واصلت إسرائيل هجومها العنيف على مدينة خان يونس “المحاصرة” في قطاع غزة بعد موجة من الحزن على أدمى يوم للجيش منذ بدء العمليات البرية في القطاع.
ومع احتدام القتال، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن القوات الإسرائيلية أصدرت يوم الثلاثاء أوامر إخلاء جديدة لقسم من خان يونس يسكنه ما يقدر بنحو نصف مليون ساكن ونازح.
وجاءت هذه الأوامر في الوقت الذي حذر فيه برنامج الأغذية العالمي من أن سكان غزة يواجهون “انعدام أمن غذائي كارثي”، وفي الوقت الذي حمل فيه الأمين العام للأمم المتحدة إسرائيل على رفضها حل الدولتين الذي تعتبره حليفتها الولايات المتحدة هو السبيل الوحيد لتسوية النزاع. سلام دائم.
قال المتحدث باسم الجيش دانييل هاغاري اليوم الثلاثاء إن 24 جنديا إسرائيليا قتلوا يوم الاثنين، 21 منهم من جنود الاحتياط “عندما فاجأت مجموعة من الإرهابيين القوة” بإطلاق قذائف صاروخية.
وأضاف أن “ثمن الحرب باهظ ومؤلم”.
وقدم المشيعون جنازات لجنود الاحتياط يوم الثلاثاء، بما في ذلك البعض الذين ليس لديهم أي صلة بالمتوفى.
وقال إسرائيلا أورون، من جامعة بن غوريون في النقب، إن عدد القتلى المتزايد بين الجنود – والذي يبلغ الآن 221 جنديا – سيدفع الجمهور إلى “المطالبة بإجابات واضحة حول الغرض والهدف من هذه العملية في غزة”.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن تحقيقا بدأ في “الكارثة”.
– “لا شيء للأكل أو الشرب” –
وعلى الأرض، احتدم القتال في خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، والتي قال الجيش الإسرائيلي إنه “طوقها”.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في نشرة إن القوات الإسرائيلية أصدرت يوم الثلاثاء أوامر إخلاء لقطاع مساحته أربعة كيلومترات مربعة من خان يونس يسكنه حاليا حوالي 513 ألف شخص بالإضافة إلى مستشفيي ناصر والأمل الرئيسيين.
واستنكر مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس “المطالب الخطيرة” للسكان بالتوجه جنوبا، وحذر من أن إسرائيل تعتزم “تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه، مما سيؤدي إلى عواقب غير متوقعة”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.
وبدأت الحرب في غزة بهجمات غير مسبوقة شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأدت إلى مقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
ردا على ذلك، شنت إسرائيل هجوما لا هوادة فيه أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25490 شخصا في غزة، حوالي 70 في المئة منهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في الأراضي التي تديرها حماس.
وأدت الحرب إلى نقص حاد في الغذاء والماء والوقود والأدوية في المنطقة المحاصرة.
وفي مدينة غزة المدمرة، قالت أم داهود الكفارنة، وهي من سكانها النازحين، إن الحملة الإسرائيلية “لم تترك لنا شيئا نأكله أو نشربه بينما تقصفنا من الجو والبحر والدبابات”.
وأضافت: “لقد أصيبت بنات أخي بجروح خطيرة”. “إنه أمر مأساوي… عسى أن يجدوا بعض الرحمة في قلوبهم.”
وحذر برنامج الغذاء العالمي يوم الثلاثاء من أن الأوضاع في غزة تزداد سوءا.
وقالت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط: “يواجه أكثر من نصف مليون شخص في غزة مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، ويتزايد خطر المجاعة كل يوم”.
في غضون ذلك، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفض المسؤولين الإسرائيليين المتكرر للدعوات لإقامة دولة فلسطينية ووصفه بأنه “غير مقبول” في خطاب ألقاه أمام مجلس الأمن، قائلا إن ذلك “سيطيل أمد الصراع إلى أجل غير مسمى”.
– محادثات “رصينة وجادة” –
وشهدت هجمات السابع من أكتوبر أيضا احتجاز مسلحين لـ 250 رهينة، وتقول إسرائيل إن حوالي 132 منهم ما زالوا في غزة. ويشمل هذا العدد جثث 28 رهينة على الأقل، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
وكان بريت ماكجورك مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط موجودا في المنطقة لإجراء محادثات تهدف إلى التوسط في اتفاق جديد لإطلاق سراح الأسرى المتبقين مقابل وقف القتال.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: “من المؤكد أن أحد الأشياء التي يتحدث عنها في المنطقة هو احتمال التوصل إلى صفقة رهائن أخرى، الأمر الذي سيتطلب هدنة إنسانية لبعض الوقت”.
“المحادثات رصينة وجادة للغاية بشأن محاولة التوصل إلى صفقة رهائن أخرى.”
وقال مصدر فلسطيني مطلع على المحادثات لوكالة فرانس برس إن وفدا من حماس وصل إلى القاهرة الثلاثاء للقاء رئيس المخابرات المصرية ومناقشة مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار.
– ضربات في اليمن والعراق –
وأثارت حرب غزة مخاوف من تصعيد أوسع نطاقا، مع تصاعد أعمال العنف بين حلفاء حماس المدعومين من إيران في جميع أنحاء المنطقة.
أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الولايات المتحدة استهدفت في وقت مبكر من يوم الأربعاء مواقع يستخدمها المسلحون المدعومين من إيران في العراق، فيما قالت مصادر عراقية إن شخصين قتلا.
وجاءت الضربات بعد أيام فقط من استهداف القوات الأمريكية في العراق بصواريخ باليستية في هجوم ألقى البنتاغون باللوم فيه على مسلحين تدعمهم طهران.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن واشنطن نفذت أيضا ضربة أخرى في وقت مبكر من يوم الأربعاء ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، مستهدفة “صاروخين مضادين للسفن كانا موجهين إلى جنوب البحر الأحمر وكانا جاهزين للانطلاق”.
وفي اليوم السابق، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا جولة أخرى من الضربات الجوية ضد الحوثيين المدعومين من إيران بسبب هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، والتي تقول الجماعة إنها تنفذها تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.
وفي الوقت نفسه، واصلت إسرائيل تبادل إطلاق النار عبر الحدود مع حركة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران يوم الثلاثاء.
ومن المتوقع أن يتوجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى تركيا الأربعاء لإجراء محادثات تم تأجيلها مرتين بهدف تسوية الخلافات ومحاولة وقف انتشار الحرب بين إسرائيل وحماس.
بور-gl-smw/tym
