سعى قائد المعارضة السورية حسن عبد الغني إلى طمأنة الأقليات الدينية يوم السبت بعد أن سيطر مقاتلون يقودهم إسلاميون على مدن رئيسية ومساحات من الأراضي من سيطرة الحكومة.
وجاءت تعليقاته على الإنترنت بعد ما يزيد قليلا عن أسبوع من الهجوم الخاطف الذي قادته الجماعة الإسلامية “هيئة تحرير الشام” ضد قوات الرئيس بشار الأسد، الذي شوهد آخر مرة في الصور التي نشرها مكتبه من اجتماع يوم الأحد. مع وزير الخارجية الإيراني في دمشق.
واعترف عبد الغني، وهو قائد كبير في تحالف المتمردين والمتحدث باسمه، في بيان على تطبيق تيليجرام بأن قوات المتمردين استولت على مناطق تعيش فيها “طوائف وأقليات دينية مختلفة”.
وقال “نطلب من جميع الطوائف أن تطمئن.. فعهد الطائفية والطغيان قد ولّى إلى الأبد”.
وتشمل المراكز الحضرية الرئيسية التي تم الاستيلاء عليها في الأيام الأخيرة مدينة حلب الثانية، التي تضم مجتمعاً مسيحياً، وحماة، التي تعد بلداتها القريبة موطناً لأعضاء الطائفة الإسماعيلية.
وحمص، حيث يواجه تقدم المعارضة مقاومة من الحكومة، هي أيضا موطن لأقلية كبيرة من العلويين الذين يشاركون الأسد في العقيدة.
لقد تعرضت الأقليات في كثير من الأحيان للاضطهاد على مدار الصراع الطويل في سوريا، ونفذت جبهة النصرة، سلائف هيئة تحرير الشام، والتي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، هجمات مميتة على العلويين في حمص في وقت مبكر من الحرب.
وعلى الأرض، أعلن الجيش السوري، السبت، أنه يعيد انتشاره في الجنوب، حيث فقدت الحكومة السيطرة على مدينة درعا الرئيسية، مهد انتفاضة البلاد عام 2011، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشاهد مراسل فرانس برس مقاتلين محليين يحرسون الممتلكات العامة والمؤسسات المدنية صباح السبت.
وفي منطقة وسط حمص، وهي ممر رئيسي إلى مقر السلطة في دمشق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية جلبت “تعزيزات كبيرة” وأوقفت تقدم المتمردين.
وجاء في بيان للجيش نقلته وسائل الإعلام الرسمية السورية أن القوات الحكومية “تعيد انتشارها وتعيد تموضعها” في محافظتين جنوبيتين، من بينهما درعا.
لكن المرصد والمتمردين قالوا يوم السبت إن القوات الحكومية لم تعد تسيطر على أي جزء من المحافظة.
وبينما استولى المتمردون بقيادة الإسلاميين على حلب وحماة، استولت الجماعات المسلحة المحلية على درعا، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له.
وفي وقت مبكر من يوم السبت، قال الجيش السوري إنه “بدأ في استعادة السيطرة على محافظتي حمص وحماة”.
– نداءات الإخلاء –
وتقع محافظة درعا على الحدود مع مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل، حيث قالت إسرائيل إنها تعزز وجود قواتها، والأردن، الذي حث مواطنيه في وقت متأخر من يوم الجمعة على مغادرة سوريا “في أسرع وقت ممكن”.
كما نصحت روسيا، الداعم العسكري المهم للأسد، والولايات المتحدة، التي لها قوات في سوريا كجزء من تحالف مناهض للجهاديين، رعاياهما بالمغادرة.
وأسفرت الحرب الأهلية في سوريا، والتي بدأت بقمع الأسد للاحتجاجات الديمقراطية، عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص وأجبرت أكثر من نصف السكان على الفرار من منازلهم.
وحقق التحالف الذي تقوده هيئة تحرير الشام مكاسب سريعة في الغرب منذ إطلاق هجومه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر.
وبحلول يوم الجمعة، كانت الحكومة تسحب قواتها أيضًا من دير الزور في الشرق، حيث قالت القوات التي يقودها الأكراد إنها تحركت للسيطرة على المنطقة.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام، المعروف باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، في مقابلة نشرت يوم الجمعة إن الهدف من الهجوم هو الإطاحة بالأسد.
وقال الجولاني لشبكة “سي إن إن” إن “هدف الثورة يظل هو الإطاحة بهذا النظام. ومن حقنا استخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
تعود جذور هيئة تحرير الشام إلى الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وقد سعت الحركة، التي تصنفها الحكومات الغربية كمنظمة إرهابية، إلى تحسين صورتها في السنوات الأخيرة.
وحث الجولاني، الذي زار قلعة حلب التاريخية يوم الأربعاء، مقاتليه على “تهدئة مخاوف شعبنا من كافة الطوائف”، في بيان على تطبيق تلغرام.
وأضاف أن “حلب كانت دائما ملتقى للحضارات والثقافات، وستبقى كذلك”.
وعبرت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تدعمها الولايات المتحدة وتسيطر على أراض في الشرق، عن استعدادها للحوار مع مقاتلي المعارضة المنافسين وتركيا، قائلة إن الهجوم يبشر بواقع سياسي “جديد” في سوريا.
– “سوريا لنا” –
دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى “حل سياسي للصراع” وحماية المدنيين والأقليات، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه الجمعة، في اتصال مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وزار فيدان قطر يوم السبت لإجراء محادثات بشأن سوريا مع نظيريه الإيراني والروسي.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني إن العالم “تفاجأ” من سرعة تقدم المتمردين، ودعا إلى “إطار سياسي” لمنع تصاعد العنف.
وقال أيضًا إن الأسد فشل في “بدء التواصل واستعادة علاقته مع شعبه” خلال فترة الهدوء التي شهدتها الحرب في البلاد.
وقتل ما لا يقل عن 826 شخصا، معظمهم من المقاتلين ولكن بينهم أيضا 111 مدنيا، منذ بدء الهجوم الأسبوع الماضي، وفقا لأرقام المرصد، في حين قالت الأمم المتحدة إن العنف أدى إلى نزوح 370 ألف شخص.
العديد من المشاهد التي شهدتها الأيام الأخيرة لم يكن من الممكن تصورها في وقت سابق من الحرب.
وفي حماة شاهد مصور وكالة فرانس برس سكانا يشعلون النار في ملصق ضخم للأسد على واجهة مبنى البلدية.
وقالت ميمونة جواد، وهي من سكان حماة: “دخل المتمردون حماة، وكان ذلك بمثابة فرحة كبيرة لنا، وهو أمر كنا ننتظره منذ عام 2011″، معربة عن أملها في أن “تحرر” القوات المناهضة للحكومة البلاد بأكملها.
وأظهرت لقطات على الإنترنت تم التحقق منها من قبل وكالة فرانس برس السكان وهم يسقطون تمثالا لحافظ والد الأسد، الذي ارتكب الجيش في ظل حكمه الوحشي مذبحة في المدينة في الثمانينات.
