الخرطوم/ طهران
يقيم السودان وإيران علاقات أوثق بناءً على اتفاق يسمح لرئيس الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بتأمين الدعم العسكري واللوجستي لقواته في الوقت الذي يحاول فيه وقف تقدم قوات الدعم السريع. وفي المقابل، تحصل الجمهورية الإسلامية على إمكانية الوصول إلى موانئ البحر الأحمر في وقت الصراع الإقليمي الذي يشمل إيران ووكلائها
بعد خلاف دام نحو ثماني سنوات، يفتح السودان وإيران فصلا جديدا في علاقاتهما.
ويحدث هذا التحول وسط مواجهة بين طهران ووكلائها ضد واشنطن، وحرب يشنها الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع دون نجاح يذكر.
وكانت الخطوة الأخيرة في استئناف العلاقات هي الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوداني علي الصادق إلى طهران والتي استمرت يومين ابتداءً من 5 فبراير.
واستقبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وزير الخارجية السوداني، ورحب برغبة الخرطوم في استئناف العلاقات مع طهران، وقال إن بلاده تتطلع إلى “تعويض الفرص الضائعة وتوفير فرص جديدة”.
وعرض الرئيس الإيراني دعم طهران لـ”إقامة حكومة قوية في السودان”، وقال إنه يعتبر إعادة فتح السفارتين في طهران والخرطوم “خطوة نحو استئناف وتطوير العلاقات بين البلدين”.
وأكد وزير الخارجية السوداني خلال لقائه نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان “عزم الخرطوم على تعزيز وتطوير العلاقات مع طهران في كافة المجالات”.
وفي يناير/كانون الثاني 2016، وفي عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989 – 2019)، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، رداً على اقتحام محتجين سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد وسط احتجاجات إيرانية. – خلاف سعودي بشأن إعدام رجل دين شيعي سعودي.
وقبل ذلك، حافظت الخرطوم وطهران على علاقات وثيقة، حيث قامت إيران بتزويد السودان بالأسلحة منذ التسعينيات.
وقرر المجلس العسكري الحاكم في السودان استئناف العلاقات مع طهران بعد الحرب المدمرة التي اندلعت في أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وفي يوليو 2023، جرت أول محادثات بين وزيري خارجية السودان وإيران على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وفي 9 أكتوبر من العام نفسه، أعلن البلدان قرارهما باستئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
وعلى هامش القمة المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، عقد الرئيس الإيراني أول لقاء مباشر له مع البرهان.
وقال المحلل السياسي السوداني محمد سعيد إن الخرطوم تسعى من تقاربها مع طهران إلى “الضغط على المجتمع الدولي، بالإضافة إلى الاستفادة من المساعدة العسكرية الإيرانية في الحرب المستمرة في السودان ضد قوات الدعم السريع”.
وكانت تقارير إعلامية حديثة أكدت تزويد طهران للجيش السوداني بطائرات مسيرة مقاتلة، استخدمتها لاحقا في الحرب ضد قوات الدعم السريع. وفي أم درمان والخرطوم، استخدم الجيش أسلحته الجديدة لشن هجوم مضاد على أعدائه المتقدمين.
ويشير سعيد إلى أن إيران “تريد أن تكون حاضرة في البحر الأحمر، حيث يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وحلفاء طهران الحوثيين”.
يحد السودان البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله حوالي 800 كيلومتر. وهذا الموقع الجغرافي محط اهتمام العديد من القوى الإقليمية والدولية. ويقول محللون إن إيران وحلفائها يسعون، من خلال الوصول إلى الموانئ السودانية، إلى الحصول على موطئ قدم في ممر حيوي بالقرب من اليمن والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
