القدس
منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصبح يحيى السنوار على رأس قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، لكن الزعيم الفلسطيني المعين حديثا ظل بعيد المنال كما كان دائما.
ويعتقد القادة الإسرائيليون أن السنوار (61 عاما) يختبئ في متاهة من الأنفاق التي بنتها حماس تحت قطاع غزة على مر السنين.
وقال مايكل ميلستين، المحلل الإسرائيلي والمستشار السابق لوزارة الدفاع: “هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها”.
وأضاف “أنا متأكد تمامًا من أن هناك الكثير من الأماكن التي يمكنه الاختباء فيها، ولديه الكثير من الرجال حوله المخلصين له ويدعمونه”.
وكانت صور السنوار نادرة حتى قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاء يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
خلال الهجوم، أسر مسلحو حماس 251 شخصًا، لا يزال 111 منهم أسيرًا في غزة، بما في ذلك 39 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
ومنذ ذلك الحين، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية عن مقتل ما لا يقل عن 39699 شخصا في غزة، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس، والتي لا تقدم تفاصيل عن القتلى المدنيين والمسلحين.
ولم يظهر السنوار علناً منذ الهجوم.
وقال ميلستين “لن أتفاجأ إذا كان محاطًا بالرهائن كدرع”.
“إنه يدرك أنه إذا تم حمايته بالرهائن، فسيكون من الصعب على إسرائيل مهاجمته”.
وقال ميلستين إن السنوار لديه الكثير من الناس الذين يحترمونه، بينما يخشاه آخرون.
“لا بد أنه يتلقى المساعدة من سكان غزة الذين يخافونه أو يلتزمون بأيديولوجية حماس”.
وبالإضافة إلى قدرته على فرض الطاعة في القطاع، يستطيع السنوار أن يعتمد على خزان العداء العميق تجاه إسرائيل بين سكان غزة، وهو الميل الذي غذته في الأشهر الأخيرة استراتيجية الحرب التي لا هوادة فيها التي ينتهجها نتنياهو وتأثيرها على المدنيين الفلسطينيين، كما يقول المحللون.
ورغم التحفظات التي لدى العديد من الفلسطينيين تجاه قيادة السنوار، فإنه من غير المرجح أن يتحداه أحد في القطاع علانية طالما استمرت الحرب في غزة، بحسب المحللين.
وفي فبراير/شباط الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي لقطات غير واضحة لرجل قال إنه السنوار وعائلته وهم يسيرون عبر نفق في 10 أكتوبر/تشرين الأول، بعد ثلاثة أيام من الهجوم المميت على إسرائيل.
تم العثور على لقطات كاميرات المراقبة بالأبيض والأسود أثناء عملية عسكرية. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال البحري دانييل هاجاري في إفادة تلفزيونية في ذلك الوقت إن الفيديو كان “نتيجة لمطاردتنا”.
“لن تتوقف عملية المطاردة حتى يتم القبض عليه، حيًا أو ميتًا. نحن عازمون على القبض عليه”.
وقال هاجاري إن الفيديو لم يكن هو المهم، بل المعلومات الاستخباراتية التي يمكن للجيش أن يستخلصها منه والتي من شأنها أن تساعد في العثور على قادة آخرين من المتشددين.
وبعد أيام، ادعى وزير الدفاع يوآف غالانت أن السنوار “فار” ويتنقل “من مخبئه إلى مخبئه”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن الجيش أنه قتل في يوليو/تموز محمد ضيف، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس، والذي كان إلى جانب السنوار أحد المخططين المزعومين للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وفي الأيام الأخيرة، سرت شائعات تفيد بأن السنوار يلتقي مع الأسرى المحتجزين في غزة.
وعندما تم التوصل إلى وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وتم إطلاق سراح العشرات من الرهائن مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، ادعى أحد الأسرى المفرج عنهم أنه رأى السنوار.
لكن بعد استجواب يوشيفيد ليفشيتز (85 عاما)، خلصت أجهزة الأمن إلى أن من رأته لم يكن السنوار، بحسب ما قاله ابنها لقناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية.
وقال أحد كبار قادة حماس لوكالة فرانس برس إن “المهندس يستخدم وسائل معقدة للتواصل مع كل قيادات الحركة داخل غزة وخارجها، وأيضا مع كتائب عز الدين القسام”، في إشارة إلى الجناح المسلح للحركة.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته “إنه يتبع إجراءات أمنية معقدة لحمايته الشخصية، لكن هذا لا يمنعه من مواصلة مهامه واتخاذ القرارات”.
وأضاف أن السنوار سيتحدث قريبا عن تعيينه رئيسا لحركة حماس.
وفي الوقت نفسه، فإن غيابه يثير تكهنات واسعة النطاق حول مكانه.
ويزعم البعض أنهم رأوه يسير في شوارع غزة للاحتفال بمنصبه الجديد أو للقاء عائلات فلسطينية نازحة بسبب الحرب، لكن لم يرد أي تأكيد على ذلك.
وكثيرا ما يتكهن الدبلوماسيون والصحفيون والمعلقون بكيفية تواصل رئيس حماس الجديد مع مسؤولين آخرين في الحركة خارج غزة، نظرا لأنه منخرط في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأن ردوده تستغرق عدة أيام حتى تصل إليهم.
