أربيل، العراق
انتهت اليوم الاثنين الحملات الانتخابية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، مما يمهد الطريق أمام الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي للإقليم.
وبعد التصويت الخاص لقوات الأمن ونزلاء السجون يوم الجمعة، ستفتح مراكز الاقتراع أبوابها لجميع الناخبين يوم الأحد.
وكتب نيكولاي ملادينوف من معهد واشنطن مؤخراً أن الاقتراع “سوف يحمل تموجات في جميع أنحاء العراق”.
وأضاف: “بالنسبة للقادة الأكراد، هناك توازن دقيق يجب الحفاظ عليه: إظهار الاستقرار الديمقراطي لنظرائهم العراقيين مع تلبية المطالب المتزايدة بالإصلاح والمساءلة من شعبهم”.
ويُعتبر إجراء الانتخابات إنجازاً في حد ذاته، نظراً للشكوك التي ثارت في الأشهر الأخيرة حول إجراء الاقتراع فعلياً في ضوء التوترات داخل كردستان والحرب الآخذة في الاتساع في الشرق الأوسط.
وأعرب المنتقدون عن مخاوفهم بشأن شفافية العملية وتأثير المال السياسي والنبرة القاسية للحملة. وكثيراً ما اتُهم الحزبان السياسيان الرئيسيان الحاكمان في المنطقة، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بالدوس على أخلاقيات المنافسة العادلة. لكن مثل هذه الانتقادات لم تكن كافية لعرقلة العملية الانتخابية.
وأجريت آخر انتخابات برلمانية إقليمية في عام 2018، حيث فاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية بـ 45 مقعدًا، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ 21 مقعدًا في برلمان الإقليم المؤلف من 111 مقعدًا.
وكان من المقرر في البداية إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان في أكتوبر 2022، ولكن تم تأجيلها بعد ذلك إلى نوفمبر من العام التالي بسبب الخلافات بين الأحزاب السياسية حول قانون الانتخابات.
وبعد أن قضت محكمة عراقية بعدم التمديد الذاتي لبرلمان كردستان نتيجة تأجيل الانتخابات، تم تأجيل التصويت إلى 25 شباط/فبراير من العام الجاري، وهذه المرة تحت إشراف مفوضية الانتخابات العراقية.
وتأجل موعد الانتخابات مرة أخرى بسبب تأخر حكم المحكمة الاتحادية في عدة مواد من قانون الانتخابات.
وفي 21 فبراير/شباط، قضت المحكمة بأن مقاعد الكوتا الأحد عشر في برلمان إقليم كردستان المخصصة للأقليات العرقية والدينية “غير دستورية”، مما يرفض فعلياً شرعية المقاعد.
وكاد تدخل القضاء العراقي في الانتخابات الكردية أن ينسف الانتخابات عندما قال الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة السياسي الكردي المخضرم مسعود بارزاني، إن التغييرات التي أدخلتها المحاكم تهدف إلى تلبية رغبات الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس، بقيادة بافل طالباني، نجل زعيم الحزب. مؤسسها الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني. ثم هدد بمقاطعة الانتخابات لكنه غير رأيه في النهاية وقرر المشاركة.
قال مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إن عملية تسجيل الناخبين في الانتخابات البرلمانية المؤجلة في إقليم كوردستان انتهت، حيث سجل ما يقرب من ثلاثة ملايين ناخب في الانتخابات.
وتتعرض سلطات إقليم كردستان لانتقادات متزايدة محليا ودوليا بسبب فشلها في إجراء الانتخابات في موعدها.
وخصصت الحكومة العراقية أواخر العام الماضي ما يقرب من 70 مليار دينار (53.4 مليون دولار) للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات للإشراف على الانتخابات في إقليم كردستان، مما أزال عقبة أخرى أمام إجراء التصويت المثير للجدل.
وأدى غياب برلمان منتخب إلى تقويض شرعية مؤسسات المنطقة، وخاصة حكومتها، ووضع تجربة الحكم الذاتي الكردي في العراق على المحك، في وقت يعاني من صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة، فضلاً عن ضغوط هائلة من الجهات السياسية الفاعلة. في الدولة الفيدرالية العراقية.
لقد تفاقمت الهشاشة السياسية الداخلية في كردستان العراق بسبب الصراع المستشري بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، فضلاً عن التوترات والصراعات في المنطقة.
علاوة على ذلك، تعرض إقليم كردستان العراق لضربات عسكرية من إيران والميليشيات العراقية الموالية لإيران.
كما تحولت أجزاء كثيرة من كردستان العراق إلى ساحة معركة بين القوات التركية ومسلحي حزب العمال الكردستاني، الذين يتمركزون في المناطق الكردية منذ عدة عقود.
كما كانت هناك مخاوف من أن تتوسع الحرب بين إسرائيل وقوات “محور المقاومة” المدعومة من إيران إلى ما هو أبعد من غزة ولبنان لتشمل العراق، بالنظر إلى موقف الفصائل العراقية المحسوبة على المحور. وهددت الفصائل الموالية لإيران بشن هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار ضد إسرائيل، وتفجير منشآت نفطية في المنطقة، وإرسال مقاتلين إلى لبنان لدعم حزب الله في مواجهة الهجوم الإسرائيلي.
قال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري إن الحرب الدائرة في غزة ولبنان لن تؤثر على الانتخابات التي ستجرى في موعدها. لكن نجاح هذه العملية سيعتمد في نهاية المطاف على نسبة إقبال الناخبين.
وأعرب زيباري عن أمله في أن تفرز الانتخابات “حكومة جيدة وكفؤة تقود إقليم كوردستان في سعيه لمواجهة تحديات المستقبل”.
وسادت التوترات في الحملة الانتخابية للحزبين، حيث انخرط المرشحون في خطابات نارية وتبادل الاتهامات مما خلق أجواء مسمومة سياسيا.
وقال الأكاديمي الكردي بهروز الجاف إن الانتخابات البرلمانية الكردية لا تزال تتأثر بالوضع السياسي الداخلي في العراق. ومن الممكن أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية رداً على ضربات الميليشيات العراقية المسلحة إلى تعريض إجراء الانتخابات للخطر، خاصة وأن مفوضية الانتخابات الفيدرالية هي التي تشرف على الاقتراع.
وقد يتحقق مثل هذا السيناريو الأسوأ إذا اندلع صراع شامل نتيجة لهجوم إسرائيلي واسع النطاق على إيران.
ويرى خبراء عراقيون وإقليميون أن الضغوط الدولية لعبت دورا في الدفع باتجاه إجراء الانتخابات في موعدها في إقليم كوردستان.
وبذلت القوى الغربية، بقيادة واشنطن، جهودا في بغداد وأربيل لتشجيع الأطراف المعنية على المضي قدما في الاقتراع المقرر.
ولا يستبعد الخبراء احتمال أن تكون الولايات المتحدة قد ساعدت في إقناع زعماء الحزب الديمقراطي الكردستاني بعدم مقاطعة الانتخابات.
وفي الوقت الحالي، هناك سبب لمراقبة الاقتراع عن كثب. “إن هذه الانتخابات ليست مجرد دورة أخرى في الحياة السياسية في المنطقة – مستقبلها
وقال ملادينوف إن كردستان العراق معلقة بالفعل في الميزان.
