شن الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة يوم الاثنين بعد يوم من محادثات الهدنة في القاهرة والتي تزامنت مع تصعيد كبير ولكن قصير عبر الحدود شمل حزب الله المدعوم من إيران في لبنان.
لقد اجتذبت حرب غزة، التي اندلعت بسبب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، جماعات مسلحة متحالفة مع طهران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، مما أدى مرارا وتكرارا إلى تفاقم المخاوف من اندلاع حريق إقليمي أوسع نطاقا.
في أحدث تصعيد بين إسرائيل وحزب الله حليف حماس، أطلقت الجماعة اللبنانية يوم الأحد صواريخ وطائرات بدون طيار ردا على مقتل قائد كبير بينما نفذت إسرائيل غارات جوية قال الجيش إنها أحبطت هجوما أكبر.
سارعت إسرائيل إلى إلغاء حالة الطوارئ التي أعلنتها في ساعة مبكرة من صباح الأحد، وقالت حزب الله إن عمليتها “اكتملت”.
وفي الأسابيع الأخيرة، سعت الدبلوماسية المكثفة إلى تجنب أي رد انتقامي أوسع نطاقا على مقتل الضابط الكبير في حزب الله فؤاد شكر في غارة إسرائيلية على بيروت في أواخر يوليو/تموز، ومقتل الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وأكد دبلوماسيون غربيون وعرب على ضرورة التوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن لتهدئة التوترات الإقليمية.
وعقد الوسطاء اجتماعات في العاصمة المصرية الأحد لكنهم لم يعلنوا عن تحقيق أي تقدم في شهور من المفاوضات المطولة مع استمرار القتال في غزة.
وأفاد شهود عيان ومراسلو وكالة فرانس برس بوقوع غارات جوية وقصف على مدينة غزة وأجزاء أخرى من الأراضي الفلسطينية المحاصرة خلال الليل، كما قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب مسلحين في الجنوب.
قال مسعفون إن غارة جوية على منزل في مدينة غزة أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، فيما قال اثنان من رجال الإنقاذ لوكالة فرانس برس إن المزيد من الضحايا ربما يكونون دفنوا تحت الأنقاض في حي الرمال.
وقال سائق سيارة الإسعاف حسين محيسن إن “هناك شهداء وأشلاء تحت الأنقاض، معظمهم من النساء والرجال وكبار السن الذين كانوا نائمين” عندما قصف المبنى.
وقال بيان عسكري إسرائيلي إن قواته “قضت” على العشرات من النشطاء خلال اليوم الماضي في المناطق الجنوبية من خان يونس ورفح وبالقرب من دير البلح في وسط قطاع غزة.
وقال الجيش إن القوات الإسرائيلية قصفت أيضا منصة لإطلاق الصواريخ في خان يونس، بعد إطلاقها في وقت متأخر من مساء الأحد على وسط إسرائيل وتبنت حماس المسؤولية عن ذلك.
– 'الكلمة الأخيرة' –
وأسفر هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 1199 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية عن مقتل 40405 أشخاص على الأقل في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس، والتي لا تفصل أعداد القتلى من المدنيين والمسلحين. وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن معظم القتلى من النساء والأطفال.
من بين 251 رهينة اختطفهم مسلحون فلسطينيون في هجومهم، بقي 105 في غزة بما في ذلك 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
وتبادل حزب الله إطلاق النار بشكل شبه يومي مع القوات الإسرائيلية طوال الحرب، فيما تقول الجماعة إنه دعم لحليفتها الفلسطينية حماس.
بعد أسابيع من التهديدات بالانتقام، أطلق حزب الله في ساعة مبكرة من صباح الأحد ما قال إنه جزء من رده على مقتل شكر.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بعد ساعات من إعلان الحزب عن شن هجمات على إسرائيل بمئات الصواريخ والطائرات بدون طيار، إن “الهدف الرئيسي” كان قاعدة استخباراتية خارج تل أبيب، على بعد أكثر من 100 كيلومتر (62 ميلاً) من الحدود اللبنانية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم تقع “ضربات” على مجمع استخبارات جليلوت، والذي يضم أيضا مقر وكالة التجسس الموساد، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
وفي الوقت نفسه، أصابت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 270 هدفا في لبنان، “90 بالمئة” منها صواريخ “موجهة إلى شمال إسرائيل”، بحسب الجيش.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحكومته إن الضربات “ليست الكلمة الأخيرة” في الحملة ضد حزب الله.
وبدا أن نصر الله يلمح إلى أن رد حزب الله على مقتل شكر ربما انتهى، قائلاً: “إذا كانت النتيجة مرضية” فإن رده “تم تنفيذه”.
– 'أين سنذهب؟' –
وقال مسؤول في حركة حماس إن وفدا من الحركة التقى وسطاء في العاصمة المصرية يوم الأحد. وكان من المقرر أيضا أن يتوجه مفاوضون إسرائيليون إلى القاهرة.
واستندت المحادثات إلى إطار عمل وضعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في أواخر مايو/أيار و”اقتراح جسر” طرحته واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر بدعم من وسطاء قطريين ومصريين.
إن أحد أهم العوائق التي واجهتها إسرائيل كان رفضها للمطلب الذي تقدمت به حماس منذ فترة طويلة بانسحاب إسرائيلي “كامل” من غزة. وتقول إسرائيل إنها لابد وأن تحتفظ بالسيطرة على العديد من المناطق الاستراتيجية لمنع حماس من التسلح.
لقد خلفت الحرب التي استمرت أكثر من عشرة أشهر أجزاء كبيرة من غزة في حالة خراب، ودمرت نظامها الصحي، وأثارت أزمة إنسانية خطيرة وتحذيرات من المجاعة.
قالت السلطات الإسرائيلية إن دفعة من لقاحات شلل الأطفال دخلت غزة يوم الأحد. وتخطط وكالات الأمم المتحدة لحملة تطعيم جماعية بعد تأكيد أول حالة هناك منذ 25 عامًا.
لقد أجبرت أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتتالية العديد من سكان غزة، الذين نزحوا بالفعل مرة واحدة على الأقل بسبب الحرب، على الانتقال مرة أخرى.
“ليس لدينا مكان نذهب إليه”، تقول مها السرسك التي نزحت في بادئ الأمر من مدينة غزة إلى الجنوب، والتي “اضطرت لمغادرتها”، قبل أن تصل إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
وقالت لوكالة فرانس برس “لقد جئنا إلى هنا… والآن يريدون منا المغادرة”. وبعد إخلاء المستشفى، “إلى أين سنذهب؟”
