طهران/واشنطن
بدأت الحرس الثوري الإيراني يلاحظ نفاد صبر أنصاره في المنطقة بسبب تأخر طهران في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية في 31 يوليو/تموز.
قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني، الثلاثاء، إن انتظار الرد الإيراني على إسرائيل قد يكون طويلا، حيث لم تؤكد أو تنف وقوفها وراء عملية القتل، لكن يعتقد على نطاق واسع أنها كانت وراء عملية الاغتيال.
وقال نائيني “الوقت في صالحنا وفترة الانتظار لهذا الرد قد تكون طويلة”، في إشارة إلى الرد المحتمل ضد إسرائيل.
وأضاف أن على “العدو” أن ينتظر ردا مدروسا ودقيقا.
وأضاف، بحسب وسائل إعلام رسمية إيرانية، أن القادة الإيرانيين يدرسون الظروف وأن رد الجمهورية الإسلامية ربما لا يكون تكرارا للعمليات السابقة.
واتهمت إيران وحماس إسرائيل بتنفيذ الغارة التي أدت إلى مقتل هنية بعد ساعات من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
طلبت الولايات المتحدة من حلفائها الذين تربطهم علاقات بإيران إقناعها بخفض التصعيد في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يزور فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة للدفع نحو إحراز تقدم نحو وقف إطلاق النار في غزة. لكن وزارة الخارجية الإيرانية قالت إن الدعوات إلى ضبط النفس “تتعارض مع مبادئ القانون الدولي”.
ومن الواضح أن أحد الاعتبارات وراء قرار إيران تأجيل ردها قد يكون رغبتها في عدم الظهور بمظهر من يعطل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة.
وقال نائيني إن طهران تدعم أي تحرك يؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة ومساعدة شعبها، لكنه أضاف: “نحن لا نعتبر تصرفات الولايات المتحدة صادقة. نحن نعتبر الولايات المتحدة طرفا في الحرب (على غزة)”.
وقال المحلل المقيم في إيران سعيد ليلاز إن قادة الجمهورية الإسلامية حريصون الآن على العمل نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة “للحصول على حوافز وتجنب حرب شاملة وتعزيز موقفها في المنطقة”.
وقال ليلاز إن إيران لم تكن متورطة من قبل في عملية السلام في غزة لكنها الآن مستعدة للعب “دور رئيسي”.
وقال مسؤولون إيرانيون كبار لرويترز في وقت سابق من هذا الشهر إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع فقط من شأنه أن يمنع إيران من الرد المباشر على إسرائيل.
قال مسؤول أمني إيراني كبير إن إيران وحلفاء مثل حزب الله سوف يشنون هجوما مباشرا إذا فشلت محادثات غزة أو إذا شعرت بأن إسرائيل تطيل أمد المفاوضات.
وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في بيان “نأمل أن يكون ردنا في الوقت المناسب وأن يتم تنفيذه بطريقة لا تضر بوقف إطلاق النار المحتمل”.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا الشهر، عندما سئل عما إذا كان يتوقع أن تمتنع إيران عن توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة: “هذا هو توقعي”.
وذكرت مصادر أن إيران تدرس إرسال ممثل لها إلى محادثات وقف إطلاق النار. ومع ذلك، قالت المصادر إن الممثل لن يحضر الاجتماعات بشكل مباشر، لكنه سيشارك في مناقشات خلف الكواليس “للحفاظ على خط اتصال دبلوماسي” مع الولايات المتحدة أثناء استمرار المفاوضات.
وقالت مصادر رفيعة المستوى مقربة من حزب الله اللبناني إن طهران ستمنح المفاوضات فرصة لكنها لن تتخلى عن نواياها بالرد.
وقال أحد المصادر إن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يمنح إيران غطاء لرد “رمزي” أصغر حجما.
وقال مائير ليتفاك، الباحث البارز في مركز التحالف للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب، إنه يعتقد أن إيران ستضع احتياجاتها قبل مساعدة حليفتها حماس، لكن إيران تريد أيضا تجنب الحرب الشاملة.
وقال ليتفاك “إن الإيرانيين لم يخضعوا استراتيجيتهم وسياساتهم قط لاحتياجات وكلائهم أو أتباعهم. إن الهجوم محتمل ولا مفر منه تقريبا، لكنني لا أعرف نطاقه وتوقيته”.
في هذه الأثناء، أجرت الحرس الثوري الإيراني تدريبات عسكرية في الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، لكنها لا تبدو عازمة على التسرع في التحرك بينما تقف الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة تأهب قصوى لأي تحركات إيرانية محتملة.
أرسلت البحرية الأميركية سفنا حربية وغواصة إلى الشرق الأوسط لدعم الدفاعات الإسرائيلية.
ويواجه الرئيس الإيراني الجديد المعتدل نسبيا مسعود بزشكيان التحدي الأصعب في بداية ولايته. فهو لم يكتف حتى الآن بتأكيد موقف إيران المناهض لإسرائيل ودعمها لوكلاء “محور المقاومة” في مختلف أنحاء المنطقة منذ توليه منصبه الشهر الماضي.
ويتم تحديد السياسة الإقليمية لإيران من قبل الحرس الثوري النخبوي، الذي لا يخضع إلا لخامنئي، السلطة العليا في البلاد.
