والأطفال والصحفيون.
وقال الجيش الإسرائيلي بعد هجوم السبت إن حصيلة القتلى بين المدنيين في هجمات حزب الله ارتفعت إلى 23 منذ أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب ما لا يقل عن 17 جنديا.
حزب الله هو الأقوى ضمن شبكة من الجماعات المدعومة من إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل بعد وقت قصير من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
أطلقت جماعات عراقية والحوثيون في اليمن صواريخ على إسرائيل، التي هاجمت في وقت سابق من هذا الشهر ميناء الحديدة على البحر الأحمر ردا على غارة على تل أبيب أسفرت عن مقتل شخص واحد. كما نفذت حماس هجمات صاروخية على إسرائيل من لبنان، وكذلك فعلت الجماعة السنية اللبنانية، الجماعة الإسلامية.
تعيش المجتمعات الدرزية على جانبي الخط الفاصل بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، وكذلك في مرتفعات الجولان وسوريا. وفي حين يخدم بعضهم في الجيش الإسرائيلي ويتماهون مع إسرائيل، يشعر كثيرون منهم بالتهميش في إسرائيل، ويرفض بعضهم أيضًا الجنسية الإسرائيلية.
