Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

الجزائر وعقيد مالي

لا تزال جرأة العقداء الحاكمين في مالي تثير العديد من التساؤلات، خاصة فيما يتعلق بطريقة تعاملهم مع جارتهم الأكبر الجزائر.

ويبدو أن الأمر ليس مجرد لحظة توتر عابرة. وبدلاً من ذلك، نشهد إعادة رسم الخريطة الإقليمية حيث تسارع النخب العسكرية الحاكمة في عواصم الساحل إلى إنهاء الأدوار التقليدية لدول المنطقة، مثل الجزائر. ويتم تشجيعهم في مساعيهم من قبل القوى الإقليمية والدولية.

وفي فترة قصيرة من الزمن، أصبحت الجزائر العاصمة، بطريقة أو بأخرى، جارة غير مرغوب فيها. تم تعبئة الرأي العام في منطقة الساحل ضد الجزائر بناء على طلب السلطات الجديدة في المنطقة.

تمسك المجلس العسكري الحاكم في مالي بموقفه تجاه الجزائر، بعد إعلانه انتهاء اتفاق السلام والمصالحة في مالي، ومواصلته اتهام الجزائر برعاية الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية.

وأكدت هذه المواقف أن العقيداء أصبحوا قوة دافعة في عملية إعادة رسم الخرائط في المنطقة والقارة الإفريقية برمتها.

ولو كانت التوترات مؤقتة لكان هناك حديث عن خلافات يمكن احتواؤها بالحوار أو الوساطة. لكن كل ذلك يشير إلى أن أزمة عميقة تتكشف، مما يجعل هذه التطورات نقطة تحول في صراع يستخدم فيه كل طرف كل الوسائل والإمكانات المتاحة له.

وعلى الجزائر، التي لها حدود برية بطول 2400 كلم مع أكبر دولتين في المنطقة، أن تستخدم كل الأوراق المتاحة من أجل تعزيز دورها وحماية مصالحها.

ويبدو أن الجزائر فوجئت بطريقة ما بالتحولات التي تحدث جنوب حدودها. ولم تكن هناك استعدادات ولا ترقب قبل التداعيات المتوقعة، رغم أن المؤشرات كانت تشير بوضوح إلى هذه التغييرات. وكان الروس ينقلون معركتهم مع الغرب من أوكرانيا إلى منطقة قريبة في منطقة الساحل. وشنوا ضمن هذا التحرك حملة رأي رسمي وعام في دول المنطقة ضد الوجود الفرنسي.

ونظرا لموقعها الجغرافي، فإن مصير الجزائر يرتبط ارتباطا وثيقا بالقارة الأفريقية. وينبغي للسلطات في البلاد أن تستخلص الاستنتاجات الصحيحة أو أن تسلم الشعلة للآخرين الذين هم أكثر قدرة على القيام بذلك. إن ضرورات الأمن والسيادة لا يمكن أن تحتمل الإهمال والتراخي.

ومن المرجح أن يصبح الوضع في مالي ومنطقة الساحل بشكل عام أكثر تعقيداً، مع تورط العديد من الجهات الفاعلة، علناً أو سراً. أما الروس، الذين يريدون تصفية حساباتهم مع الغرب في المنطقة، فلم يلتفتوا إلى مصالح الجزائر.

والصين أيضاً لا تمانع إذا استمر الجيش في حكم مالي أو المنطقة. وهي لا تهتم بما إذا كانوا يحاولون فرض انتخابات تعطي السلطة للمدنيين بقدر ما تهتم بمصالحها وتوسيع نطاق وجودها، حتى لو حافظت على علاقات خاصة مع الجزائر.

الأمر نفسه ينطبق على الأتراك. ولم تمنع الديناميكيات الاقتصادية والتجارية وعلاقات التعاون الثنائي التي تقيمها مع الجزائر أنقرة من إبرام صفقات أسلحة مع الجيش المالي وتزويده بالأسلحة والمعدات لخوض ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب. فالعقداء الذين يحكمون مالي، إلى جانب رفاقهم في النيجر وبوركينا فاسو، يحملون رؤية تعارض الأدوار التقليدية لدول الجوار والوجود الغربي في المنطقة.

وما كان العقيداء ليتصرفوا بمثل هذا الاندفاع والاستهتار لولا دعمهم العلني والخفي من قوى عازمة على خلط الأوراق ورسم خريطة جديدة غافلة عن مصالح الجزائر الطبيعية ودورها المتجذر في إفريقيا.

إن الرؤية المعيبة لصناع القرار الجزائريين دفعتهم حتى وقت قريب إلى وضع كل البيض في سلات محددة.

ويجب على صناع القرار إعادة كتابة استراتيجيتهم وإعادة النظر في العلاقات مع الحلفاء والشركاء الذين لم يأخذوا مصالحها في الاعتبار. ومن بين هؤلاء على وجه الخصوص الروس والأتراك.

ومن حسن حظ الجزائر أنها لا تزال تملك في يدها أوراقا مهمة واستراتيجية تسمح لها بالمناورة، بدءا بموقعها الجغرافي. وتمثل البلاد منفذاً أساسياً لدول المنطقة، كما ظهر ذلك خلال حظر الطيران العسكري الفرنسي منذ فترة. وأثر هذا الحظر على دور فرنسا وأنشطتها في مالي والنيجر.

كما تظل الفصائل الأزوادية المتمردة في شمال شرق مالي ورقة في يد الجزائر، باعتبارها مكونًا طبيعيًا ومشروعًا في التركيبة الاجتماعية لمنطقة الساحل، ولا يمكن تحقيق الاستقرار بدونها.

هذا بالإضافة إلى إمكانية استفادة الجزائر من مواقف مجموعة الإيكواس الرافضة للتحركات العسكرية في المنطقة.

والعامل الآخر هو انزعاج الأوروبيين والأميركيين من التحالف الذي عقده العقيد مع القوى الأجنبية المتنافسة على النفوذ والدفع بمصالحها في القارة الأفريقية. ومن المرجح أيضًا أن يكونوا حذرين من التداعيات المحتملة فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية والإرهاب والتهديدات التي تواجه مصالحهم الاستراتيجية.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

الخليج

أكد الوزراء وكبار المسؤولين والمعلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة أن قرار الرئيس الشيخ محمد بتخصيص يوم 28 فبراير يوماً للتعليم الإماراتي لا يؤكد...

دولي

غسيل معلق على حبل الغسيل في حديقة منزل بالقرب من مصنع تاتا للصلب في بورت تالبوت، ويلز، بريطانيا. – رويترز ستتوقف أكبر مصانع الصلب...

اقتصاد

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد. صورة من أرشيف رويترز قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، اليوم الاثنين، إن أوروبا بحاجة إلى بنوك...

الخليج

انطلقت يوم الاثنين 30 سبتمبر منصة جديدة تمثل أكبر قاعدة بيانات اقتصادية في دولة الإمارات. توفر منصة السجل الاقتصادي الوطني (النمو)، التي أطلقتها وزارة...

دولي

الصورة: رويترز قفز عدد القتلى من العاصفة القوية هيلين في الولايات المتحدة إلى 93 شخصًا على الأقل، حيث أبلغت مقاطعة واحدة في ولاية كارولينا...

اقتصاد

أعلنت شركة أدنوك للحفر ش.م.ع (أدنوك للحفر) اليوم عن إنشاء مشروع تيرنويل المشترك مع شركتي إس إل بي وباترسون-يو تي آي، وتسريع برنامج حفر...

الخليج

سيتم تحويل بعض خطوط الحافلات في دبي مؤقتاً بسبب أعمال الصيانة على جسر آل مكتوم، وفقاً لهيئة الطرق والمواصلات. لن تعمل هذه المسارات من...

دولي

ينطلق صاروخ SpaceX Falcon 9 حاملاً طاقم SpaceX Crew-9 التابع لناسا، ونيك لاهاي ورائد الفضاء روسكوزموس ألكسندر جوربونوف، إلى محطة الفضاء الدولية من محطة...