هزت معارك دامية قطاع غزة يوم الأربعاء في الوقت الذي دعا فيه كبير الدبلوماسيين الأمريكيين أنتوني بلينكن، الذي يقوم بجولة في الشرق الأوسط، إلى التوصل إلى هدنة بعيدة المنال واتفاق لإطلاق سراح الرهائن لإنهاء الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر.
في هذه الأثناء، تعرض شمال إسرائيل لوابل متكرر من الصواريخ من حزب الله في لبنان، بعد يوم من غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل قائد كبير في الجماعة المسلحة المتحالفة مع حماس.
وفي جنيف، خلص تحقيق للأمم المتحدة، الأربعاء، إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة، وأن طرفي الصراع الدموي مذنبان بارتكاب جرائم حرب.
وصل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى إمارة قطر الخليجية في أحدث جولة أزمة إقليمية له، للترويج لاتفاق وقف إطلاق النار الذي حدده الرئيس جو بايدن في 31 مايو.
ويدرس الوسطاء الأمريكيون والقطريون والمصريون الرد الذي أصدرته حماس في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، لكن لم ترد أنباء عن حدوث انفراجة حيث أصرت حماس على وقف كامل للحرب، وهو مطلب رفضته إسرائيل.
وقالت حماس وحلفاؤها الجهاد الإسلامي إن ردهم يدعو إلى “وقف كامل للعدوان المستمر على غزة”.
وقال مصدر مطلع على المحادثات إن حماس اقترحت تعديلات تشمل جدولا زمنيا لوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
مع استمرار الحرب في غزة لأكثر من ثمانية أشهر، والتي أدت إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين في المنطقة المحاصرة، اندلعت أعمال العنف القاتلة أيضاً على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
وأدت غارة إسرائيلية يوم الثلاثاء إلى مقتل القيادي في حزب الله طالب سامي عبد الله، الذي وصفه مصدر عسكري لبناني بأنه “أهم” مقاتل في الجماعة قُتل في الحرب حتى الآن.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه “قضى” على عبد الله، الذي وصفه بأنه “أحد كبار قادة حزب الله في جنوب لبنان” الذي “خطط ونفذ ونفذ عددا كبيرا من الهجمات الإرهابية ضد المدنيين الإسرائيليين”.
صباح الأربعاء، انطلقت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل، فيما امتلأت السماء بثلاث موجات من حوالي 160 صاروخا.
وقال الجيش إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت العديد منها بينما ضربت طائرات أخرى داخل شمال إسرائيل مما أدى إلى اندلاع حرائق، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “مدفعيته قصفت مصادر النيران” وأن الطائرات المقاتلة قصفت منصة إطلاق وأربعة “مواقع للبنية التحتية الإرهابية”.
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي من أن الجيش “مستعد لعملية مكثفة للغاية” على طول الحدود اللبنانية وأنه “بطريقة أو بأخرى سنعيد الأمن إلى الشمال”.
– الأمم المتحدة تدين “جرائم الحرب” –
وواصل الجيش الإسرائيلي أيضا قصفه وعملياته البرية داخل غزة حيث قال المستشفى المعمداني إن غارة جوية قبل الفجر قتلت سبعة أشخاص في منزل عائلي في مدينة غزة.
وجنوبا، استشهد طفل وأصيب عدد آخر بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة رفح، بحسب ما أفاد مسعف في مستشفى النصر. كما ضربت غارات جوية وقصف مدينة خان يونس.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “خلال اليوم الماضي، قضت القوات على عدد من الخلايا الإرهابية المسلحة في مواجهات قريبة” في رفح، وأن القوات الجوية ضربت “أكثر من 30 هدفا إرهابيا في جميع أنحاء قطاع غزة”.
وأثارت الحرب المدمرة استنكارا عالميا ومطالبات لإسرائيل بإنهائها، حيث أعرب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وقوى عالمية وعربية كبرى عن دعمها لوقف إطلاق النار المقترح.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش خلال مؤتمر لمساعدة غزة في الأردن يوم الثلاثاء “يجب أن يتوقف الرعب”.
وخلص تحقيق للأمم المتحدة يوم الأربعاء إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة، بما في ذلك جرائم “الإبادة”، وأن الجماعات المسلحة الإسرائيلية والفلسطينية ارتكبت جرائم حرب.
ولاحظت لجنة التحقيق، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجود “هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين في غزة” بما في ذلك “التجويع كوسيلة من وسائل الحرب”.
وخلص التقرير أيضًا إلى أن أعضاء حماس وجماعات مسلحة فلسطينية أخرى ومدنيين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول “قتلوا وجرحوا وأساءوا المعاملة واحتجزوا رهائن وارتكبوا أعمال عنف جنسية وعلى أساس النوع”.
ورفضت إسرائيل هذه الاستنتاجات واتهمت لجنة الأمم المتحدة بممارسة “التمييز المنهجي ضد إسرائيل”.
– دفعة لوقف إطلاق النار –
واندلعت الحرب بعد هجوم نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما احتجز المسلحون 251 رهينة. ولا يزال 116 من هؤلاء في غزة، على الرغم من أن الجيش يقول إن 41 منهم ماتوا.
وشن الجيش الإسرائيلي هجوما مدمرا على غزة خلف ما لا يقل عن 37164 قتيلا، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس.
وحدد بايدن في 31 مايو ما وصفها بالخطة الإسرائيلية التي ستبدأ بوقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع وتبادل الرهائن مع السجناء الفلسطينيين، وتؤدي، في ثلاث مراحل من التفاوض، إلى إعادة بناء غزة.
وأكدت واشنطن أن إسرائيل موافقة على ذلك ودفعت حماس للموافقة أيضا، لكن لم ينشر أي من طرفي الحرب رده الرسمي بعد.
ويتعرض نتنياهو لضغوط شعبية شديدة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، لكنه يواجه أيضا تهديدا سياسيا كبيرا من القوميين اليهود اليمينيين في ائتلافه الحاكم.
وهدد وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش بإسقاط الحكومة إذا وافق على أي وقف لإطلاق النار قبل هزيمة حماس.
وقدمت حماس يوم الثلاثاء ردها إلى قطر ومصر، حيث نقلته إلى الولايات المتحدة. ووصفت الجماعة الإسلامية ردها بأنه “مسؤول وجدي وإيجابي”.
وقال مسؤول أمريكي إن بلينكن أرسل اثنين من كبار المستشارين لمراجعة رد حماس مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
وكان من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية، الذي يقوم بجولة في أربع دول في الشرق الأوسط، في وقت لاحق بالقيادة العليا في قطر، التي نقلت رسائل إلى الجماعة الفلسطينية المسلحة.
