تقف مئات الخيام المؤقتة في منطقة مقفرة عند سفح مستشفى الشفاء المدمر في مدينة غزة.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس من المستشفى أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص لجأوا إلى أراضيه بين أكوام الركام والنفايات بعد أن داهمت القوات الإسرائيلية المنشأة الطبية الشهر الماضي.
وتعرضت معداتها الطبية لأضرار جسيمة وأصبحت الآن غير صالحة للاستعمال تقريبًا.
الغذاء نادر أيضاً، لكن سكان غزة ما زالوا يأتون بحثاً عن الأمان القليل الذي يمكن أن يوفره المستشفى – الذي يفترض أنه محمي بموجب القانون الدولي – في ظل استمرار القصف.
وتحدثت وكالة فرانس برس مع سكان غزة الذين يفتقرون إلى كل شيء من حليب الأطفال إلى القماش المشمع للاحتماء من المطر والبرد.
وصل محمد دلول إلى الشفاء “بصعوبة بالغة” ووصف القصف وإطلاق النار في محيط المستشفى.
وقال الرجل البالغ من العمر 38 عاما، والذي فر مع زوجته وأطفاله الثلاثة، إن القصف المدفعي لم يتوقف منذ “عدة أيام”.
ولم يتمكن من أخذ أي شيء من منزله الواقع في حي الزيتون المدمر في الحي القديم بمدينة غزة.
وقال لوكالة فرانس برس “حياتنا أصبحت جحيما حيا، لا كهرباء ولا ماء ولا طحين ولا خبز ولا دواء للأطفال المرضى”.
وقال “كل ما يمكننا التفكير فيه هو البقاء على قيد الحياة”.
– مداهمة المستشفى –
وكان أكبر مستشفى في قطاع غزة المقصف قد تعرض بالفعل لضغوط هائلة في المراحل الأولى من الحرب، حيث تراكمت الجثث بعد نفاد الطعام والوقود وأدوية التخدير.
لكنها أصبحت محورًا رئيسيًا للهجوم البري الإسرائيلي، حيث زعمت إسرائيل أن حماس كانت تدير مركز قيادة أسفل المنشأة على الرغم من النفي المتكرر من مسؤولي المستشفى والجماعة الفلسطينية المسلحة.
في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، أثارت القوات الإسرائيلية استنكارا دوليا بشن غارة ليلية على الشفاء.
وتم القبض على عدة أشخاص، من بينهم مدير المستشفى، واستجوابهم.
ودعت إسرائيل الصحفيين لزيارة نفق قالت إنها عثرت عليه أسفل المجمع، لكن ما حققته في الغارة ظل غير واضح.
وبعد مرور أكثر من شهرين على الحرب، أسفر القتال عن مقتل ما لا يقل عن 17997 شخصا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وأثارت حماس الصراع بهجومها الأكثر دموية على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي قتلت فيه حوالي 1200 شخص واحتجزت حوالي 240 رهينة، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
– “الموت سيتبعنا” –
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يقدر بنحو 1.9 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، أي حوالي 80% من السكان، قد شردوا. ويتواجد العديد منهم الآن في الجنوب ولا تتوفر لديهم أماكن آمنة للذهاب إليها.
ويعتقد أن مئات الآلاف من النازحين ما زالوا موجودين في الشمال الذي يتعرض لقصف شديد.
وطلب الجيش الإسرائيلي يوم السبت مرة أخرى من السكان في الشمال الإخلاء إلى مناطق آمنة، لكن المنظمات الدولية أدانت عدم وجود مناطق خالية من القصف في الشريط الساحلي الضيق.
وقد تعرضت المستشفيات للقصف بشكل متكرر. أعلنت وزارة الصحة في غزة، الأحد، عن وقوع أضرار جراء قصف على المستشفى الميداني الأردني في مدينة خان يونس جنوب البلاد.
سكان غزة يائسون.
وقال سهيل أبو ضلفة إن عائلته لجأت إلى الشفاء بعد إصابة ابنه البالغ من العمر 20 عاماً عندما تعرض منزلهم لقصف متواصل في الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقال الرجل البالغ من العمر 56 عاما: “لقد قمنا بتركيب خيمة”. “لا نعرف ما إذا كانوا سيقتحمون الشفاء مرة أخرى، ولا يهم – أينما ذهبنا، سيتبعنا الموت”.
وكان رائد، الذي ذكر اسمه الأول فقط، ينام على بطانية قديمة تحت الدرج بالقرب من جناح الطوارئ السابق.
وقال إن أسرة الشاب البالغ من العمر 24 عاماً المكونة من تسعة أفراد لا تملك المال لشراء خيمة.
تنام شقيقته منال، البالغة من العمر ثماني سنوات، ورأسها على حزمة من الملابس.
وبجانبها، تراقب والدتهم زجاجة ماء وبعض الخبز والجبن.
