لندن
اتفقت إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المبني على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة والتي تهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة. وأثار الإعلان عن الصفقة رسائل التهنئة والأمل من زعماء المنطقة والعالم.
وكانت العواصم العربية من أوائل الدول التي ردت، معربة عن الارتياح والتفاؤل الحذر.
وقالت السعودية في بيان لوزارة الخارجية انها تأمل في أن يؤدي اتفاق السلام إلى تحرك عاجل لتخفيف المعاناة الإنسانية للفلسطينيين في غزة وانسحاب إسرائيلي كامل. كما أعربت المملكة عن أملها في أن تؤدي الخطة إلى “البدء بخطوات عملية لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967”.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن الإمارات العربية المتحدة رحبت بالاتفاق بشأن المرحلة الأولى من إطار وقف إطلاق النار في غزة، وحثت جميع الأطراف على الالتزام بشروطه.
وأشادت قطر، التي قادت جهود الوساطة لإنهاء الحرب على مدى العامين الماضيين، بهذا الإعلان. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، سافر رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني إلى مصر للمشاركة في محادثات وقف إطلاق النار، مما يؤكد الحاجة الملحة للجهود المبذولة لإنهاء الحرب. وقالت وزارة الخارجية القطرية: “يعلن الوسطاء أنه تم التوصل الليلة إلى اتفاق حول كافة بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بما يؤدي إلى إنهاء الحرب، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وإدخال المساعدات”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري لقناة X إنه “سيتم الإعلان عن التفاصيل لاحقا”.
ومن واشنطن، احتفل الرئيس دونالد ترامب بما وصفه بالاختراق الدبلوماسي التاريخي. وقال ترامب على موقع Truth Social، بعد وقت قصير من تلقيه مذكرة من وزير الخارجية ماركو روبيو يبلغه فيها بقرب التوصل إلى اتفاق: “أنا فخور جدًا بالإعلان عن توقيع إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من خطة السلام الخاصة بنا”. “سيتم التعامل مع جميع الأطراف بشكل عادل! هذا يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي، وإسرائيل، وجميع الدول المحيطة، والولايات المتحدة الأمريكية، ونحن نشكر الوسطاء من قطر ومصر وتركيا، الذين عملوا معنا لتحقيق هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق. طوبى لصانعي السلام!”
وفي حديثه إلى مضيف قناة فوكس نيوز، شون هانيتي، قال ترامب إن العالم سيشهد قريبًا “الناس يتعايشون وسيتم إعادة بناء غزة”، متوقعًا “عالمًا مختلفًا” مع “إنفاق الثروة في غزة”. وأضاف: “أنا واثق جدًا من أنه سيكون هناك سلام في الشرق الأوسط”، ملمّحًا إلى أنه قد يسافر إلى مصر في وقت لاحق من الأسبوع.
وفي القدس، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “بيوم عظيم لإسرائيل… سأجتمع غدا مع الحكومة للموافقة على الاتفاق وإعادة جميع الرهائن الأعزاء إلى الوطن”، شاكرا الجنود الإسرائيليين على “شجاعتهم وتضحياتهم”. وأعرب عن “شكره العميق” لترامب وفريقه “على تفانيهم في هذه المهمة المقدسة المتمثلة في تحرير رهائننا”، مضيفا أنه “بعون الله، سنواصل معا تحقيق جميع أهدافنا وتوسيع نطاق السلام مع جيراننا”.
لكن المعارضة جاءت بسرعة من داخل حكومته. وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش إنه يجب تدمير حماس بعد عودة الأسرى من غزة. وكتب سموتريش على موقع X: “مباشرة بعد عودة الرهائن إلى ديارهم، ستواصل دولة إسرائيل سعيها بكل قوتها من أجل القضاء الحقيقي على حماس ونزع سلاح غزة بشكل حقيقي، بحيث لا تعد تشكل تهديدا لإسرائيل”. وبينما قال إنه لن يصوت لصالح اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه لم يصل إلى حد التهديد بإسقاط ائتلاف نتنياهو، محذرا بدلا من ذلك من “العودة إلى المفاهيم الخاطئة”. السادس من أكتوبر ونصبح مدمنين مرة أخرى على الهدوء المصطنع”.
وفي غزة، رحبت حماس بالاتفاق باعتباره خطوة نحو إنهاء الحرب وتأمين انسحاب إسرائيلي كامل. وقالت في بيان: “نقدر عاليا جهود الأشقاء والوسطاء في قطر ومصر وتركيا، كما نثمن جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى إنهاء الحرب بشكل كامل وتحقيق الانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة”.
ودعت المجموعة ترامب و”جميع الأطراف العربية والإسلامية والدولية إلى إلزام حكومة الاحتلال بالتنفيذ الكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاق”. وحيت حماس “شعبنا العظيم في قطاع غزة وفي القدس والضفة الغربية وفي كل أنحاء وطننا وفي الشتات”، متعهدة بأن “تضحيات شعبنا لن تذهب سدى”.
كما رحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باتفاق غزة، معربا عن أمله في أن يمهد الطريق لحل الدولتين. وأشاد بالجهود التي بذلها ترامب وجميع الوسطاء، قطر ومصر وتركيا، وقال إن السلطة الفلسطينية مستعدة للعمل معهم “لضمان نجاح عملهم”، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. وأكد عباس أن السيادة على غزة تعود للدولة الفلسطينية وأنه يجب إعادة الروابط بين الضفة الغربية المحتلة والقطاع من خلال المؤسسات الفلسطينية.
ووصفت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية الصفقة بأنها نتيجة “تضحيات جسيمة” في غزة. وأضاف: “نؤكد على التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا الفلسطيني، وعلى شجاعة وإقدام مقاتليه على الأرض الذين تصدوا لقوات العدو وأظهروا شجاعة قتالية غير مسبوقة”، مضيفا أن “شعبنا لن ينسى شهداءه العظماء الذين كان لهم الدور الأهم في إبقاء المقاومة صامدة”.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن “رضاه الكبير” عن الاتفاق وشكر جميع الوسطاء، في حين تعهد بأن تركيا “ستراقب عن كثب التنفيذ الصارم للاتفاقية” وستواصل دعم الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة “على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”. وقدم “تحياته القلبية” للفلسطينيين “الذين تحملوا معاناة لا توصف لمدة عامين”.
وفي أوروبا، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أحد أقوى الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في القارة، إن إسبانيا “ترحب بالأخبار الواردة من الشرق الأوسط وتثق في أن هذه هي بداية سلام عادل ودائم”. وأضاف: “حان الوقت الآن للدخول في حوار، ومساعدة السكان المدنيين، والتطلع إلى المستقبل. بأمل. ولكن أيضًا بالعدالة والذاكرة. حتى لا تتكرر الفظائع التي حدثت أبدًا”.
وقالت روسيا إنها تؤيد الاتفاق، فيما نقلت وكالة إنترفاكس عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن موسكو ترحب بالمرحلة الأولى من التسوية في غزة.
ووصف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الاتفاق بأنه “شعاع من الضوء”. وأضاف أن هذا الإعلان جلب “الأمل في أنه بعد ثمانية عقود من الصراع والإرهاب، يمكننا كسر دائرة العنف هذه وبناء شيء أفضل”. “اليوم أصبح لدى العالم سبب للأمل الحقيقي.”
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بهذا الاختراق ووصفه بأنه خطوة حيوية. وقال: “أرحب بالإعلان عن اتفاق لتأمين وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، بناء على الاقتراح الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب”، مشيدا بجهود الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا.
وحث غوتيريس جميع الأطراف على الالتزام بالشروط، داعيا إلى “الدخول الفوري ودون عوائق للإمدادات الإنسانية” إلى غزة. وأضاف أن “الأمم المتحدة ستدعم التنفيذ الكامل للاتفاق وستعمل على توسيع نطاق تقديم الإغاثة الإنسانية المستدامة والمبدئية”، مشددا على أن الهدف يجب أن يظل “حل الدولتين الذي يمكّن الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش في سلام وأمن”.
ووصف منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاجا كالاس الاتفاق بأنه “اختراق مهم وفرصة حقيقية لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الأسرى”، واصفا إياه بأنه “إنجاز دبلوماسي كبير”.
كما رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق، قائلا إنه “يجب أن يمثل نهاية الحرب وبداية حل سياسي على أساس حل الدولتين”. وأضاف أن “فرنسا مستعدة للمساهمة في تحقيق هذا الهدف”، لافتا إلى أنه سيناقش الأمر في باريس مع الشركاء الدوليين.
وحث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على التنفيذ السريع للاتفاقية. وأضاف: “يجب الآن تنفيذ هذا الاتفاق بالكامل، دون تأخير، وأن يصاحبه الرفع الفوري لجميع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة لغزة”.
ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الاتفاق بأنه “خطوة نحو السلام الدائم في المنطقة”.
وقال: “إننا نرحب بالاتفاق على المرحلة الأولى من خطة الرئيس ترامب للسلام. وهذا أيضًا انعكاس للقيادة القوية لرئيس الوزراء نتنياهو”.
وكتب رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف أن الصفقة “من الممكن أن تنهي معاناة الكثيرين: الرهائن وعائلاتهم، وسكان غزة”. وقال إنها يجب أن تكون “خطوة نحو السلام المستدام والعادل”، شاكرا ترامب والوسطاء على دورهم.
ووصف وزير الخارجية النيوزيلندي ونستون بيترز الاتفاق بأنه “خطوة أولى أساسية نحو تحقيق السلام الدائم”، وحث الجانبين على “مواصلة العمل نحو التوصل إلى حل كامل”.
ومن الرياض إلى واشنطن، ومن باريس إلى ولنجتون، حملت جوقة الموافقة لازمة مشتركة: أن وقف إطلاق النار لا يجب أن يوقف إطلاق النار فحسب، بل يجب أن يفتح الباب في النهاية أمام السلام.
