قالت حركة حماس وشهود يوم الاثنين إن إسرائيل قصفت قطاع غزة الذي مزقته الحرب خلال الليل، في حين حث زعماء العالم على وقف التصعيد في انتظار رد فعل إسرائيل على الهجوم الإيراني غير المسبوق الذي زاد المخاوف من نشوب صراع أوسع نطاقا.
وحثت القوى العالمية على ضبط النفس بعد أن أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ على إسرائيل في وقت متأخر من يوم السبت، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي قال إنه تم اعتراض جميع الطائرات تقريبا.
وجاء أول هجوم مباشر لطهران على إسرائيل، ردا على الهجوم المميت الذي استهدف قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان/أبريل، بعد أشهر من العنف في جميع أنحاء المنطقة شارك فيه وكلاء إيرانيون وحلفاؤهم الذين يقولون إنهم يعملون لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة.
ذكرت وسائل إعلام محلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتمع مع حكومته الحربية يوم الأحد، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن كيفية أو متى يمكن لإسرائيل الرد على الهجوم الإيراني، وذكرت وسائل إعلام محلية أنه من المقرر عقد اجتماع آخر في وقت لاحق يوم الاثنين.
وقالت صحيفة إسرائيل هايوم إن التوترات في إيران “تضعف النظام وتخدم إسرائيل”، مضيفة أن هذا يشير إلى أن القادة الإسرائيليين لن يتعجلوا للانتقام.
وحذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن أي خطوة إسرائيلية “متهورة” ستثير “ردا أقوى بكثير”، في حين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كناني يوم الاثنين إن على الدول الغربية “تقدير ضبط النفس الإيراني” في الأشهر الأخيرة.
وأصرت طهران على أن الهجوم على إسرائيل كان عملا من أعمال “الدفاع عن النفس” بعد غارة دمشق التي أسفرت عن مقتل سبعة من الحرس الثوري بينهم جنرالان.
– حرب غزة مستمرة –
وقال الجيش الإسرائيلي إنه لن يصرف انتباهه عن حربه ضد حماس المدعومة من طهران في غزة، والتي أثارها هجوم الحركة الفلسطينية المسلحة في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال المتحدث باسم الجيش الأدميرال دانييل هاغاري في وقت متأخر الأحد: “حتى عندما نتعرض لهجوم من إيران، لم نغفل… عن مهمتنا الحاسمة في غزة لإنقاذ رهائننا من أيدي حركة حماس الوكيلة لإيران”.
وبينما يتطلع الوسطاء إلى التوصل إلى اتفاق لوقف القتال، استمرت المخاوف بشأن خطط إسرائيلية لإرسال قوات برية إلى رفح، وهي مدينة في أقصى الجنوب لجأ إليها غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وقال هاجاري “حماس لا تزال تحتجز رهائننا في غزة” مشيرا إلى نحو 130 شخصا من بينهم 34 يفترض أنهم قتلوا والذين تقول إسرائيل إنهم ما زالوا في أيدي المسلحين الفلسطينيين منذ هجوم حماس.
وقال المتحدث العسكري في مؤتمر صحفي “لدينا أيضا رهائن في رفح وسنبذل كل ما في وسعنا لإعادتهم إلى وطنهم.”
وقال الجيش إنه يستدعي “لوائيين احتياطيين للقيام بأنشطة عملياتية” بعد نحو أسبوع من سحب معظم القوات البرية من غزة.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة حماس إن الطائرات والدبابات الإسرائيلية شنت “عشرات” الغارات خلال الليل على وسط غزة، مما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس إن غارات استهدفت مخيم النصيرات للاجئين، كما وردت أنباء عن اشتباكات في مناطق أخرى وسط وشمال غزة.
وأدى هجوم حماس الذي أشعل القتال إلى مقتل 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا للأرقام الإسرائيلية.
وأدى الهجوم الانتقامي الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 33729 شخصًا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
– مخاوف من الانتقام –
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا الأحد في أعقاب الهجوم الإيراني، حيث حذر الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أن المنطقة “على شفا” الحرب.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: “لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل المزيد من الحروب”.
“حان الوقت لنزع فتيل التوتر ووقف التصعيد.”
كما أدان زعماء مجموعة السبع الهجوم الإيراني ودعوا إلى “ضبط النفس” من جميع الأطراف، حسبما كتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل على موقع X بعد مؤتمر عبر الفيديو يوم الأحد.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، إن حكومته ستساعد في بذل كل ما في وسعها لتجنب “حريق” في الشرق الأوسط.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه بعد “نجاح” إسرائيل في اعتراض عمليات الإطلاق الإيرانية، “نصيحتنا هي المساهمة في وقف التصعيد”.
كما حثت الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، على الحذر والهدوء.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، لشبكة NBC: “لا نريد أن نرى هذا التصعيد”.
وبعد الهجوم، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن دعم واشنطن “الصارم” لإسرائيل.
لكن مسؤولا أميركيا كبيرا قال إن بايدن أبلغ نتنياهو أيضا أن إدارته لن تقدم دعما عسكريا لأي رد انتقامي على إيران.
ودفعت أنباء الهجوم الوشيك إسرائيل إلى إغلاق المدارس والإعلان عن قيود على التجمعات العامة، حيث أعلن الجيش في وقت مبكر من يوم الاثنين أنه تم رفع هذه الإجراءات في معظم أنحاء البلاد.
وفي إيران، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن المطارات في العاصمة وأماكن أخرى أعيد فتحها يوم الاثنين.
أدت المخاوف من صراع إقليمي أوسع إلى انخفاض أسواق الأسهم يوم الاثنين.
– اتفاق الهدنة “مطروح على الطاولة” –
أدت الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر إلى أوضاع إنسانية مزرية في قطاع غزة المحاصر.
أدت شائعات عن إعادة فتح نقطة تفتيش إسرائيلية على الطريق الساحلي من جنوب القطاع إلى مدينة غزة إلى دفع آلاف الفلسطينيين إلى التوجه شمالا يوم الأحد، على الرغم من نفي إسرائيل فتحها.
وقالت بسمة سلمان وهي تحاول العودة إلى شمال غزة: “حتى لو تم تدمير (منزلي)، أريد الذهاب إلى هناك. لم أستطع البقاء في الجنوب”.
“المكان مكتظ. لم نتمكن حتى من تنفس الهواء المنعش هناك. كان الأمر فظيعاً تماماً”.
وفي خان يونس، المدينة الرئيسية بجنوب غزة، قالت فرق الدفاع المدني إنها انتشلت ما لا يقل عن 18 جثة من تحت أنقاض المباني المدمرة.
وفي ردها مساء السبت على خطة الهدنة الأخيرة التي قدمها وسطاء أمريكيون وقطريون ومصريون، قالت حماس إنها تصر على “وقف دائم لإطلاق النار” وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
ووصف جهاز الموساد الإسرائيلي ذلك بأنه “رفض” للاقتراح، واتهم حماس “بمواصلة استغلال التوتر مع إيران”.
لكن الولايات المتحدة قالت إن جهود الوساطة مستمرة.
وقال كيربي من مجلس الأمن القومي: “نحن لا نعتبر أن الدبلوماسية ميتة هناك”.
وأضاف “هناك اتفاق جديد مطروح على الطاولة… إنه اتفاق جيد” يقضي بإطلاق سراح بعض الرهائن ووقف القتال وإرسال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
بور-smw/dl/ami
